ووري جثمان الفقيه العلامة مولاي أحمد المحرزي أبي عبيدة، الشهير في المشرق العربي والعالم الإسلامي ب"المراكشي"، عصر الأحد، الثرى بمقبرة الرحمة التي توجد على طريق الحي الصناعي سيدي غانم بمقاطعة المنارة مراكش. وكان الراحل، الذي بلغ من العمر عتيا، يعالج بالمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش، إثر إصابته بوباء "كوفيد- 19′′، حيث قضى أياما يتلقى العلاج، غير أن ذلك لم ينفع مع قضاء الله وقدره. وعجت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعازي في وفاة مولاي أحمد المحرزي، من شمال المملكة المغربية وجنوبها، وأيضا من المشرق العربي الإسلامي، لما كانت تتميز به هذه الشخصية المراكشية، التي رسخت العلم الشرعي لدى فئات كثيرة من الناس، من خصال. كما تميز الراحل خلال حياته بالتواضع ونكران الذات، وكان بحرا في العلوم العقلية والنقلية، وأيضا في اللغة العربية والنحو والصرف والبلاغة والشعر. وكان أبو عبيدة راسخا في العلم وعصامي المعرفة، عاشقا للبحث والتنقيب وجمع المعلومة. تميزت حياته كلها بالحديث في علم أو تقليب كتاب أو التجول في مكتبة. كما كان مبدعا في تفسير القرآن الكريم، وهذا يدل على الاستمرار في التجديد والتجويد والتنقيب، مما جعل شخصيته، التي هامت في محبة المصطفى وسنته، تجذب القاصي والداني. تتلمذت على يد العلامة الراحل أجيال من المراكشيين، حفظا للقرآن الكريم، وتعلما لفروع العلم الشرعي بمسائله ومنهجيته، ودراسة لعلم القراءات لأن المرحوم كان ملما بعلم الرسم القرآني، ويحفظ أشهر ما نظم فيه، مع إتقان التلاوة. كما كانت له عناية فائقة بعلم التجويد، ويحفظ أجمع ما نظم فيه، ويحفظ في الفقه المختصر الخليلي والمرشد المعين لابن عاشر، ويستحضر كتب ابن عبد البر وشروح المختصر كمواهب الحطاب، وشروح الرسالة لابن أبي زيد، مع تعلق قلبه بالمغني لابن قدامة والمحلى لابن حزم. وكان أبو عبيدة من العلماء الأوائل في القرن 20 الذين رسخوا العلوم الشرعية في طلبة الحديث وفقهه، خاصة فتح الباري للعسقلاني والنيل للشوكاني والسبل للصنعاني، وكتب الشيخين ابن تيمية وابن القيم، ولا يفتي إلا بالدليل ولا يستدل إلا بالثابت، ويرى أن التقليد والتعصب المذهبي شؤم على الأمة، وأن الواجب الرجوع إلى الكتاب والسنة الثابتة وما كان عليه الصحابة في الأصول والفروع. وقد كان في حياته زاهدا في الماديات، رغم ما بلغه من مدارج السالكين في العلم، حتى ذاع صيته في المغرب والمشرق، لرجاحة عقله وفهمه وفكره، إذ كان يدعو إلى الوسطية، ويربي على الحكمة، ويثني على كل عمل خير بغض النظر عن فاعله.