كان منطقيا أن يقبل ملك البلاد باستقالة وزراء حزب شباط من الحكومة كأمر يهمهم بالدرجة الأولى وتأتي استقالة الوزراء بعد أن فرض حميد شباط أمرين لا ثالث لهما إما خيار الإستقالة من الحكومة أوالإقالة من الحزب ومن جهة ثانية أصر الوزير محمد الوفا بمفرده على الإستمرارية في الحكومة كحق من حقوقه ولو اتخذ حزبه قرار الطرد في حقه مع العلم لا إكراه دستوريا في أن يأمر الحزب وزراءه بالإنسحاب وتلك رغبة شخصية (...) فقد رأى الشارع المغربي حسب استقراء للرأي أن فعل الإنسحاب من الحكومة الحالية سيعود سلبا على حزب الإستقلال في الأيام القادمة خاصة يوم الإقتراع وقد أجمع من شملهم استطلاع الرأي أنهم يصرون على دعم حزب العدالة والتنمية خلال الإستحقاقات القادمة وكذا يمدون مساعدتهم للحكومة الحالية التي لم تبغ في الارض فسادا ولا تبديرا ولا نهبا للمال العام بل حكومة ورثت كل الفساد الذي فرخته سابقاتها من الحكومات . وما يجري اليوم في المشهد السياسي يعد حسب قولهم " لعب الدراري " ومحاولة لتشويه سمعة حكومة ذي مرجعية إسلامية متشبتة بإمارة المؤمنين في الحكم وتدبيرها للشأن العام رافضة كل أساليب المحسوبية والزبونية الحزبية في محاولة للتخفيف من القضايا العالقة والأزمات الخانقة وتصحيح مفهوم الحريات المتنافية والخصوصية المغربية منوهة في نفس الوقت بجهود وزراء الأحزاب المشاركة والمكونة للحكومة الحالية . فانسحاب الوزراء يقول أحد السياسيين " اللي وجد أفضل من العسل إغمس فيه " وشباط اختار بيت " المعارضة " البرلمانية متناسيا أن المعارضة اليوم تكمن في الشارع المغربي وقوته واستماتته في الدفاع عن حقوقه ومطالبه دون الرجوع إلى من ينوب عنه داخل المؤسسة التشريعية وجميع المغاربة يعرفون جيدا أين يوضع التلميذ الكسول داخل القسم . ويبقى اختيار حميد شباط لينتقل من الأغلبية إلى المعارضة ضربة مطرقة أخر مسمار في نعش حزب علال الفاسي ومن معه ليبدأ تاريخ جديد دون وطنية ودون نضال . الأمين العام لحزب الميزان , رغم ثقافته النقابية من خلال التكوين المؤسساتي وتجربته في الإطاحة حتى بالمقربين منه من الأصدقاء لايعني الذكاء ولكن يعني المكر للإطاحة بكل من حاول القفز على سلطته وحتى الأموال التي تجري في حساباته البنكية لايزال الشارع المغربي يسأل من أين له بها وهو عاطل عن العمل ماعدا ما يتقاضاه من المجالس المنتخبة وخير دليل " جوج دجاجات للمواطن " التي وزعها حزب الميزان ( شباط ) مؤخرا . إجمالا يبدو الوضع الحالي للحكومة مستقرا جدا مادام وعي الشارع فاق كل مطامع بعض الأحزاب التي لا زالت مصرة وملحة على حرب إعلامية ونفسية بغرض التشويش وتفريخ جمعيات وحركات متمردة باسم المجتمع المدني مقابل رفض المقومات الأساسية والتعاليم الدينية وتجاهل الخصوصية وتحريف الثقافة المغربية عن سياقها ناهيك التحالفات وزواج المتعة من أجل تغليب كفة المعارضة البرلمانية ونصرتها على حزب العدالة والتنمية أولا ثم باقي الأحزاب المكونة للحكومة وهذا ما يظهر جليا في تهديد حزب التقدم والإشتراكية من خلال فريقه النيابي باسم " أكلت يوم أكل الثور الأبيض " فلماذا هذه الحملة الشرسة التي بدأتها بعض الأحزاب ضد حكومة ابن كيران وانتهت باستقالة وزراء الإستقلال ؟ أليس الأمر بمؤامرة لم يعرفها المغرب في تاريخ حكومات الذل والعار مع بزوغ رويبضة السياسة ؟ أليس في الأمر ما يدفع الشعب إلى الإحتجاج والمطالبية من جديد برحيل بعض الأحزاب أو حلها ؟ فأمام وعي الشارع المغربي على الأحزاب ألا تربط المصلحة العليا للوطن بالسياسة الإنتهازية والمصالح الشخصية والمكتسبات الأسرية والعائلية بما فيها من محسوبية وزبونية حزبية .