قال مصطفى الشكدالي، الباحث في علم النفس الاجتماعي، إن "خطورة التواصل الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي تكمن في كونها هي التي تتحكم فينا، لأنها توجهنا لحظة التسجيل بها من خلال إدخال معلومات منها ما هو حميمي كالحالة العائلية، ومنها ما يرتبط بالحريات الجنسية"، مضيفا أن "كل المفاهيم الكلاسيكية عرفت انقلابا، من قبيل مفهوم القرابة الذي لم يعد يهم لأن التواصل مع أشخاص آخرين هو المهم، وإن بروابط رقمية وليس بتلك المعروفة في المجتمع كروابط الدم والقرابة والصداقة وغيرها". وخلال محاضرة اختير لها عنوان "سيكولوجية الإنسان المرقمن، محاولة لبناء براديغمات جديدة"، نظمها مختبر العلوم الاجتماعية والتحولات المجتمعية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش، التابعة لجامعة القاضي عياض، اليوم الجمعة، أوضح الباحث ذاته أن "مفهوم المجتمع التقليدي انتهى، لأن وظيفة التنشئة الاجتماعية تغيرت عما طرحته سوسيولوجيا دوركايم، فالتفرد انتفى أمام الكونية، التي تكرس أنماط حياة جديدة تجمع بين المقدس والمدنس، فالحساب على منصة التواصل الاجتماعي يضم صورة للفتاة أو الشاب في وضعيات متناقضة تجمع بين العري واللباس". وتابع الشكدالي قائلا، أمام ثلة من الأساتذة الجامعيين والطلبة الباحثين والمهتمين، إن "منصات التواصل الاجتماعي مكنت من تطابق الأشخاص رغم اختلاف مجتمعاتهم المحلية، لأنها توجههم من خلال الخوارزميات إلى إنتاج مضامين معينة، تبرز أداءهم النفسي وعرض رغباتهم وفق ما تفرضه تلك الخوارزميات، مما تنتج عنه إعادة تشكيل نماذج، لأن منصات التواصل الاجتماعي تعزز التصرفات وفق ما تريده". وحسب الأستاذ المتخصص في علم النفس الاجتماعي، فإن "الناس يتوهمون أن العالم الرقمي افتراضي، بينما هو في الحقيقة تواجد عن بعد، لأن الفرق في المسافة الجغرافية فقط. أما على مستوى التواصل فيتم عبر الشبكات الاجتماعية عن قرب، ويتناول أحيانا مواضيع "طابو" لا يمكن الخوض فيها وسط الأسرة أو الأصدقاء، لأن العالم الرقمي يتيح الدخول متنكرا، حتى إن كان باسم حقيقي". ولتوضيح تأثير التكنولوجيا الرقمية، قدم الشكدالي نماذج للإنسان المرقمن قائلا: "تتيح هذه الشبكات فرصة البحث عن مزيد من الشهرة، ونيل إعجاب الجانب الآخر، والتذاكي، والرغبة الحقيقية في التغيير، وعرض صورة الجسد، وتغيير وظيفة المرآة في علم النفس، من خلال عرض صورة جديدة عن الذات بأشكال متعددة، وعودة المكبوت من خلال عرض الرغبات، وهكذا تتشكل الهوية الاجتماعية الرقمية"، مستدلا بالقاموس الذي يستخدم اليوم من قبيل: "فلاشي" flacher و"فورماتي" formater.