حضر السيد رئيس الحكومة، عبد الإله بن كيران، يوم أمس الخميس 12 شتنبر، إلى الندوة التي عرض فيها السيد وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، مضامين ميثاق إصلاح العدالة،الذي أعدته اللجنة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة في المغرب..ورغم المحاولات التي قام بها السيد رئيس الحكومة، لتفادي أسئلة الصحفيين كما تناقلت ذلك عدة مواقع الكترونية، اضطر في الأخير إلى إعطاء تصريح مقتضب جدا لوسائل الإعلام قال فيه حرفيا: "حقيقة، لدي تقريبا تصور كامل للحكومة، لكن لا تنسوا أن الذي يعين الحكومة هو جلالة الملك، لقد استقبلني جزاه الله خيرا يوم الإثنين، وتباحثنا بشكل طبيعي في الموضوع، لأنه هو الذي يعين الحكومة، ولأنه قبل أن أعرضها عليه لكي يعينها، لا بد وأن تكون لديه فكرة أساسية حول ما فيها، ثم يختم تصريحه بالعبارة التالية" انتهى الكلام". ظاهريا، يبدو أن كلام السيد رئيس الحكومة، عبد الإله ابن كيران، كلاما واضحا ولا لبس فيه من الناحية اللغوية، لكن، إذا حاولنا تأمل نفس الكلام من الناحية السياسية لفهم مغزاه الدستوري العميق، سيصبح مما لاشك في ذلك، كلام الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، السيد عبد الإله ابن كيران، غير واضح تماما، ويحتمل أكثر من قراءة أو تأويل سياسي ودستوري. بالعودة إلى تصريح السيد رئيس الحكومة، المشار إليه أعلاه، يتضح، بأن السيد عبد الإله ابن كيران، ذكر في تصريحه الصحفي المركز جدا، كلمة التعيين 3 مرات. وفي كل مرة، يحيل رئيس الحكومة على صلاحية التعيين التي يقتسمها مع الملك بموجب الفصل 47 من الدستور الذي ينص حرفيا في فقرتيه الأولى والثانية على ما يلي: " " يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها. ويعين أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها." مضمون الفقرتين واضح بما يكفي ولا يحتمل أي تأويل دستوري أو سياسي خاطئ، حيث أن الملك يعين أعضاء الحكومة باقتراح رئيسها، والرئيس في هذه الحالة، هو السيد عبد الإله ابن كيران، الذي ينبغي عليه، ألاّ يرمي بالكرة في ملعب الملك، وأن يتحمل كامل مسؤوليته الدستورية والسياسية فيما سيتم الكشف عنه في القادم من الأيام بشأن نتائج مشاورات تشكيل الحكومة في نسختها الثانية. لماذا يريد رئيس الحكومة التنصل من صلاحيته الدستورية الواردة في الفقرة الثانية من الفصل 47 بشكل لا لبس فيه؟ الملك يعين بناء على اقتراح السيد رئيس الحكومة، وهذا الأخير، ينبغي عليه، أن يحترم صلاحيته الدستورية التي تمنحه حق الاقتراح، وألا يستهين بذكاء المغاربة وبقدرتهم على فهم الأشياء واستيعابها بشكل سليم. تلويح السيد رئيس الحكومة للصحفيين، بأن الملك هو المسؤول الأول والأخير عن تعيين الحكومة، سيفهم على أنه تفريط في صلاحياته الدستورية، وعودة لروح الدساتير، التي نسخ دستور فاتح يوليوز2011 الكثير من أحكامها الدستورية، في إطار التجاوب الملكي السريع مع مطالب حركة 20 فبراير. المسؤولية في تعيين أعضاء الحكومة، مسؤولية مشتركة بين رئيس الحكومة، الذي يتمتع دستوريا بسلطة المبادرة في اقتراح من وقع الاتفاق على استوزراهم في إطار المشاورات السياسية بين الأحزاب التي ستتشكل منها الحكومة المقبلة، وبين الملك، الذي يخول له الدستور أيضا صلاحية التعيين بناء على الاقتراح الرئاسي دون أن يوضح النص الدستوري طبيعة الموقف الذي سيتخذه الملك تبعا لذلك الاقتراح. هل هو التزكية أم الرفض؟ يبدو بأن الأمور من الناحية الدستورية واضحة تماما ولا تطرح أي إشكال في هذا الصدد. كما أتمنى، بألا يكون تكرار جملة أن الملك هو الذي يعين أعضاء الحكومة، في التصريح الصحفي الذي أدلى به السيد رئيس الحكومة، أمرا مقصودا، حتى لا نفاجئ مستقبلا، بقيادات حزب العدالة والتنمية، تتبرأ من مسؤولية التعيين الحكومي، أو تبرر فشلها السياسي لا قدر الله ونحن لا نتمنى لها ذلك من صميم القلب، بوقوف أيادي خفية وتماسيح وعفاريت وراء ذلك. انتهى الكلام.