أطلق عبد الصمد بلكبير، بصفته أستاذا ومدير مجلة "الملتقى"، عريضة أطلق عليها اسم "الهوية الوطنية"، ردا على دعوات الناشط الجمعوي نور الدين عيوش المرفوعة إلى الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للتعلِيم، عمر عزيمان، والقاضية باعتماد الدارجة كلغة في المدرسة المغربية، ونزع الطابع الديني عن التعليم الأولِي في المملكة. وقال بلكبير، ضمن ذات الوثيقة التي تتوفر عليها هسبريس، إنه "أثناء انشغال الوطن بأولوياته المصيرية، يُطل فجأة ومُجدّدا رأس الشر الفرنكوفوني، وبعد تدبير بِلَيل، داعيا إلى الفتنة الثقافية واللغوية مدخلا إلى تعميم الفتنة المشرقية في المغرب، في إشارة إلى قضية الدعوة إلى استعمال الدارجات المحلية العربية والأمازيغية في التعليم، وفصله عن الأخلاق الإسلامية" وفق تعبير بلكبير. وأضاف الأكاديمي المغربي أن "الحزب الفرنكوفوني إياه، يخترق سريا الإدارة والمجتمع، مكرسا بذلك تراثه الاستعماري المَقيت. والذي أدَّى الشعب المغربي أثمانا فادحة قتلا وتخريبا وتفقيرا واعتقالا ونفيا قبل التخلص منه، معتبرا أن الشعب المغربي قد قرَّر مَصيره اللُّغوي والثقافي منذ مئات السنين، وعلى أيدي مؤسسي دوله العظام يوسف ين تاشفين، المهدي بن تومرت وأحمد المنصور وتم ذلك قبل وجود الدول الاستعمارية إياها". بلكبير اعتبر أن دعوات استعمال الدارجة في التعليم المغربي التي أطلقها نور الدين عيوش "ذريعة نحو فصل المغاربة عن تاريخهم وتراثهم وقِيَمهم وذاكرتهم ورُموزِهم، وذلك بفصلهم عن القرآن الكريم المنزل باللغة العربية الفصحى، وفصلهم عن بقية مقوِّماتهم ومكوناتهم، سواء في المغرب الكبير أو المشرق، وبذلك يتكرس ضعفهم واستضعافهم وعزلهم وإعادة استعمارهم بإرادتهم، فضلا عن تشتيتهم بين لهجات عربية وبربرية، وإذن بين دويلات تتعدد بتعدد اللهجات كما حاول الاستعمار بالأمس. وكما يحاول اليوم في ليبيا والعراق ومصر وسوريا واليمن.. وذلك بتعميق التفرقة الطائفية أو المذهبية أو القبلية أو الجهوية أو القومية... هنالك، واللغوية هنا، الحرب الناعمة والفوضى العارمة" وفق صياغة العريضة. وخلُص صاحب المبادرة إلى أن "ما سبق ذكره هو السبب وراء التماطل في تنفيذ ظهير تأسيس أكاديمية اللغة العربية، ونشر الدارجة في الإعلام والاتصال والثقافة، وتشتيت إرادة الشعب دستوريا باسم الحكامة، وتوسيع مفهوم الجهوية من الاقتصاد والإدارة إلى الثقافة، واصطناع التناقض بين الشقيقتين العربية والأمازيغية، وفرض الحرف الفينيقي بدل العربي لكتابتها، إلى جانب الضجة الأخيرة حول أزمة التعليم ووزارته، والتشويه المنهجي للعربية في الإعلام والاتصال.. فالمستهدف الحقيقي اليوم من هذه الدعوة الاستعمارية القديمة والمغرضة هو استقرار المغرب، الذي لا يقدر بثمن وشغله عن قضيته المصيرية والتي توجد اليوم في مفترق طرق". ويرى بلكبير أن "ذات الدعوات طعْنٌ وليست رأيا.. فلا يجوز تمرير الخيانة تحت لافتة وجهة نظر". موضحا أنه لا شرعية لأي "رأي" تُبديه جهة ما في هيأة حزبية أو نقابية وطنية، مخالف لمواقف مؤسسيها من أمثال علال الفاسي والمهدي بنبركة والمحجوببدون عقد مؤتمر وطني خاص بالموضوع. كما أنه لا حق لوزارة أو غيرها في القرار، بدون الرُّجوع إلى الشعب واستفتائه. الأستاذ الجامعي، يرى أن الإفشال المدبر للتعليم العمومي في المغرب وتفشي الأمية والنخبوية والهدر البشري والمالي، تقع مسؤوليَّته على الفرنكوفونية وسياساتها التَّخريبية والعدمية والاستتباعية بقصد "الإقناع" بمثل هذه "الحلول" الإجرامية، معتبرا أن دارجات "الأزقة الخلفية" التي يدعون إلى نشرها على الأطفال المغاربة في التعليم، هي نفسها التي يُعاني من قذاراتها المواطنون من خلال بعض إذاعات "هم" وأفلام"هم" وأغاني"هم" الساقطة والممولة للأسف من عرق جبين الكادحين المغاربة. وختم عبد الصمد بلكبير عريضته بالقول " إن من يستهتر بماضيه، خاصة إذا كان ماجدا، يفرط في مستقبله، ويغذي ظواهر التطرف كرد فعل. والتضحية بالفصحى هي تضحية بالوحدة والسيادة وتكريس لوضع التبعية وسيادة الفرنكوفونية، ولم يتحرر شعب ولم تتقدم دولة بغير لغتها الوطنية الفصحى الموحًّدة والموحِّدة بما في ذلك الشعوب والدول حديثة العهد في التاريخ والحضارة". إلى ذلك دعا بلكبير إلى عقد مؤتمر لجميع الوطنيين حقا، تُبادر إليه الجمعيات المدنية والأهلية، مع الإسراع بتأسيس أكاديمية اللغة العربية، وتقنين عدم تعيين المطعون في وطنيتهم أو ذمتهم أو أهليتهم على رأس المؤسسات الدستورية. مطالبا بتحمل الحُكومة ورئيسها لمسؤولياتها في الموضوع. و ضرورة بناء ضريح المؤسس العظيم يوسف بن تاتشفين المخرَّب حاليا بهدف مقصود يتجلى في التطبيع مع الإهانة والعدمية الوطنية والتاريخية.