خصصت الصحف الأوروبية الصادرة اليوم الجمعة معظم تعاليقها لفضيحة اكتشاف أنشطة التجسس التي تمارسها الوكالة الامريكية للأمن القومي على الدول الاروبية ، وللقمة الاروبية التي انعقدت يومي الاربعاء والخميس ببروكسل، إضافة إلى اعتزام مجموعة من الوحدات البحرية الأميركية تقودها حاملة الطائرات "نيميتز"، التوجه الى البحر المتوسط في الأسابيع القليلة المقبلة. ففي بلجيكا واصلت الصحف تعاليقها على قضية تنصت الوكالة الامريكية للأمن القومي على المكالمات الهاتفية بأروبا ، حيث كتبت صحيفة (لوسوار) ان التجسس ارتبط منذ فجر التاريخ بممارسة السلطة ويتم القيام به اليوم من قبل الجميع متسائلة حول من يقود اليوم عملية التجسس في امريكا ومن يسير وكالة الامن القومي هذه الهيئة التي تبدو مفصولة عن السلطة السياسية بدون اهداف واضحة ولا مراقبة. من جهتها اعتبرت (لاليبر بيلجيك) انه يتعين على الامريكيين التوقف عن معاملة حلفائهم الاروبيين بحذر ذلك انهم ليسوا هم الذين يقفون وراء التسريبات التي تمس بالأمن الوطني للولايات المتحدة بل مواطنان امريكيان هما الجندي برادلي منين الذي سرب وثائق ويكيليكس والعميل السابق لوكالة الامن القومي ادوار سنودن مؤكدة انه حان الوقت لكي يحدد القادة الاروبيون مع الامريكيين قواعد اللعب التي يتعين احترامها. في السياق نفسه كتبت صحيفة (لاكروا) الفرنسية ان الامريكيين ليسوا الوحيدين من بين الامم الديموقراطية الكبرى الذين يمارسون التجسس مشيرة الى ان التصدي للإرهاب اتاح منذ 2001 توسيع فضاءات المراقبة من قبل الولايات المتحدة وعملائها. من جهتها اعتبرت صحيفة (ليبراسيون) ان ردود فعل الدول ال28 التي اجتمعت الخميس في بروكسيل قد تظل حبرا على ورق الا اذا تم التوصل الى اتفاق لحماية المعطيات، مشيرة الى أن الاتحاد الاوروبي على غرار بلدان العام لا يتوفر على الوسائل القانونية لمنع التجسس وان الاجراء الوحيد الذي يمكن اللجوء اليه هو التجسس المضاد. من جانبها أشارت صحيفة (لوفيغارو) الى ان التجسس بطبيعته هو نشاط يتجاوز القوانين لكن ذلك لا يمنع من وضع اجراءات له بين الحلفاء مضيفة أن "الاستثنائية الامريكية " ليس بالضرورة استثناء للقاعدة. وفي البرتغال كتبت صحيفة (بوبليكو) أن فضيحة تجسس الوكالة الامريكية للأمن القومي قد تكون وقعت ضحيتها المستشارة الامريكية انجيلا ميركل متسائلة حول موقف الدول الاوروبية من هذه المسألة خلال اجتماعها في بروكسيل ، فيما وصفت صحيفة (ال) عملية مراقبة هاتف المستشارة الالمانية بانها "حرب باردة جديدة بين اروبا والولايات المتحدةالامريكية". من جهتها اتهمت صحيفة (الغارديان) البريطانية وكالة الأمن القومي الأمريكي بالتنصت على الاتصالات الهاتفية ل 35 من القادة السياسيين في مختلف أرجاء العالم، وذلك استنادا إلى وثائق نشرها العميل السابق للوكالة إدوارد سنودن الذي لجأ في وقت سابق إلى روسيا. وأضافت الصحيفة أن موظفين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع سلموا لوكالة الأمن القومي أرقام 35 مسؤولا أوروبيا رفيعا، موضحة أن عمليات التنصت الهاتفي لم تسفر عن الحصول على كثير من المعلومات الاستخباراتية المهمة. ومن جهتها قالت صحيفة (الديلي تلغراف) أن قضية التنصت الأمريكي ما فتئت تعرف تطورات مثيرة، وذلك في وقت اعلنت فيه ألمانيا عن صدمتها بعد الكشف عن تعرض الهاتف المحمول للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للتنصت من طرف