حينما فتحت موقع هسبريس بعد صلاة الفجر، قفز أمام بصري "ديزاين" الموقع على غير المعتاد، فإذا بي أقرأ أن الموقع محجوب لمدة أربع وعشرين ساعة تضامنا مع الزميل محمد الراجي الذي خضع للتحقيق من طرف الشرطة الولائية بأكادير يومي الخميس والجمعة والمحاكمة يوم الاثنين ، وفي المساء عدت لزيارة الموقع لقراءة الخبر الفاجعة " سنتان سجنا للزميل محمد الراجي و 5000 درهم غرامة "، انتقلت لقراءة التفاصيل و معرفة مجريات المحاكمة ، لأخلص في النهاية إلى تركيب صورة لأغرب محاكمة في مغرب 2008. "" وأنا اقرأ كل ما يتعلق بهذا الخبر المفجع ، شردت متذكرا آخر لقاء مع الزميل محمد الراجي ، إذ كان اللقاء يوم الثلاثاء الماضي ، امتاز بالطرافة و اللطف ، و أول شيء يسرق ابتسامتك شكل القط ذي اللون المزركش بالأبيض و الأسود في صورة يقفز بسرعة من على نبات قاتم الخضرة في فصل الربيع ، يبعث فيك هذا؛ فضول الانسلال إلى تفكير الراجي لمعرفة سر و ضعه هذه الصورة معرفا بها شخصيته على لوحة المخاطبة ، كالعادة عند مجيئه لمقهى الانترنيت لا يتردد في أن يكون سباقا لإلقاء السلام بأدب جم وأخلاق عالية، أحس به قريبا مني مع أني لا ألتقيه إلا على أيام متباعدة و هذا يرجع إلى أن الراجي غير مرتبط بشبكة الانترنيت من بيته ، و أنى له ذلك و هو لا يمتلك حاسوبا ، وكل ما يرقن من مقالات يتم عن طريق حاسوب أحد أفراد عائلته ، فهو طيلة اليوم يشتغل في معمله وبعد الانتهاء من العمل يخصص وقتا لتدوين مقالته اليومية ثم يذهب إلى مقهى الانترنيت ليدرجها في مدونته أو يرسلها لموقع هسبريس ، و مع كل هذا لا يستصعب إلقاء التحية و تجاذب أطراف الحديث مع زملائه . بهذا كبر الراجي في عيني يوما بعد يوم ، و اكتشفت من حين لآخر شخصية الراجي الإنسان ، الطموح ، المحب ، المتسامح ، الصبور ، و مع هذه الصفات و غيرها ، الراجي ما إن تسمع لقوله أو ترى محياه تعانق قلبك صفة البراءة و البساطة ، ما يفكر فيه على لسانه ، لا تتسلل المجاملة أو الكذب للحيلولة بين فكره و لسانه ، رأس ماله في مقالاته الصدق و الجرأة و الإيمان بما يكتب ، فأحبه القراء لصراحته و وضوحه و جديته الراقية ، و حضي بجمهور مميز قلما يحضى به صحفي جمع بين جوانحه أخبار المغرب الساخنة ، أو كاتب يتسع ذهنه لخزانة من الكتب الكثيرة ، تحققت في الراجي صفة الكاتب العصامي الذي تحدى الصعاب و الحواجز ، و دون ما يفكر فيه بقلم الفطرة و السليقة ، دون أن يجد التفلسف و التحزب لقلمه سبيلا . في هذا اللقاء حكى لي طرفة وقعت له على الكورنيش مع أحد السياح الأمريكان ، هذا السائح الأمريكي سأل الراجي عن شيء ما بالإنجليزية ، فاعتذر له الراجي لعدم معرفته الإنجليزية ، لكن بقي في نفسه شيئا من الحسرة على عدم معرفته هذه اللغة ، وختم لي حديثه بقوله ، حلمي أن أتعلم لغة ثانية ولو بلغ سني سبعين سنة ... هكذا هو الراجي، الطموح ، البريء ، الصادق ، و إضافة إلى كل هذا فإنه مسؤول ، يتحمل مسؤولية إعالة أسرته ، التي تحتاج الموارد المادية عند كل شهر لضمان عيشها المتواضع .. أتذكر كل هذا، و أنا مندهش لغرابة هذا الخبر المفجع الذي ألم بزميلنا الراجي ، و الذي نزل على قلبي كالصاعقة .. أسأل الله العظيم في هذا الشهر الكريم أن يلهم أسرته الصبر ، كما أني اتمنى أن تتحرك كافة المنظمات الحقوقية و شباب المدونات و الصحف و الإعلام الحر للدفاع و نصرة زميلنا محمد الراجي.. فالحرية و الكرامة لكاتب البراءة محمد الراجي ... [email protected]