الفكرة وراء الفيديو الذي اشتهر على الانترنت بعنوان: "لا امرأة، لا قيادة"، "نو وومن، نو درايڤ"، جاءت للكوميدي السعودي، هشام فقيه، وهو يستحم. كان يغني أغنية "بوب مارلي" الشهيرة "نو وومن، نو كراي"، بمعنى "لا امرأة يجب أن تبكي"، وبدأ بصياغة الأغنية على النحو الذي اشتهرت به لاحقا.. وبعد بضعة أشهر، حين بدأ موقع تويتر يضج بقضية حظر النساء في المملكة العربية السعودية من قيادة السيارة، وخلال تصاعد المظاهرات المناهضة للمنع في 26 من أكتوبر، قرر فقيه واثنان من أصدقائه إنتاج شريط الفيديو للأغنية تزامنا مع الاحتجاج. فكرة الفيديو وفي النهاية، استطاعت 60 امرأة فقط تحدي الفكر المحافظ "المتطرف" لرجال المملكة السعودية وقيادة السيارة، لكن في المقابل، اشتهر الفيديو، بأغنية "الريكي" المشحونة بانطباعات ساخرة سياسية، في جميع أنحاء العالم بما يقدر 3 مليون مشاهدة في وقت قياسي. فقيه التقط بالتمام ما يحصل في واقع المجتمع والحياة السعودية من أشياء غير معقولة. لا يوجد أي قانون في القرآن، ولا في الدين يمنع المرأة من سياقة السيارة، لكنهن لا يستطعن الحصول على ترخيص قيادة في السعودية. وقبل أيام من السادس والعشرين من أكتوبر، أصدرت وزارة الداخلية بيانا يفي بأن قوانين البلاد "تحظر أي نشاط يعكر السلام العام"، كاتهام مباشر موجه للنساء السائقات في الماضي. وتؤدي القيادة دون رخصة في المملكة السعودية إلى غرامة تصل إلى 900 ريال، أي ما يقارب 240 دولار، ما لم يمنع بعض النساء من القيادة كونهن يحملن رخص سياقة أجنبية. وفي الوقت الذي أصدرت فيه الحكومة السعودية تحذيرات قاسية إلى المعارضين السياسيين، أو الداعمين للسائقات، لم تسجل أية اعتقالات أو غرامات، ولم يتم التبليغ عن أي مخالفات. يقول الممثل الكوميدي الشاب إنه لا يخشى شيئا على الإطلاق، وأنه حتى الآن لم يحظ إلا بالحب والتشجيع على شريط الفيديو الذي صور حول القضية، من الجميع، ابتداء بالجدات السعوديات إلى محبي موسيقى "الجاز" بنيويورك، فقد لقي، كما يضيف، قبولا عند الناس، إذ أن الكل فهم المنطق في كلمات الأغنية. مسار فقيه يبلغ "فقيه" من العمر 26 سنة، ولد في الرياض، واكتشف موهبته في إضحاك الناس بعد انتقاله إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية في سن المراهقة. لكنها كانت طريقا جد صعبة، إذ أنه التحق بالثانوية في ولاية "فلوريدا" بعد عام واحد فقط من الحادي عشر من شتنبر، مما جعل بينه وبين زملائه الأمريكان قطيعة، إذ كان الأمر أشبه بكره عام للإرهابيين، كره عام لأسامة بن لاد"، كره عام لكل شخص ليس بأبيض البشرة، كما يتذكر. لكنه أصر على تكملة مشواره، وجعلت منه تلك التجربة الرجل والكوميدي القوي الذي يمثل اليوم. اختار "فقيه" دراسة الدين والشرق الأوسط في جامعة ولاية "فلوريدا". عمل في تطوير التعليم لفترة من الوقت في "رواندا" بأفريقيا، ثم اشتغل بالمركز الإسلامي في مجلس الشؤون العامة بواشنطن العاصمة، حيث أتم دراسة حول الهوية المدنية للمسلمين بأمريكا. حينها بدأ بموازاة مع عمله يجرب موهبته في الكوميديا، وهو مجال سريع الانتشار، ويعرف كثيرا من المنافسة بالولاياتالمتحدة. مجال، كما يقول، أرغمه على الخروج من قوقعة التحفظ التي كان يعيش داخلها، ومناقشة كثير من الطابوهات علنا. يقول "فقيه" إنه يأتي من عائلة ملتزمة محافظة، ولكنها دائمة الدعم لأعماله وللمواضيع التي يناقش، لا سيما الفيديو الأخير، الذي أثار ضحكات أخته الصغرى وإعجاب والده. رغم أن الفيديو كما يصفه: "أرعن"، ويحمل الكثير من الهجاء الساخر الحاد، لكن الأمر طبيعي كون الأسباب التي تجعل من السعوديين المتشددين يمنعون النساء عن القيادة أسباب سريالية، غير منطقية ولا دينية، بل فقط ادعاءات باطلة وغبية تجلب السخرية، كمن يقول إن القيادة تلحق الضرر بأجهزة المرأة الإنجابية، "المبيضين"، فيغني "فقيه" في الفيديو: "لا المرأة لا قيادة، حتى تتمكني من إنجاب الكثير من الأطفال". ويقوم "فقيه" في أغنيته بمحاكاة كلمات أغنية "بوب مارلي"، "قدماك هما وسيلة النقل الوحيدة التي تملكين، لكن فقط داخل البيت، وحين أقول ذلك أعنيه". في إيحاء إلى القوانين التي تحرم المرأة من أشياء مبنية على الثقافة الذكورية السعودية لم يحرمها منها الإسلام في عهد الرسول محمد، مثل العمل، والذهاب لفتح حساب مصرفي، أو خضوع بعض الإجراءات الطبية في المستشفى، أو قضاء حوائج يلزمها للقيام بها موافقة وصي ذكر، حتى إن كان ابنها الأصغر. يقول "فقيه"، وهو يقتبس مقولة للكاتب "جورج أورويل": "كل نكتة هي ثورة صغيرة"، ويضيف: "ثورة اجتماعية لأجل انتقاد ظواهر والدفع بها إلى التغيير، وأيضا هي ثورة سياسية، والآن في المملكة السعودية، كلاهما موجود لكن على مقاييس جد صغيرة".