أصدرت كل من المنظمة الديمقراطية للشغل والمنظمة الديمقراطية للتجار والحرفيين تقريرا يرصد واقع المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا بالمغرب. الوثيقة جاء فيها أن المقاولات تعاني في مختلف المجالات الاقتصادية، الصناعية، التجارية والخدماتية من مشاكل وإكراهات كبيرة. المشرفون على التقرير قالوا إن توقيع المغرب لعدد من اتفاقيات التبادل الحر خاصة مع تركيا التي ابرمت في 7 أبريل 2004 بأنقرة و ما ترتب عنها من اختلال على المستوى التجاري وإغراق السوق الوطنية بالمواد والمنتجات التركية زاد أزمة المقاولين المغاربة استفحالا. التقرير حذر من سيناريو تجارب مماثلة موردا نموذج اتفاقية التبادل الحر بين الولاياتالمتحدةالأمريكيةوالمكسيك والتي لم تكن قط متوازنة ولا عادلة بل جاءت بنتائج كارثية على المكسيك حيث تم تسجيل إفلاس 28 ألف مقاولة صغيرة ومتوسطة وفقدان 1.8 مليون فرصة عمل، حسب ما جاء على لسان خبراء المنظمتين. المعطيات المتوفرة، حسب التقرير، سجلت عجز المغرب بشكل جلي في المبادلات التجارية مع الاتحاد الأوروبي الذي وصل إلى ما يقارب 150 مليار درهم، وعجزا مع الولاياتالمتحدةالأمريكية وصل إلى 18 مليار درهم، وعجز مستمر مع تركيا، وصل الآن، إلى 5.2 مليار درهم بالإضافة إلى عجز مع الدول العربية الثلاث (تونس ومصر والأردن) في إطار "اتفاقية أكادير" وصل الى 3.6 مليار درهم. التقرير وبعد وقوفه على فشل كل البرامج الحكومية مثل برنامج "مساندة" و برنامج "امتياز" ثم "مقاولاتي"، أشار الى أن الحكومة لا تتوفر على سياسة ورؤية حقيقة، فعالة ومندمجة لتأهيل المقاولات الصغرى والمتوسطة و تعزيز قدرتها التنافسية وقدرتها على الصمود أمام التحديات المطروحة و لولوج الأسواق الخارجية كما سجلت الوثيقة النقابية غياب إرادة فعلية في التخفيف من انعكاسات القروض البنكية والضرائب المختلفة التي تثقل كاهل المقاولات. الورقة خلصت الى أن المغرب لم يستفد بشكل جيد من هذه ألاتفاقيات وأن الوضعية أدت الى ﺧﻨﻖ اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ و شلل المقاولات الوطنية الصغرى والمتوسطة وإغلاق بعضها أو انخفاض طاقتها الإنتاجية مما أدى الى تدمير الاقتصاد الوطني وارﺗﻔﺎع ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ وما صاحب ذلك من مآسي اجتماعية. وفي ما اعتبره علي لطفي و توفيق إدبكريم، رئيسي المنظمتين المنجزتين للتقرير، بدائلا للخروج من الوضعية الحالية، طالب التقرير بمراجعة اتفاقيات التبادل الحر، بشكل سريع، مع تركيا ومحاربة التهريب وتهريب العملة والإعفاءات الضريبية وإدماج الاقتصاد غير المهيكل في منظومة جديدة فعالة متضامنة وعادلة للاقتصاد الوطني القادر على خلق فرص شغل قارة ولائقة والعمل على تقييم كل الاتفاقيات المبرمة في إطار التبادل الحر وبناء إستراتيجية وطنية للحد من العجز في المبادلات التجارية. يشار أن المقاولات الصغرى والمتوسطة بالمغرب، وهي مؤسسات تشعل أقل من 200 عامل ولها رقم مبيعات دون 75 مليون درهم، تحتل مكانة هامة من النسيج الاقتصادي المحلي بما يقارب 95 في المائة من مجموع المقاولات كما تشغل نسبة 60 بالمائة من اليد العاملة.