منذ ست سنوات، وتحديدا منذ 15 ماي 2015، اعتمدت المديرية العامة للأمن الوطني دينامية متجددة لعصرنة وتطوير المرفق الشرطي وتجويد خدماته العمومية. هذه الاستراتيجية المندمجة اعتمدت فيها المديرية العامة للأمن الوطني، في جانب رئيسي، على تجديد وسائل العمل، وتحديث البنيات التحتية، وفق المعايير المهنية والتقنية المعتمدة على الصعيد الدولي في مجال البنيات الخاصة بأجهزة الشرطة. ويرى مراقبون أن هذا التوجه لم يذهب سدى، بل أعطى ثمارا يانعة مع تدشين المديرية للجيل الجديد من البنايات الشرطية ذات الخصائص الهندسية والمعمارية التي تجمع بين الخصوصيات المغربية الأصيلة من جهة، واحترام ضوابط السلامة وتسهيل ولوج وخدمة المرتفقين من جهة ثانية. من هذا المنطلق، أطلقت المديرية العامة للأمن الوطني مجموعة من أوراش البناء، التي تروم ترسيخ هذه الطفرة الهندسية والمعمارية في المرافق الشرطية. وتتمثل هذه الأوراش في بناء المقر المركزي الجديد للمديرية العامة للأمن الوطني بمدينة الرباط، الذي وصلت به الأشغال مراحل متقدمة، فضلا عن الانتهاء من بناء مقرات كل من مجمع نادي الفروسية بمدينة القنيطرة، ومقري الفرقة الوطنية للشرطة القضائية والمختبر الوطني للشرطة العلمية والتقنية بالدارالبيضاء. المقر الجديد للفرقة الوطنية للشرطة القضائية تدشن المديرية العامة للأمن الوطني المقر الجديد للفرقة الوطنية للشرطة القضائية بمدينة الدارالبيضاء، في سياق تنزيلها مشاريع تطوير البنية التحتية لمصالح الشرطة، التي أعلنت عنها في بلاغ حصيلة العمل السنوية لسنة 2016، وكذا في إطار مساعيها الرامية إلى تحديث وعصرنة آليات العمل الموضوعة رهن إشارة مصالحها المكلفة بالبحث الجنائي. المقر الجديد للفرقة الوطنية للشرطة القضائية، الذي تم تشييده بشارع الروداني بالدارالبيضاء، هو عبارة عن صرح معماري تم تصميمه وفق معايير هندسية تزاوج بين العصرنة وروح المعمار المغربي الأصيل، مع مراعاة الشروط التقنية ومعايير الأمن والسلامة المطلوبة في البنايات الأمنية عالية الحساسية. وينقسم المقر الجديد إلى ثمانية طوابق، من بينها طابقان تحت أرضيين، حيث تم تخصيص جناح خاص بكل واحد من المكاتب التي تتضمنها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، والمختصة في مكافحة الجرائم المالية والاقتصادية والجريمة الإلكترونية، ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وكذا جرائم التهريب الدولي للمخدرات والهجرة غير المشروعة، وكافة الجرائم الكبرى، أو تلك التي تنطوي على امتدادات وطنية أو عابرة للحدود الوطنية. وبالإضافة إلى المكاتب وفضاءات العمل المندمجة، تم تجهيز المقر الجديد بمجموعة من المرافق الخاصة بالبنايات الأمنية التي تحتضن الأبحاث والتحقيقات الجنائية، من قبيل الغرف الأمنية المخصصة للاحتفاظ بالأشخاص الموضوعين رهن الحراسة النظرية، والتي تم تجهيزها بكافة وسائل الإيواء والحماية والأمن المتعارف عليها في المواثيق الدولية، مع تخصيص فضاءات خاصة بالنساء والأشخاص القاصرين الذين يوجدون في وضعية مخالفة للقانون، علاوة على تزويد هذه البنايات بنظام للمراقبة البصرية عالي التقنية يعمل على مدار الساعة، ومصحة مزودة بكافة وسائل الكشف والإسعاف الضرورية للتعامل مع الحالات الطارئة. المختبر الوطني للشرطة العلمية