وكالة الأمن القومي الأمريكية. واعتبرت الصحيفة أنه لا يتعين على المستشارة الألمانية أن تتفاجأ بخصوص مراقبة اتصالاتها الهاتفية خاصة وأنها كانت قد أجازت في وقت سابق القيام بعمليات مماثلة. ومن جانبها، عبرت صحيفة (الفاينانشال تايمز) عن تأييدها لاتخاذ قرارات أوروبية لمنع شركات الانترنت الأمريكية من الانخراط في برامج التجسس والمراقبة التي تقوم بها الحكومة الأمريكية. أما الصحف السويسرية فتساءلت من جانبها حول قدرة الدول الاوروبية على التحرك هذه المرة بشكل موحد حيث اعتبرت (لاتريبون دو جنيف) ان الاوروبيين لم يبرهنوا حتى الان عن الوحدة في مواجهة الممارسات التجسسية للامريكيين ذلك وبكل بساطة ان التجسس يمارس ايضا بين الاوروبيين. اما صحيفة (لوتون) فتطرقت الى دعوات النواب الاوروبيين لاتخاذ اجرءات عقابية ضد الحليف الامريكي فيما اعتبرت صحيفة (24 ساعة) ان هذا الموضوع يكتسي حساسية كبيرة وقد يوجه ضربة قوية لمناخ الثقة بين بروكسيلوواشنطن، مشيرة الى ان ادارة اوباما التزمت الصمت حتى الان ازاء تساؤلات كل الاطراف بخصوص هذه القضية. أما صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" الالمانية فاعتبرت أن تسلل الأمريكيين المحتمل إلى خط المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل يعد " إهانة لا مثيل لها" ولا يضر فقط بالعلاقات الألمانية الأمريكية ، ولكن أيضا بالعلاقات الأمريكية مع الاتحاد الأوروبي. من جهتها كتبت صحيفة "فرانكفورتر روندشاو" أنه عند العودة إلى الوراء وخلال الأشهر القليلة الماضية فإنه " من الصعب تصديق غضب الحكومة الاتحادية من برنامج التجسس (بريزم) لوكالة الأمن القومي الأمريكية" مشيرة إلى أنه أصبح واضحا وبشكل متزايد الرصد الشامل الذي تقوم به الوكالة الأمريكية. واعتبرت الصحيفة أن إرسال المستشارة في وقت سابق لوزير الداخلية هانز بيتر فريدريش إلى واشنطن لم "يكن كافيا" لمعالجة هذا الملف الذي تتوقع أن يأخذ وقتا طويلا. وانتقدت صحيفة "زود دويتشه" المستشارة ميركل التي في رأيها لم "تحاول بكل قوتها" معالجة الأضرار التي لحقت بالشعب الألماني من خلال عمليات التجسس ، و"لم تأخذ على محمل الجد" المعلومات التي أكدت رصد أجهزة الاستخبارات الأمريكية لبيانات المواطنين الألمان. واعتبرت أن قراءة في جل التصريحات التي أدلت بها الحكومة في الأشهر السابقة عقب كشف عمليات التجسس تبين أن على حكومة ميركل أن "تخجل" الآن. وتعتقد صحيفة "هاندلسبلات" أن الأسواق الحرة ، والتبادل الحر للأفكار قضايا تتطلب الثقة ليس فقط بين الشركاء التجاريين ، ولكن أيضا بين أعضاء الحكومات معتبرة أن حكومة باراك أوباما اليوم على المحك وكان عليها أن تدرك منذ فترة طويلة خطر تداعيات هذه القضية.وأشارت الصحيفة إلى أن كبح جماح وكالة الأمن القومي الأمريكية التي لا تتوقف "لم يعد أمرا سهلا حتى على الأمريكيين أنفسهم". وفي اسبانيا قالت صحيفة (إلباييس) إن "الولايات المتحدة تتنصت على هواتف 35 من قادة العالم"، مشيرة إلى أن وكالة الأمن القومي الأميركية تنصتت على مكالمات أعضاء الحكومة الإسبانية، بحسب وثائق سربها إدوارد سنودن التقني السابق بهذه الوكالة، واللاجئ حاليا بروسيا، والذي أثارت تسريباته "أزمة دولية حقيقية". وأكدت اليومية الإسبانية أن وكالة (ناسا) تجسست من جهتها على إسبانيا، مضيفة أن ما تخشاه الحكومة الإسبانية "أن يكون أحد أهداف الوكالة الأمريكية رئيس الحكومة ماريانو راخوي". ومن