انتقد محمد بن عياد، سفير الجمهورية التونسية بالمغرب، ردود فعل حركة النهضة بقيادة زعيمها راشد الغنوشي، بعد القرارات التي اتخذها الرئيس قيس سعيد؛ وأبرزها تجميد البرلمان وإقالة رئيس الحكومة. وقال السفير التونسي بالرباط، في حواره مع جريدة هسبريس الإلكترونية، إن "المتضررين من التدابير الاستثنائية التي قررها رئيس الجمهورية هم المستفيدون من إضعاف الدولة وهم المستفيدون من شل المؤسسة القضائية عن القيام بعملها في إنفاذ القوانين وهم المتسترون على الفساد والمفسدين". ونفى الدبلوماسي التونسي أن تكون قرارات قيس سعيد ناتجة عن مخططات خارجية، وأكد أن "تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة شديدة التعلق باستقلالية قرارها الوطني، ولا تقبل أي نوع أو أي شكل من أشكال التدخل الخارجي في شؤونها الوطنية الداخلية". إليكم نص الحوار: ما خلفيات قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد؟ بداية، أشكر جريدة هسبريس الإلكترونية على إتاحة هذه الفرصة وأحيي كل متابعيها وقرائها. كما أغتنم هذه المناسبة لكي أجدد التهاني لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، ولكل الشعب المغربي بالذكرى الثانية والعشرين لعيد العرش. نعلم مقدار محبة المغاربة لتونس؛ وهو شعور متبادل ومتأصل بين الشعبين اللذين تجمعهما علاقات لا تبلى من الأخوة والتعاون والتضامن والثقة والاحترام. في جواب عن سؤالكم، يوم 25 يوليوز الماضي، اتخذ السيد رئيس الجمهورية قيس سعيد قرارا بتفعيل الفصل 80 من الدستور التونسي، وذلك بتجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن كل أعضائه وإقالة رئيس الحكومة، ثم ترأس السلطة التنفيذية للإشراف على النيابة العامة؛ وهي إجراءات استثنائية لمدة 30 يوما حسب منطوق الفصل المذكور سيتم خلالها تنصيب حكومة جديدة تتولى المسؤولية في قيادة البلاد في المرحلة المقبلة وإعداد خريطة طريق بالتشاور مع القوى الحية للمجتمع والمنظمات الوطنية من أجل الاستجابة لتطلعات التونسيين ومتطلباتهم. هل جاءت هذه القرارات بعدما تبين للرئيس أن الحكومة والبرلمان يحميان اللصوص والفاسدين؟ التونسيون بذلوا تضحيات جسيمة من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية والكرامة الوطنية، وأعلنوا تمسكهم بانتقال سلمي وحضاري ساهموا وشاركوا في بنائه منذ أزيد من عقد من السنين؛ ولكنهم طوال هذه الفترة عانوا من مصاعب جمة اقتصادية وسياسية واجتماعية، بالإضافة إلى التحديات الأمنية بحكم الظرفية الإقليمية المتقلبة وفي ظل علاقات دولية غير واضحة ومضطربة. كل ذلك، وضع عبئا جسيما على تونس وعلى شعبها، وكانت آمال التونسيين متعلقة بأداء سياسي من النخب المشاركة في الحكم يرقى إلى هذه التطلعات وينصب جهدها على مواجهة هذه التحديات وتقديم الحلول وتحقيق الأهداف التي ناضل من أجلها جموع الشعب التونسي؛ لكن الواقع أن الحصيلة في الجانب السياسي كانت مخيبة جدا، لا سيما بعد الانتخابات الأخيرة التي جرت في سنة 2019، حيث تابع التونسيون بمزيد من القلق والخوف وعدم الرضا ما كان يجري في البرلمان التونسي طوال الأشهر الماضية، حيث تحولت