مع تصاعد التهديدات باحتمال توجيه ضربة عسكرية لسوريا، على خلفية اتهام النظام السوري باستخدام السلاح الكيمياوي، خلال الهجوم الذي استهدف غوطة ريف دمشق، في 21 غشت الماضي، تتوارد أنباء عن تزايد تهريب الأموال من سوريا إلى الخارج، إلى مصارف لبنانية، حيث يقوم رجال أعمال وتجار مقربين من النظام بتهريب اموالهم، فضلاً عن أموال ضباط كبار إلى بعض المصارف العربية. وكان للبنان حصة الأسد من هذه الأموال، مع انتقال عائلات بعض المسؤولين العسكريين والأمنيين في النظام السوري إليه مع أموالهم، وليس آخرهم اللواء جامع جامع رئيس فرع المخابرات الجوية في حلب، وهو الشخص الذي كان يشغل منصباً قيادياً في فرع الأمن والاستطلاع في بيروت أيام وجود الجيش السوري في لبنان. وفي ظل تدهور الأوضاع في سوريا وشعور الكثير من أصحاب رؤوس الأموال، الذين يشكلون حاضنة لنشاطات النظام "التشبيحية"، بمختلف ابعادها، بأن النظام دخل مرحلة الشلل السياسي والاقتصادي، فإنهم قاموا بتحويل السيولة لديهم إلى دولارات والانتقال بها خارج البلاد قبل فوات الأوان، متوجهين إلى دول الجوار في المرتبة الأولى ودول الخليج كبديل آخر. وتفيد مصادر مطلعة لبنانية، أن السفير السوري في لبنان يساعد في تهريب أموال سورية إلى دول أوروبية، تحت غطاءات عدة، مستعينا بحلفاء النظام السوري في لبنان وعلى رأسهم حزب الله. وأفاد سمير سعيفان، الخبير الاقتصادي السوري، أن تهريب الموالين للنظام السوري للأموال ليس أمرا جديدا، كونهم يمارسونه من فترة ليس بالقصيرة، وبدأ بالازدياد مع بداية الحراك الشعبي في سوريا، ويعتقد أن أركان النظام هربوا مبالغ كبيرة إلى روسيا بالدرجة الأولى، إيمانا منهم بأنها قد لا تخضع للضغوط أو العقوبات التي تؤثر على أموالهم في حال سقوط النظام. وأضاف سعيفان أن النظام يعتبر تهريب المقربين منه للأموال تخل عنه، إلا أن أنه بات أميل إلى التكيف مع الأمر، لدى قياسه مع تلاشي أحلامه بإعادة السيطرة على البلاد، أو تشكيل كيان مستقل له في ظل التهديدات الأميركية الأخيرة، مشيرا إلى أن الحلقة الضيقة المحيطة بالنظام قد تصمد إلى النهاية، إلا أنها متحسبة وقد أخفت أموالها بطريقة ما. واوضح أن النظام أصدر العديد من القوانين التي تحد من تهريب الأموال في الفترة الأخيرة، وأغلق على إثرها عدد من مكاتب الصرافة، وفرضت قيود شديدة في هذا الإطار إلا أنها وكمان كان عليه الحال دوما في سوريا، لم تحل دون حدوث التهريب، لافتا إلى أن كبار رجال الدولة والمقربين من النظام أنفسهم يخرقون هذه القوانين، على رأسهم عائلات متنفذة مثل مخلوف، وشاليش، فضلا عن عائلة الأسد. وبيّن سعيفان أن المسؤولين السوريين لم يكونوا يحتفظون بأموالهم في سوريا، وهي موجودة في أماكن مختلفة كالنمسا، وسويسرا، ولبنان، وعبّر عن اعتقاده بأنه في السنتين الأخيرتين قاموا بتحويل أموالهم إلى روسيا، ودفعوا رشاوى كبيرة إلى مسؤولين روس، قد يصلون إلى مستوى مسشارين محيطين بالكرملين والرئيس الروسي، فلاديميربوتين. ولفت إلى أن الكثير من المسؤولين كانوا يحتفظون بأموالهم نقدا في منازلهم، وهؤلاء مضطرين لتعاون بعض المصارف في الدول المحيطة، وهي غالبا لبنان، وإلا فإن الأمر صعب كون المبالغ تصل إلى مئات الملايين وبعضها إلى المليارات مشيرا أن الأمر بات اكثر صعوبة بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان عام 2005.