والتقنية تشكل الشرطة العلمية والتقنية واحدة من الدعامات الأساسية للأبحاث الجنائية، وجزءا محوريا من المرتكزات الأساسية لتحقيق المحاكمة العادلة. وتشكل هذه الشرطة عاملا حاسما في البراءة أو الإدانة، بفضل ما توفره من إمكانيات علمية دقيقة وذات مصداقية في معالجة الدليل المادي الموجه لخدمة العدالة. ووعيا منها بأهمية تطوير منظومة الشرطة العلمية والتقنية كتخصص متجدد وقائم بذاته، أنشأت المديرية العامة للأمن الوطني البناية الجديدة للمختبر الوطني للشرطة العلمية والتقنية، الذي يندرج في إطار مواكبة حصول هذه المنشأة الحيوية على شهادة المطابقة والجودةCEI – ISO 17052 للسنة الثالثة على التوالي. ويعتبر المختبر الجديد، الذي قام المدير العام للأمن الوطني، عبد اللطيف حموشي، بتدشينه في 16 ماي 2021 في سياق الاحتفال بالذكرى 65 لتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني، واحدا من الإنجازات الهندسية والمعمارية التي طبعت مسار تحديث البنية التحتية للمرفق العام الشرطي خلال السنوات الأخيرة. هذا المختبر عبارة عن بناية جديدة تجمع بين التصميم العصري الذي يحافظ على روح الهندسة المعمارية الحضرية المغربية من جهة، وبين احترام معايير الأمن والمحافظة على البيئة من جهة ثانية. وينقسم المختبر الجديد للشرطة العلمية والتقنية إلى مجموعة من الأقسام والمصالح المختصة في كافة العلوم الجنائية، من بينها مصلحة التشخيص باستعمال البصمة الوراثية، ومصلحة الخبرات البيولوجية، وتلك المتخصصة في المخدرات والسموم والكيمياء. كما يتوفر على وحدات مختصة في أمن نظم المعلومات والصيانة ومراقبة الجودة. وبخصوص الموارد البشرية لهذا الصرح العلمي المندمج، يتوفر المختبر الجديد للشرطة العلمية والتقنية على مجموعة متكاملة من الخبراء والتقنيين في مجموعة من التخصصات العلمية، خاصة في مجالات الكيمياء والبيولوجيا والفيزياء والمعلوميات، بالإضافة إلى مجموعة من الأطر المكونة في تخصصات دقيقة، تم مؤخرا توظيفها في إطار الميثاق الجديد للتوظيف في صفوف الأمن الوطني. مجمع نادي الفروسية يقع مجمع نادي الفروسية، التابع للمديرية العامة للأمن الوطني، بمحاذاة غابة المعمورة بالقرب من المعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة، ويمتد على مساحة شاملة تقدر بعشرة هكتارات. وتغطي هذه المساحة مجموعة من المرافق المندمجة، التي تقدم خدمات التكوين الشرطي في مجال الخيالة والترفيه والمنافسة الرياضية في مجال الفروسية. وتتضمن هذه المنشأة الجديدة وحدة للتكوين تقدم خدمات التكوين التخصصي والمستمر لفائدة موظفي الشرطة العاملين في فرق الخيالة بمختلف تخصصاتها. وتضم مجموعة من التجهيزات والمرافق المصممة وفق أحدث البرامج والتقنيات المعتمدة في التكوين النظري والتطبيقي لفائدة فرسان الأمن الوطني، خصوصا فيما يتعلق بتربية الخيول وترويضها على القيام بمختلف المهام ذات الصبغة الأمنية. وبالإضافة إلى بنية التكوين، يحتضن النادي الجديد للفروسية التابع للأمن الوطني مجموعة من المرافق، التي تم تجهيزها وفق رؤية عرضانية تجمع بين الاستجابة للمعايير الدولية والجامعية المرتبطة بتنظيم واحتضان منافسات رياضات الفروسية من جهة، وبين تقديم خدمات الترفيه وتنمية ممارسة هذه الرياضات في صفوف أسرة الأمن الوطني من جهة ثانية.