ساحة البرلمان إلى فصول متعاقبة من المماحكات والمناكفات ومن تغليب المصالح الفئوية والشخصية الضيقة على المصلحة العامة؛ ما أثر بشكل سلبي على الاستقرار والعمل الحكومي وأشعر التونسيين بأن هذا البرلمان لا يعمل في الطريق الصحيح وأصبح عبئا ثقيلا على الانتقال الديمقراطي وعلى مصالح البلاد. لذلك، عبر التونسيون بشكل واضح ومتعاظم عن رغبتهم في تغيير هذا المشهد؛ لأنهم استشعروا أن استمرار هذه الأوضاع السياسية المتردية باتت خطرا داهما حقيقيا يهدد مؤسسات الدولة ووحدة الدولة ويهدد المصالح الحيوية للشعب التونسي، فخرجوا في جموع كبيرة في كل ولايات الجمهورية يوم 25 يوليوز الماضي بمناسبة ذكرى عيد الجمهورية ليعبروا عن عدم رضاهم ولكي يطالبوا بحل البرلمان، وقد نزل الرئيس قيس سعيد عند هذه الطلبات الجماهيرية. ومن صميم مسؤوليته الدستورية وصلاحياته العليا كضامن لوحدة الدولة ومؤتمن على حسن سير مؤسساتها اتخذ قرارا سياسيا وطنيا وسياديا شجاعا بتفعيل الفصل 80 من الدستور؛ وذلك يعني أنه لمدة قدرها 30 يوميا سيتم وضع ما يشبه التنظيم المؤقت للسلط يتولى فيها رئيس الجمهورية الإشراف على السلطة التنفيذية، وينصب حكومة جديدة بالتشاور مع كل القوى الحية للمجتمع التونسي والمنظمات الجماهيرية الممثلة للمجتمع من أجل أن تتصدى للتحديات الجسام التي تواجه تونس في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى ما تعيشه تونس من مصاعب وهي تكافح جائحة "كورونا". ما حقيقة لأموال التونسية المنهوبة التي تقدر بحوالي 5 مليارات دولار؟ من تداعيات هذه الأوضاع السياسية غير السليمة أن العمل البرلماني بالنسبة إلى الأحزاب التي تتمتع بالأغلبية داخل مجلس النواب الشعب قد تحول إلى صراع على اقتسام غنيمة السلطة، وهذه حقيقة لا يجهلها التونسيون ولا يجهلها غير التونسيين الذين يتابعون ما يجري في بلادنا، حيث الحسابات الضيقة والفئوية أصبحت تغلب على المصلحة العامة، وآلية الحصانة التي شُرعت من أجل أن توفر للنائب مناخا يضمن له التعبير بحرية والقيام بدوره التشريعي والرقابي أصبحت وسيلة للإفلات من المسائلة ومن العقاب، وهذا أمر لا يليق بتونس ولا يليق برصيدها الحضاري ونضالاتها التاريخية من أجل دولة القانون والمؤسسات ودولة الدستور ولا يرتضيه التونسيين. وبدون دخول في التفاصيل، فإن تقارير المؤسسات التونسية، مثل محكمة الحسابات، ثبت تورط الكثير من وجوه النخبة السياسية المشاركة في الحكم ومن أعضاء البرلمان ومن بعض الوزراء الذين شاركوا في الحكومة وتولوا المسؤوليات ومسؤولين آخرين في شبهات فساد. الأخطر من ذلك كله هو أن هذا الأداء السلبي البعيد عن المصلحة العامة قد انعكس سلبيا على أداء المؤسسة القضائية، وهذا أمر خطير ويدخل في إطار ما تم توصيفه بالخطر الداهم؛ أي أن تصبح مؤسسات الدولة غير قادرة على إنفاذ القانون، ولا يوجد خطر أكبر من ذلك. اعتبرت حركة النهضة قرارات الرئيس بمثابة "انقلاب على الدستور". هل موقفها هذا ناتج عن الخوف من التغيير الذي قد يتعارض مع مصالحها السياسية؟ حركة النهضة نفسها منقسمة على نفسها، ولا تتكلم بصوت واحد. ما قام به الرئيس سعيد هو عمل وطني سيادي نزولا عند رغبة الأغلبية العريضة والمتعاظمة من التونسيين؛ وذلك في كنف احترام الدستور والحريات واحترام حرية التعبير والصحافة، بدليل أن كل الأصوات المعارضة والمنتقدة لهذه الإجراءات والتدابير الاستثنائية التي قررها رئيس الدولة تعبر عن رأيها بكل حرية في كل وسائط الإعلام التونسية وتستطيعون التثبت من ذلك، بما في ذلك وسائط الإعلام المملوكة للدولة.. ما يؤكد أن رئيس الجمهورية بقدر ما هو حريص على إنفاذ القانون بقدر ما هو حريص على الحفاظ على مكتسبات الحرية والحريات العامة التي ناضل من أجلها التونسيين؛ فلا خوف على مناخ الحريات العامة. وبالنسبة إلى مواقف الأحزاب يلاحظ أنه منذ يوم 25 يوليوز الماضي إلى يوم الناس هذا هناك مساندة لهذا القرار الشجاع الذي اتخذه رئيس الجمهورية. وفي حركة النهضة نفسها هناك أصوات تدعم هذه التدابير التي اتخذها الرئيس وهذه القرارات التي تعتبر تحملا للمسؤولية في مرحلة سياسية فارقة في تاريخ الانتقال الديمقراطي في تونس. التونسيون متمسكون بالانتقال الديمقراطي والحرية والكرامة الوطنية، ويرفضون العبث بهذه المكتسبات وخاصة يرفضون العبث بوحدة الدولة والافتئات على مؤسسات الدولة. لكننا شاهدنا أن راشد الغنوشي، رئيس مجلس النواب التونسي وزعيم حزب النهضة، يعتصم أمام البرلمان ويحشد أتباعه.. أخي الكريم، المتضررون من التدابير الاستثنائية التي قررها رئيس الجمهورية هم المستفيدون من إضعاف الدولة وهم المستفيدون من التجرم على القوانين وهم المستفيدون من شل المؤسسة القضائية عن القيام بعملها في إنفاذ القوانين وهم المتسترون على الفساد والمفسدين. لا يمكن للبناء الديمقراطي أن يعيش مع تغول الفساد، هذه حقيقة أزلية. التونسيون يريدون بناء ديمقراطيا سليما، وهم متمسكون بدولة مدنية منفتحة وعادلة منحازة إلى الهموم الاجتماعية.. تلك هي هوية الدولة التونسية التي ناضلت من أجلها أجيال متعاقبة من آبائنا وأجدادنا في مرحلة التحرر الوطني، وفي مرحلة بناء الدولة الحديثة، وفي هذه المرحلة الصعبة مرحلة الانتقال الديمقراطي. ويهمني ويفيدني أن أتوجه إلى الرأي العام المغربي وإلى إخواننا المغاربة الذين أعلم قدر حبهم لتونس لكي أقول لهم: اطمئنوا إن تونس اليوم بصدد ترتيب أوضاعها واستعادة الدولة لفائدة شعبها.. نحن نستعيد الدولة لوضعها في مكانها الطبيعي؛ فالدولة أكبر من الجميع، وأكبر من الأحزاب، وهي الكيان الوجودي الذي يعبر عن وجود الشعب التونسي. وأذكر هنا ما قاله جلالة الملك المغفور له الحسن الثاني ذات يوم حين قال: "ستكون هناك دولة تونسية ما دام هناك شعب"؛ لأن هذا الشعب الذي خرج من أرحامه أفذاذ، من قبيل العلامة عبد الرحمن بن خلدون ومثل الشاعر الوطني أبي القاسم الشابي وشهيد حركة النضال الاجتماعي والوطني فرحات حشاد والزعيم المستنير الحبيب بورقيبة باني الدولة الحديثة، سيعرف كيف يحمي دولته وأن يحمي مؤسساتها ويعيد إلى تونس استقرارها ويضعها على السكة الصحيحة في إطار احترام الدستور وفي إطار الاحتكام إلى رغبة الغالبية العظمى من التونسيين مع احترام رأي الأقلية وفي كنف ضمان الحريات العامة وحرية التعبير وكل مكاسب الانتقال الديمقراطي. هناك من طرح إمكانية أن تكون الأحداث الأخيرة نتاج لتخطيط خارجي وانقلاب على الشرعية. كيف ترد على ذلك؟ لا يخفى ويلاحظ، وهو أمر يتابعه الجميع، أن معظم عواصم المجتمع الدولي، عربيا وإقليميا ودوليا، أعلنت عن تفهمها للأوضاع التي أملت وأوصلت إلى اتخاذ هذه التدابير الاستثنائية طبقا لأحكام الدستور. وطبعا، عبرت عن أملها في أن تكون نتائج هذه القرارات إيجابية تكرس وتدعم الانتقال الديمقراطي. وطبعا، بعض الأطراف التي تشعر بأنها متضررة من هذه التدابير لجأت، وهذا غير مستغرب، إلى محاولة يائسة لتأليب بعض الأوساط الخارجية ضد بلادها حاولت ذلك، وهذا دليل آخر يؤكد ضعف شعورها بالانتماء الوطني ويؤكد تهافت مواقفها ويؤكد في النهاية أنها لا تسعى إلا إلى استدامة استفرادها بتحقيق مصالحها الذاتية الضيقة على حساب المصلحة الوطنية العليا. وفي جميع الأحوال، تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة شديدة التعلق باستقلالية قرارها الوطني ولا تقبل أي نوع أو أي شكل من أشكال التدخل الخارجي في شؤونها الوطنية الداخلية. والحقيقة أننا لا يمكن أن نقول ولا يمكن أن نقر بأن أي طرف خارجي قد تدخل في الشؤون التونسية. أما قضية المواقف فهذا أمر حر، الناس أحرارا في التعبير عن مواقفهم؛ ولكن في حدود لا تتجاوز ذلك. الشعب التونسي والقيادة واعية جدا، والغالبية العظمى من أعضاء المجموعة الدولية يحترمون تونس وشعبها ولا يقبلون بمثل هذه التدخلات. تشهد تونس أزمة سياسية واقتصادية منذ ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بنعلي. لماذا فشلت البلاد في الخروج من هذه الأزمة، رغم مرور عشر سنوات؟ الانتقال الديمقراطي حتى ينجح، وهذا ما تثبته التجارب المقارنة، لا بد في زمن معقول أن يقدم الدليل الملموس للناس بأن أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية هي أفضل في ظل دولة ديمقراطية حقيقية. لذلك، فإن أكبر التحديات التي واجهت الدول التي عاشت مثل هذا الانتقال الديمقراطي هو النهوض الاقتصادي من أجل الاستجابة لطلب الاجتماعي الملح. العوامل التي أدت إلى تعثر هذا المسار الإصلاحي في تونس هي عوامل ذاتية وموضوعية، وأهم هذه العوامل الموضوعية هي أن تونس لم تتمتع بالدعم الاقتصادي الكافي لمرافقة هذا الانتقال الديمقراطي وتثبيته، إضافة إلى أن التطلعات الاجتماعية ذات السقف العالي مع مر السنين لم تلق الاستجابة المنتظرة من الحكومات المتعاقبة. في الجانب الذاتي، من المؤكد، وهذا من الاستنتاجات التي وقف عليها السيد الرئيس قيس سعيد ووقف عليها الغالبية العظمى من التونسيين، أن الطبقة السياسية التي شاركت في الحكم منذ عشر سنين في حقيقة الأمر كانت منشغلة ليس بخدمة المصلحة العامة وليس بإنجاز المشاريع التنموية التي يطلبها التونسيون من أجل خلق الثروة وفرص الشغل ومحاربة الفوارق الواسعة على المستوى الطبقي والجهوي، بقدر ما كانت منشغلة باستدامة ممارسة السلطة وتعاملت مع السلطة بمنطق الغنائم وليس بمنطق العمل السياسي الجاد والمسؤول الذي يخدم فقط المصلحة الوطنية. هذه الظروف أدت في الواقع إلى تردي المشهد السياسي الحالي، وهذه