جهتها ذكرت صحيفة (إلموندو) أن الحاسوب المحمول الخاص بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل كان مراقبا من طرف واشنطن لنحو 14 سنة، مشيرة إلى رد فعل انجيلا ميركل التي حذرت الرئيس باراك أوباما مؤكدة "أن التجسس بين بلدان صديقة وحليفة أمر غير مقبول". وأضافت اليومية أن رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي أصدروا أمس الخميس بيانا أكدوا فيه على أنه يتعين أن تقوم العلاقة بين الولايات المتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي "على الاحترام والثقة، بما في ذلك بين مصالح الاستخبارات". أما صحيفة (أ بي سي) فأوردت أن القمة الأوروبية التي انطلقت أمس الخميس ببروكسل تحولت إلى "قمة للتجسس"، مشيرة إلى أن هذا الاجتماع ناقش قضية الهجرة "لكن الكشف مؤخرا عن تنصت الولايات المتحدةالأمريكية على المكالمات الهاتفية للمستشارة الألمانية هيمن على النقاشات بين القادة الأوروبيين". وفي ايطاليا اعتبرت الصحف ان اكتشاف انشطة التجسس الامريكية من شأنه ان "يسمم" العلاقات بين الولايات المتحدة واروبا مشيرة الى أن ايطاليا كانت ايضا هدفا لأنشطة التجسس الامريكية. وقالت (الميساجيرو) في هذا الصدد ان الحكومات الايطالية و35 من الزعماء السياسيين والعسكريين على الصعيد العالمي كانوا هدفا لأعمال التجسس الامريكية، مشيرة الى انه لم يتم في هذه القضية خرق قواعد القانون الدولي فحسب بل ايضا الحقوق الاساسية للمواطنين ،فيما اعتبرت (ايلكورير ديلاسيرا) انه اذا ارادت الدول الاوروبية البرهنة على نوع من الصرامة فان عليها تجنب الاخطاء نفسها التي ارتكبت في الماضي واظهار احترام اكثر للرأي العام. وفي موضوع آخر كتبت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية تحت عنوان "القوات البحرية الأمريكية تقلص تهديدها للسلطات السورية" ان مجموعة من الوحدات البحرية الأميركية تقودها حاملة الطائرات "نيميتز"، ستغادر البحر المتوسط في الأسابيع القليلة المقبلة، متوجهة إلى القاعدة البحرية الأمريكية في المحيط الهادئ في برمرتون. وأضافت الصحيفة ،أن رئيس أركان القوات البحرية الأمريكية الأميرال جوناثان غرينرت قال للصحفيين أن حاملة الطائرات "نيميتز" المتواجدة في شرق البحر المتوسط، والمدمرتين الصاروخيتين "وليام لورانس"و "ستوكديل" المرافقتين لها، "تشكل تهديدا حقيقيا للسلطات السورية". صحيفة " كاميرسانت" قالت إن النشاط الدبلوماسي الامريكي يواجه انتقادات متزايدة من حلفائه ففي محاولة لإيجاد حل للمشاكل السورية والإيرانية، قد يفقد الرئيس باراك أوباما اثنين من الشركاء الرئيسيين في المنطقة، المملكة العربية السعودية وإسرائيل ،حيث كشف اجتماع روما بين وزير الخارجية الامريكية جون كيري ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو خلافات عميقة جدا حول الطريقة التي سيتم بها التعامل مع المشكلة الايرانية. فالولايات المتحدة ، تضيف الصحيفة، مستعدة للذهاب الى حل وسط مع طهران ومناقشة الظروف للحفاظ على برنامجها النووي التي تطالب اسرائيل بتوقيفه. أما صحيفة "كومسومولسكايا برافد " فقد واصلت تحقيقها بشأن وصول كميات كبيرة من الأوراق النقدية بقيمة إجمالية مقدارها 20 مليار يورو إلى موسكو في سنة2007. وأكد مسؤول سابق في جهاز أمن الدولة ، للصحيفة ، وصول تلك الكمية من النقود من مدينة فرانكفورت الألمانية، وبقائها في موسكو، وأن لا أحد يعرف مالكها ولماذا وصلت إلى موسكو.