المشاهدات: 10٬640 هوية بريس – د. حميد العقرة الإثنين 20 يوليوز 2015 بلغني (أمس) وفاة والدة العلامة أبي عبيدة مولاي أحمد المحرزي المراكشي حفظه الله، وكانت وفاتها يوم الأحد 2 شوال 1436 بعد صلاة الصبح. نسأل الله أن يتغمدها بواسع رحمته ويبرد مضجعها ويسكنها الفردوس الأعلى، ويرزق ابنها العلامة مولاي أحمد وأهلها الصبر والسلوان. وبهذه المناسبة نعرف بهذا العلم ابنها العالم الجليل. هو العلامة مولاي أحمد المحرزي أبو عبيدة بحر في العلوم العقلية والنقلية، يحفظ في كل فن أصلي أو آلي أشهر منظوماته مع فهم ثاقب لكل شاردة وواردة حوله، وإن تكلم في فن ظننت أنه لا يتقن الا هذا الفن، فإن ذكرت اللغة العربية فهو أبو بجدتها والحائز قصب سبقها في النحو والصرف والبلاغة والشعر -الذي يحفظ فيه دواوينه على اختلاف عصرها بل وشعراء عصرنا- وكذا العروض، ويحفظ الالفيات التي نظمت في ذلك كله. وأما القراءات فهو دانيها مع الإلمام بعلم الرسم القرآني ويحفظ أشهر ما نظم فيه مع إتقان التلاوة وعناية فائقة بعلم التجويد ويحفظ أجمع ما نظم فيه. وأما الفقه فيحفظ المختصر الخليلي والمرشد المعين لابن عاشر ويستحضر كتب ابن عبد البر وشروح المختصر كمواهب الحطاب وشروح الرسالة لابن أبي زيد مع تعلق قلبه بالمغني لابن قدامة والمحلى لابن حزم. وحبب إليه الحديث وفقهه خاصة فتح الباري للعسقلاني والنيل للشوكاني والسبل للصنعاني وكتب العلامة محمد ناصر الدين الألباني دون استثناء، بل بلغني أنه لما بلغه وفاة الألباني حزن حزنا شديدا أياما وكان الخبر مؤلما بالنسبة إليه. ولما زار الشيخ الألباني المغرب كان مرافقه في رحلاته الشيخ أبو عبيدة ، وكلما وفَد وفْد على الشيخ الألباني بسوريا أو الأردن إلا ويسألهم عن الشيخ أبي عبيدة. وأما كتب الشيخين ابن تيمية وابن القيم فمنها يغترف وبها يلهج حفظه الله. ويعظم القرآن الكريم تعظيما قل نظيره وكذا السنة المشرفة وفتاوى الصحابة رضي الله عنهم، ولا يفتي إلا بالدليل ولا يستدل إلا بالثابت، ويرى أن التقليد والتعصب المذهبي شؤم على الأمة، وأن الواجب الرجوع إلى الكتاب والسنة الثابتة وما كان عليه الصحابة في الأصول والفروع. وقلبه معلق بالكتب ومكتبته خير دليل، فلا يشبع من اقتنائها ولا ينكف عن جمعها مع الاطلاع الواسع والمدهش سواء مضمون الكتاب أو طبعاته مع بيان الأجود من غيره حتى أصبح مرجعا في هذا حفظه الله. وهو صاحب فكاهة على طريقة المراكشيين من ذلك أنه قيل له حقق لنا الكتاب الفلاني، فقال: "أنا لا أحسن إلا تحقيق ساعتي". وهذا يدل على تواضع جمّ، ولا يحب الأضواء، وبعيد عن الشهرة، ويهاب الإلقاء واللقاء، كما قال عن نفسه في بعض كلماته. وأما عن كرمه للضيف فحدث عن الحفاوة والجود ولا حرج ، يكرم ضيفه بكل ما عنده، ومن غريب ذلك يضع أمامك كل ما يجده من مأكول في البيت فيضع أمامك اللحم مع الفاكهة مع الحليب ووووو كل ما يجده يضعه أمام ضيفه يختار ما يشاء. ونفسه معلقة بالحج والعمرة ومجاورة البيت الحرام. هذا غيض من فيض في حق هذا العلَم المغمور في بلدنا، وهو متوقف عن الدروس على ما اختار لنفسه والله أعلم بعذره حفظه الله. لكن إن سألته سألت البحر الحبر الذي قل نظيره في هذا الزمن. هذه كلمات قلتها في حق هذا الشيخ رغم أن مجالساتي له قليلة وأعلم أنه يكره مثل هذا الثناء والمدح. لكن تعريفا للأمة به. وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. محاضرة للشيخ حفظه الله: