"إن الأمم تداوي جراحها..بينما نحن نمسك بالمُدى لنوسع الجرح ونجعله ينزف.. وينزف ..حتى يغرقنا بدماء العار.." إيمان السباعي نبكي، ونحن نُتابع نشرات الأخبار عبر الفضائيات.. نتألم، ونحن نرى جثث أطفال ونساء ورجال وشيوخ مُتناثرة هنا وهناك، تبث وقت الفطور أو الغذاء أو العشاء.. قد نُعلق على هذه المشاهد المؤلمة، وقد نصمت من شدة الألم، لكن أبدا، لا نتوقف عن مضغ الطعام بتلذذ.. لم تهزنا دائما فظاعة القتل المستمر، ونظل نسأل بعضنا : هل سمعت الخبر؟ هل تم قتل ألف أو ألفين أو ثلاثة آلاف؟ وكأننا نتبادل التهاني، أو نتابع برنامج من سيقتل المليون؟ في صَبيحة يَوْم من أيام غشت الحزينة، تابع ملايين المشاهدين، جُثثا أغلبها لأطفال سوريين، تمت تصفيتهم بدوم بارد، بأسلحة كيماوية دون رحمة أو شفقة، وبمجرد نقل هذا الخبر المُؤلم، تقصفنا المحطات التلفزية بأخبار مصر، التي أشعل في ميادينها النار، مُجرم إسمه السيسي، الذي طلع قبل أسبوع على قنوات الإعلام المصري الرسمي، يَحلف بأغلظ الأيمان، بأنه لا يسعى إلى حكم مصر، وفي جميع كلامه رَقْصُ"على وحدة ونص". وبُمَنَاسبة الحديث عن الرقص، ولأن إسم هذا الانقلابي الدموي، على وزن إسم الراقصة المصرية المعروفة "في في عبده"، تخيلته في كلمته التي يَتَوَجه فيها بجزيل شُكْره لبعض دُوَل الخليج التي "وقفت" معه في محنته، وهو يواجه وابلا من الاحتجاجات التي عمت ميادين ومصر ضد انقلابه العسكري على الشرعية، (تخيلته)، راقصة جديدة تُدعى "سي سي"، كلما حركت أردافها أكثر، كلما شتت المُتحلقون من أهل الخليجي حول خصرها المهزوز، المزيد من الأوراق المالية. الراقصة الواعدة، التي تتماهى مع شخصية الفتاة الأمريكية "لولا" التي سافرت إلى مصر لتتعلم الرقص، في فيلم نبيل عيوش، "تتحير" على إيقاع أوتار حادة تذبح الوطن من الوريد إلى الوريد، وترقص على جراح أبناء الوطن الذين كل ذنبهم الدفاع عن الشرعية، والمُطالبة بعودة رئيس مُنَتَخَب بطريقة ديموقراطية، إلا أن الراقصة "سي سي"، تحزمت جيدا، ووضعت أذنا من طين وأخرى من عجين، وقررت الرقص دون توقف، وإلى جانبها يجلس ضابط إيقاع، أشيب اسمه حازم (سروالو) الببلاوي، وضارب طبل، يُدعى البرادعي، (قلب البردعة) هرب في منتصف الحفلة التنكرية الدموية، وفي الجهة الأخرى يقف جمهور غَفير يُسمى المجتمع الدولي، من حين لآخر عندما يتفاعل مع رقصات "سي سي"، يستنكر قليلا، ظهور هذه الراقصة، بملابس غير مُحتشمة، ثُم سُرعان ما ينخرط أهله في مُتابعة عُروض غَير مَسبوقة في الرقْص الشرْقي على جراح مفتوحة لأم الدنيا، المحروسة/المحروقة مصر، حتى تنال "لولا كل ما تريده"، في انتظار منحها جوائز الأوسكار.