عين الأمين عام للأمم المتحدة بان كي مون مؤخرا الأندونيسي الميجور جنرال "إمام ايدى موليونو" من اندونيسيا قائدا لبعثة الأممالمتحدة إلى لصحراء خلفا للبنغلاديشي الميجور جنرال عبد الحفيظ، الذي انتهت فترة عمله في الثالث والعشرين من يوليو الماضي. غير أن هذا الخبر الذي لم يجد طريقه إلى الإعلام الرسمي يطرح تساؤلات عميقة حول طبيعة التنسيق المغربي مع مسؤولي بعثة الأممالمتحدة ّ"المينورسو"، على اعتبار أن تقاريرهم تكون حاسمة في بناء توجهات الأممالمتحدة حول ملف نزاع الصحراء، وكذا في التقارير التي يعدها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، وأثر ذلك على الصيغة النهائية للتقرير الذي يصدره مجلس الأمن الدولي حول الحالة في الصحراء خلال كل شهر أبريل فضلا عن أهميتها في إعداد تقارير خاصة كالتقرير الذي أنجزه كريستوفر روس وتقدم به كإفادة إلى مجلس الأمن الدولي في أبريل الفائت. إن أهمية جودة التنسيق مع أعضاء بعثة المينورسو ضروري للغاية أولا للتشاور معهم في أفق التوافق على تفسيرات مشتركة لحدود إختصاصات عملهم وضبط تحركهم وفق المخول لهم في المنطقة، ذلك لأن العديد من اجتهادات اعضاء بعثة المينورسو قد تم لضعف في التواصل، ومن تلك الأحداث قرار السلطات المغربية طرد أعضاء من البعثة كانوا يلتقطون صورا بميناء الداخلة. ودلت كل القراءات إلى أن أعضاء البعثة قاموا بالكثير من التحركات غير المحايدة ومن خارج الإطار القانوني الذي يضبط مهام أعضاء البعثة، وفي ذلك يمكن الإشارة إلى تسجيل فيديوهات يظهر فيه أحد أفراد بعثة المينورسو وهو يحرض شباب صحراويين بمخيمات البوليساريو ضد المغرب، ويحفزهم على العنف. كما أن توسيع أعضاء البعثة من أنشطتهم وتحركاتهم في الصحراء، متماهين مع تحركات انفصاليي الداخل، هو ما ترجمته البعثة بتوسيع مجالات تحرك أعضائها إلى مدن أخرى في الصحراء كالسمارة والداخلة حيث ترافق ذلك مع زيارة مبعوث الأممالمتحدة إلى الصحراء كريستوفر روس. والحق أن رصدا لمسار عمل رؤساء وفود بعثة المينورسو تكشف في غالب الأحيان أنهم كانوا يحملون أفكارا مسبقة في غير صالح الموقف المغربي، وقد عكستها تحركاتهم وتصريحات الصحفية. ومنها مواقف رئيس بعثة "المينورسو" السابق المصري عبد العزيز هاني وعلى نفس نهجه سار الألماني فيبر خلال ولايته الحالية بالصحراء. وقد تبين أنه هناك عملية شحن حقيقية يساهم فيها عدد من رؤساء بعثة المينورسو، ومنها الحملة التي قادها المصري هاني عبد العزيز ضد الموقف التفاوصي المغربي، بحيث لم يكن يخفي تعاطفه الكبير مع أطروحة جبهة البوليساريو والجزائر خلال الفترة الأخيرة من ولايته. بل إنه زار المخيمات في نهاية مهمته بالمنطقة، وطلب الإذن من عبد العزيز المراكشي للسماح له بالمغادرة، كما عبر خلال انتهاء اللقاء عن تقديم ما أسماه كامل تحياته لما سماه "الشعب الصحراوي". ومما لا شك فيه، فإن التقارير المنحازة التي دونها هاني عبد العزيز للأمم المتحدة هي التي وجهت رؤية كريستوفر روس خلال زيارته الأخيرة إلى الصحراء، ولا سيما فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان، وهذا الإنحياز تجسد جليا في مجمل تصريحاته، يبدي فيها تأييده لمقولات تقرير المصير بالمعنى التي تريده الجزائر والبوليساريو. حيث سبق له أن أبدى أسفه لطول أمد النزاع وحالة الانسداد التي عرفتها المفاوضات، وأكد بأنه سيقوم بنقل الانطباعات التي كونتها إلى كل من الأمين العام الأممي، وزاد بالقول في أحد التصريحات أن بعثة الأممالمتحدة ملتزمة بتطبيق الاستفتاء في الصحراء، على الرغم من أن كل القرارات الأممية الأخيرة قد اقتنعت باستحالة تطبيقه. والحالة هذه، فإن واقع الحال يطرح على دبلوماسيتنا مدى قدرتها على تفعيل أساليب جديدة للتنسيق مع القائد العسكري الجديد للبعثة الميجور جنرال إمام ايدى موليونو، على الأقل لضمان حد معقول من الحياد في إعداد تقارير بعثة "المينورسو" إلى الصحراء. *متخصص في قضايا الصحراء والشؤون المغاربية