على غير المعتاد، تشهد أغلب جهات المغرب، منذ دجنبر وإلى غاية اليوم، طقسا حارا غير عادي بات يهدد الفلاحة في المناطق البورية والسقوية أيضا؛ وهو ما يبرز بشكل جلي عدم انتظام الفصول كنتيجة واضحة لتغير المناخ. في موسم شتاء عادي تكون درجات الحرارة منخفضة وتتساقط الأمطار بشكل مستمر في شهري دجنبر ويناير؛ لكن الملاحظ اليوم أن أغلب مناطق المغرب تشهد درجات حرارة مرتفعة تصل إلى 26 درجة، وغيابا تاما لتوقعات تفيد بقدوم الأمطار. وحسب حميد صبري، فلاح من إقليمقلعة السراغنة، فإن الطقس الحالي يؤثر على الفلاحة، وبشكل أساسي على زراعة الحبوب التي تحتاج في البداية إلى طقس بارد نسبيا ثم إلى أمطار في مرحلة النمو. وذكر صبري، في تصريح لهسبريس، أن غياب التساقطات المطرية يؤثر على الزراعات البورية كما السقوية، مشيرا إلى أن عدم سقوط الثلوج بكثافة يضعف عملية تجديد الفرشة المائية وبالتالي نقص مستوى الآبار والسدود الموجهة إلى الاستغلال الفلاحي. من جهته، قال عبد الرحيم كسيري، المنسق الوطني للائتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة، إن ما يعيشه المغرب حاليا طقس غير عادي؛ وهو ما يؤكد أن اختلال الفصول مستمر بشكل كبير. وذكر كسيري، في حديث لهسبريس، أن التغيرات المناخية أصبحت واقعا، بامتداد فصل الصيف إلى نهاية السنة على حساب فصل الشتاء؛ وهو ما يؤثر على دورات نمو النباتات والفلاحة والحياة بشكل عام. أمام هذا التغير المناخي، أكد المتحدث ذاته على أهمية قدرة البلاد على التكيف مع التغيرات المناخية في جميع مناحي الحياة من أجل الصمود أمام الأزمات؛ مثل قلة الماء التي تسبب الجفاف أو كثرتها التي تنتج عنها الفيضانات، إضافة إلى الحرائق بسبب ارتفاع درجات الحرارة. وأورد المنسق الوطني للائتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة أن المغرب اعتمد مخططا وطنيا للتكيف؛ لكن لم يتم تفعيله على أرض الواقع. في هذا الصدد، دعا كسيري إلى مواكبة الفلاحين من خلال البحث الزراعي وتشجيع الممارسات والزراعات المتكيفة مع التغير المناخي، مستحضرا في الآن ذاته مسؤولية دول العالم في عدم تطبيق اتفاق باريس للمناخ، وقال إن المغرب يجب أن يعمل إلى جانب الدول الإفريقية للحديث بلغة أخرى أمام الدول الكبرى المسؤولة عن التغيرات المناخية. وحسب معطيات وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، فإن سيناريوهات التغيرات المناخية تشير إلى أن مناخ المملكة المغربية سيصبح قاحلا أكثر بسبب قلة التساقطات المطرية وارتفاع درجات الحرارة والظواهر الطبيعية الحادة المتكررة. وسيواجه المغرب تأثيرا سلبيا على الموارد المائية والتنوع البيولوجي وكذا على المشهد الفلاحي؛ وهو ما يفرض تكثيف جهود تدبير وعقلنة استعمال مياه السقي، وتوسيع المساحات المغروسة بالأشجار المثمرة بهدف الرفع من القدرة على امتصاص الكربون.