لم تستغرق السلطات الإقليمية لمدينة خريبكة وبعض الفاعلين الجمعويين والشركاء سوى 6 أشهر لإخراج مشروع "مركز دفء للإسعاف والإدماج الاجتماعي"، الذي يستهدف الأشخاص في وضعية صعبة، إلى حيز الوجود، بعدما كان المستهدفون من هذه المبادرات يستفيدون من بعض الخدمات الاجتماعية بمركز للاستقبال بالملعب البلدي لمدينة خريبكة. ويهدف هذا المشروع، الذي تسهر على تدبير شؤونه "جمعية أولاد البلاد للإسعاف الاجتماعي"، إلى تنويع الخدمات بحسب وضعية كل نزيل، خاصة ما يرتبط بالإيواء من موجات البرد، والنظافة، والمأكل والمشرب والملبس، والتطبيب، والدعم الاجتماعي الرامي إلى حل المشاكل التي تجعل كل نزيل يلجأ إلى الشارع. وأوضح عبد الجليل جعداوي، رئيس جمعية أولاد البلاد للإسعاف الاجتماعي، أن "المركز الجديد جاء ثمرة لمجهودات 5 سنوات من العمل في الميدان، حيث تبين خلال السنة الماضية أن المجهودات المبذولة أسفرت عن تسجيل صفر وفاة في صفوف الأشخاص بدون مأوى بمدينة خريبكة، في الوقت الذي تسجل وفيات ضمن هذه الفئة المجتمعية على المستويين الوطني والدولي". وأضاف المتحدث، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "جمعية أولاد لبلاد للإسعاف الاجتماعي تحرص على إخراج المركز من الطابع المقتصر على الإيواء وتوفير المأكل والمشرب للأشخاص في وضعية صعبة إلى تمكين النزلاء وعابري السبيل من حقهم في النظافة والتطبيب والدعم النفسي والاجتماعي، في أفق إدماجهم في المجتمع بطريقة أو بأخرى". وشدد جعداوي على أن "عامل الإقليم نجح في تسريع وتيرة خروج هذا المشروع إلى حيز الوجود، من خلال توفير المبادرة الوطنية للتنمية البشرية اعتمادات مالية لبناء المركز في حي راق، وتجهيزه بالمتطلبات الضرورية لاستقبال المستفيدين من خدماته، إضافة إلى المساهمة التي قدمها التعاون الوطني لتجهيز المركز". واقترح رئيس الجمعية على المؤسسات المعنية التفكير في طريقة لتشجيع الساهرين على رعاية المراكز الاجتماعية، من خلال تقديم تحفيزات وجوائز لأحسن مدينة ترعى وتعتني بهذه الفئة المجتمعية، خاصة تلك التي تسجل صفر متشرد في الشارع أو صفر وفاة خلال الفترات الباردة من السنة. وعن الصعوبات التي تواجه العاملين في المركز، قال عبد الجليل جعداوي: "ليس هناك عمل إنساني بدون إكراهات"، مضيفا أن "المقر متوفر في حلة متميزة، كما أنه مجهز بالشكل المطلوب من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والتعاون الوطني، لكن حان الوقت لكي يدخل مختلف الشركاء الآخرين على الخط، كالمجمع الشريف للفوسفاط على سبيل المثال". ونبه رئيس جمعية أولاد البلاد للإسعاف الاجتماعي إلى أن "الجمعية ستحصل قريبا على رخصة الرعاية الاجتماعية من المصالح والوزارة المعنية، وهي بذلك لا تبحث عن الموارد المالية الصرفة، لكنها تأمل النجاح في إنشاء مشاريع مدرة للدخل، من أجل ضمان موارد دائمة لتوفير متطلبات المركز، وعدم الاقتصار على الدعم الذي تقدمه الجهات المسؤولة". وفي هذا السياق، أكد الفاعل الجمعوي ذاته على أن "المركز يضم 10 موظفين رسميين، بعدما تبين عدم فعالية الاعتماد التام على المتطوعين، وذلك من أجل ضمان النظافة والمأكل والتأطير والدعم بشكل دائم، مما سيساعد في تحقيق الرعاية للمستفيدين ثم إدماجهم، من خلال حل مشاكلهم وإعادتهم إلى أسرتهم أو ضمان مداخيل يعولون بها أنفسهم ويساهمون بها في تنمية مجتمعهم". وختم عبد الجليل تصريحه لهسبريس بالتأكيد على أن "الجمعية تهدف من خلال مجهودها إلى إخلاء الشوارع والأزقة من المشردين من جهة، والعمل مستقبلا على إفراغ المركز من النزلاء بشكل تام، ليس بمعنى التخلص منهم بأي طريقة، لكن بحل مشاكلهم وإدماجهم في المجتمع". يشار إلى أن عددا من الفنانين بمدينة خريبكة نظموا قبل أيام قليلة زيارة جماعية إلى مركز دفء للإسعاف والإدماج الاجتماعي، من أجل الاطلاع على الخدمات التي يوفرها، وتفقد أحوال النزلاء به، وتشجيع الساهرين على تدبير شؤونه والتعريف به على المستويين المحلي والوطني.