كنت صغيرة وكان نبض قلبي هو غزة، ترعرعت على حبها و بقلبي ركن محجوز لها، أبي وأمي علماني أن فلسطين قضيتنا و أنه الحلم الوحيد الذي لا تنقضي صلاحيته، كبرت ولم أعرف لقلبي نبضا غير غزة و لم أرغب بحلم يتصدر قائمة أحلامي غير أن تطئ رجلي تلك الأرض الطاهرة على نغمات إنتصار و أرض بلا صهيون. كبرت اليوم ليبزغ فجر الربيع العربي في كل الأراضي بدأ من تونس ليستقر بسوريا ،حلم لطالما راود الشباب خاصة، رغبة التغيير تحقيق الأماني، قتل الفساد ،إشراقة المستقبل، تحقيق الذات، نزع معطف الذل و إحاكة آخر جديد تقليدي، لكنه أكثر دفئا ووفاء، فوفاء الثياب في عدم إسقاطها فضيلة الستر من سيوف المحيط و برودة الوجدان، كبرت لينزع الستار عن الخونة و يكشف المستورو يصبح الأخ عدوا، و الدم ماءا و الحرية وجبة تنزع من فم الأسد، والحق جريمة يعاقب عليها القانون، و الطفولة مرحلة ألغيت من القاموس، و الأنوثة زهرة قطفت قبل الأوان ،و الباطل هو ذاك الحق المزخرف بأولويات الصهيون. و اليوم تنهد الفؤاد و دمعت العين و ما باليد حيلة، و ما للقلوب إلا أن تتألم ليعاد وضع غزة بسوريا تحت سياط عربية شيعية يدعون الدفاع عن غزة بينما يغتصبون أختها التي أبت إلا أن تثبت إخلاصها، و تسير في الدرب نفسه لتصبح مفصلا في تاريخ الأمة. فهي الشام أرض الزيتون و اليانسون، أرض العزة و الكرامة، الأثر الأعظم و الإرث الأهم، فهم الصامدون الذين طلقوا دنيا القهر و الذل و خطبوا العزة و القبر، أشعلوا شعلا ليقهروا بها الأنظمة الجائرة، فتميد الجبال و لا يميدون، و تهتز الأرض خوفا من فيروس الأسد فلا يهتزون، تخاف أمة أمام صوت الرصاص و لا يخافون،تتعلق أحلام شعوب بالحياة فلا يتعلقون، فهم رجال عرفوا معنى الرجولة و الكرامة ، فتربت بداخلهم غيرة على أرض الشام ، وخوف من ضياعها في أيدي المتربصين،هم جند الله يوفون بالوعود و يصنعون الجنود،و يتمنون ذاك اليوم الموعود،فإيمانهم راسخ و يقينهم بالله عظيم،والعقيدة ثابثة،ومن دمائهم تستمد امال السوريين، زهدوا في الحياة و سعوا للحياة الأبدية في كنف الرحمان، دربهم صعب لكنه الدرب آلوحيد الذي يوصلهم لما يصبون إليه، فالأحرار لا يقفون إلا عندما يحققون الهدف فالدماء لا تظل سبيلها. فغزة و الشام أصبحوا إخوة في نزف الدماء، أصبحوا ذو لون واحد و أصبح الأحمر عنوان كل صباح و نهاية كل يوم، غزة و الشام برهان على أن العروبة لم تمت و أن الآتي سيكون أفضل بإذن الله، برهان أن الوطن أسمى و الأرض أطهر من أن تلوث بأقدام النعاج العربية غزة و الشام أثبثوا أن لا سن للرجولة و لا خوف من البندقية و لا إنحناء للعلمانية ،غزة و الشام رجال يرون في فوهة البندقية الجنة و يرون في دمائهم مسكا يزفون به لأطهر البقاع، غزة و الشام نساء تقدم أبنائها فداءا للوطن وتضحية في سبيل رب العزة ،غزة و الشام أطفال نسوا أن الألعاب من حقهم و ترجمت برائتهم لرجولة يتحملون بها مسؤولية لم يتحملها رجال شعوب نائمة، غزة و الشام تلك المفخرة التي تجعلنا نرفع رؤوسنا في غربتنا، غزة و الشام حكموا العالم بعزتهم ،بينما اختفى عن بلاد العرب حكام ،غزة والشام أثبتوا أن الدم العربي به طفرة تسمى الكرامة أحيوها بوجدانهم و أمام أعينهم صورة واحدة تسمى الجنة. ما يصيب العرب اليوم من خمول وعمى عن الحق، واندثار للعروبة تحت أقدام الصهيون بزعامة شيعية ووثائق سلام معدوم، سيبقى عارا تاريخيا مسجلا، فهم يصدقون شاشات باعت و يكذبون دماأ سفكت، فبشار أحد السموم التي نفثتها الوصاية العربية على المسلمين فباعوا، لكن بكم باعوا و لما باعوا.. لكنهم قبل هذا خانوا ، نعم خانوا ارض المقدس خانوا بورما خانوا بكل اشكال الخيانة ، فكل أعذارهم مرفوضة الان ، فالحق بحاجة لرجل يبينه و رجل يعرفه بالبيان و الاحرار اختاروا شعار في الجنة يطيب اللقاء و رمزهم إيمان عميق و قتل دقيق و من الله التوفيق.