حقيقة لا يمكن إخفاؤها. المشهد السياسي الحالي، وهو نتيجة تراكمية لعشر سنوات ماضية، أصبح لا يليق بتونس ولا يستجيب لحاجتها؛ بل أصبح عبئا ثقيلا على الانتقال الديمقراطي. لكن ما هو مؤكد أن التونسيين لم ينتكسوا إلى الوراء، هم واعون يضعون خيطا رفيعا للتفريق بين فشل النخبة السياسية وفشل أداء الحكومات المتعاقبة وبين استحقاقات الانتقال الديمقراطي، وهو خيار تاريخي لم يتراجع عنه الشعب التونسي. بالطبع، في لحظات اليأس والإحباط والقنوط والضيق الشديد من خيبة أمل أداء الأحزاب السياسية يعبر بعض التونسيين أحيانا عن حنينهم إلى عهود ماضية؛ لكن الواقع التونسيون اليوم يريدون تصحيحا للأوضاع لوضع البلاد على السكة الصحيحة. تونس تملك من القدرات البشرية والطبيعية وتملك من العقل والكفاءات ما يضعها في مكانها الطبيعي كدولة دينامية نشطة تخلق الثروة وتشع إيجابيا في محيطها الإقليمي والعربي والإفريقي.. يمكن القول إن العنوان الأكبر لهذه المرحلة السياسية الفارقة سيكون إنفاذ القانون وتوفير المجال لوجود سلطة قضائية مستقلة قادرة على فرض احترام القوانين على المواطنين، وننهي هذا المسلسل العقيم والخطير من الإفلات من المسؤولية. في أيام قليلة مقبلة، سيكون هناك تسمية شخصية وطنية لتشكيل حكومة جديدة، وستكون هناك مشاورات موسعة من أجل المرحلة المقبلة التي ستكون مفتوحة على احتمالات دستورية عديدة؛ منها استفتاء تونسيون على تعديل الدستور أو استفاء على نظام انتخابي جديد، لأن هذا النظام الانتخابي أثبت أنه غير مجدي بالنسبة إلى غالبية التونسيين. لكن هناك تخوفات اليوم من القيام بتعديلات دستورية ليصبح النظام السياسي من شبه برلماني إلى رئاسي؟ نحن في إطار تدابير استثنائية محددة بأحكام الدستور لمدة زمنية محددة. والرئيس في هذه الفترة، وحتى لا يكون هناك فراغ في مؤسسات الدولة من الطبيعي، وهذا أمر معهود في كل التجارب المقارنة أن يمسك السلطتين التشريعية والتنفيذية بإصدار المراسيم الضرورية لضمان السير العادي لمؤسسات الدولة وهو منصوص عليه في الفصل 80. هذا الرئيس أكد، وهو محل شرعية سياسية واسعة ويحظى في الواقع بثقة متعاظمة من جموع التونسيين، أنه لا خوف على تونس من تركيز السلطة في يد واحدة ولا خوف على تونس من فقدان مكتسبات الحرية ولا خوف على الانتقال الديمقراطي، هو يقوم بدوره ويؤدي مسؤوليته من أجل إخراج تونس من مأزق حقيقي يعرض البلاد إلى أخطار جدية، وواجبه الدستوري يقتضي أن يتحمل مسؤوليته ويحظى بمساندة معظم التونسيين. هل تعتقد أن تونس ستستأنف مسارها الديمقراطي قريبا، رغم كل هذه التحديات؟ من المهم أن نذكر بأن استقرار تونس واستعادتها لعافيتها وحضورها المعهود هو مصلحة مغاربية ومصلحة مغربية. كما أن استقرار المغرب وتقدمه وازدهاره في الحقيقة هو مصلحة تونسية. نحن نطمئن الإخوة المغاربة بأن تونس في الطريق الصحيح وراءها شعب مخلص لوطنه ومتمسك بكل مكاسب الانتقال الديمقراطي، ويريد لبلاده أن تكون في أحسن المراتب التي تليق بماضيها المجيد والمشرف، ولا يرضيه أن تتعرض تونس إلى تردي أحوالها في جميع المجالات.. هذا لا يليق بتونس، ولا يليق بالتونسيين.