ما كادَ يخبو صدى الشعارات التي ردّدها الاتحاديون داخل القاعة المغطاة لمركب مولاي عبد الله بالرباط، خلال التظاهرة التي نظمها حزب الوردة احتجاجا ضد "الابتزاز السياسي والتفقير الاجتماعي الذي تنهجه الحكومة"، حتى تعالت أصوات آلاف المحتجّين، من الأطر العليا المعطّلة وهيآت سياسية ونقابية، وشباب حركة 20 فبراير، لمطالبة حكومة عبد الإله بنكيران بتوفير مناصب الشغل للمعطلين أو الرحيل عن التدبير. المسيرة المنظّمة من طرف تنسيقيات الأطر المعطلة، بمناسبة اليوم الوطني للمعطّل، آزرتها عدد من الهيآت، النقابية والحقوقية والسياسية، حيث شارك في المسيرة، حزب النهج الديمقراطي، والاتحاد الوطني لطلبة المغرب، الذراع الطلابي لجماعة العدل والإحسان، التي سبق لشبيبتها أن أعلنت في بيان سابق نزولها إلى الشارع لمساندة المعطلين، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ونقابتا الاتحاد المغربي للشغل والمنظمة الديمقراطية للشغل. وظهر جليّا، منذ البداية، أنّ الهاجس الأمني سيطغى على المسيرة الاحتجاجية، خصوصا بعد المواجهات التي اندلعت بين قوات الأمن والمعطلين قبل أسبوعين أمام وزارة التربية الوطنية، والتي استعملت فيها الحجارة؛ فقبل موعد انطلاق المسيرة من ساحة باب الحدّ بساعة، كان عدد من عناصر الأمن بزيّ مدنيّ يراقبون ما يجري في الساحة، فيما كانت عناصر أمن أخرى تقوم بآخر الترتيبات لأخذ مكانها أمام البرلمان، وبالقرب من المديرية العامّة للأمن الوطني، ومنتهى شارع محمد الخامس، قرب محطة القطار الرباط-المدينة، إذ ناهز عدد عناصر الأمن التي أطّرت الوقفة 500 عنصر، موزّعة بين الشرطة والقوات المساعدة. في حدود الساعة العاشرة والربع بدأت حناجر المحتجّين في ساحة باب الحدّ تصدح بأولى الشعارات، وكان مصدرها من الحلقة التي شكّلها شباب حركة 20 فبراير، مدعومين من طرف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والنهج الديمقراطي، فيما كان أعضاء الاتحاد الوطني لطلبة المغرب يردّدون شعارات في الجهة المقابلة، ومناضلو الاتحاد المغربي للشغل في مكان آخر من الساحة. عناصر الأمن بالزيّ المدني، بينهم منتمون لاستعلامات الإدارة الترابية، حرصوا على تسجيل الشعارات التي كان صداها يتردّد وسط الساحة، بواسطة الكاميرات، وهو ما جعل المشاركين في "حلقية" حركة 20 فبراير يتخلون عن شعار "الشعب يريد إسقاط المخزن"، الذي كانوا يردّدونه، يوجّهوا انتقاداتهم إلى عناصر الشرطة التي كانت تصوّر الوقفة، بشعار "مالك على تبركيك أمسخوط" و "كرامتو دارها فالشواري باش يجيب التبركيكة". في حدود الساعة الحادية عشرة وعشر دقائق انطلقت المسيرة الاحتجاجية من ساحة باب الحدّ، في اتجاه مقرّ البرلمان، عبر شارعي الحسن الثاني ومحمد الخامس، حيث كال المشاركون في المسيرة سيْلا من الانتقادات للحكومة، ولرئيسها عبد الإله بنكيران، وحزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة. في بداية شارع الحسن الثاني، وقف المشاركون في المسيرة دقيقة صمت ترحما على أرواح "الشهداء" من المعطلين، الذين تصدّرت صورهم وأفراد عائلاتهم المسيرة، وإلى جانبهم أعضاء التنسيقية الوطنية للمكفوفين المعطلين، قبل أن تنطلق المسيرة. وعلى الرغم من أنّ شعار المسيرة الرسميّ كان يتمحور حول التشغيل، إلا أنّ المشاركين في المسيرة رفعوا شعارات مندّدة بتدبير الحكومة للمجال الاجتماعي بشكل عامّ، حيث انتقدوا إقدامها على تطبيق نظام المقايسة الذي أفضى إلى الزيادة في أسعار المحروقات، واصفين الحكومة ب"حكومة الديبناج" و "حكومة زيرو"، وهو الوصف ذاته الذي طال حزب العدالة والتنمية، الذي يقود الحكومة. إلى ذلك، وصف البيان الصادر عن اللجنة التنظيمية للمسيرة وضعية المعطلين بالمزرية، والتي كانت، يضيف البيان "نتاج السياسات الفاشلة التي نهجتها الحكومات المتعاقبة، وكرّستها الحكومة الحالية التي أزّمت الوضع الاجتماعي، نظرا لغياب إستراتيجية واضحة في تدبير ملف التشغيل"، ويضيف البيان الذي تُلي في ختام المسيرة الاحتجاجية أنّ المسيرة تأتي "كمحطّة تاريخية لتعميق وحدة حركة المعطلين لتأسيس جبهة موحدة لانتزاع حق الشغل، ضدا على كل القوانين الرجعية التي يسعى النظام من خلالها إلى الزحف على المكتسبات التاريخية لنضالات حركة المعطلين".