لم يكن رفض الأسماء الأمازيغية من جانب ضباط الحالة المدنية عبر الجماعات الترابية المغربية من النوازل الاستثنائية، فبمجرد اختيار اسم أمازيغي للمولود، يتعين على الآباء الاستعداد لتحمل كل أشكال التعذيب النفسي والتماطل وغيرها من سلوكيات التسيير البيروقراطي. المذكرات المشؤومة في عهد وزير الداخلية السابق الراحل "إدريس البصري" لا ولن تنسى، وهي المرجعية "القانونية" التي لطالما اعتمدها من يرفضون تسجيل المواليد بأسماء أمازيغية. في كل مرّة تثار فيها زوبعة الرفض مع تمسك الأب باسم أمازيغي، تتجند "الكتائب الإلكترونية" في مواقع التواصل الاجتماعي بالخصوص، وغالبا ما يتم تسجيل المولود درءا للفضيحة والتشهير بهذه الجماعة أو تلك. وسلوك الرفض لا يمكن تفسيره خارج إطار تضخم أنا الإدارة وتشبثها المرضي بالشطط كأسلوب للتعامل مع المواطن البسيط، ومحاولة ترهيبه قصد "تركيعه" وإخضاعه نفسيا لإرادة الغير، فضباط الحالة المدنية في العديد من الحالات موظفون يعانون من جهل مركب، مع احترامنا وتقديرنا للشرفاء منهم، جهل بحقيقة هوية وتاريخ الشعب المغربي وتجذره الحضاري من جانب، وجهل بمنطوق النصوص القانونية والتشريعية التي وضعها المشرع المغربي من جانب ثان، موظفون لا يضبطون أنفسهم وهم يستقوون بالإدارة لينتصروا لمواقفهم الشخصية أمام مواطن مغربي يختلف معهم في الرأي باسم القانون المفترى عليه، موظفون يعانون من عقدة احتقار الذات أحايين كثيرة وعقدة التفوق حينا. يهمنا في هذا المقام، ما صرح به السيد عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، منذ أيام جوابا على سؤال لأحد البرلمانيين حيث قال إنه "لم يبق هناك وبصفة قطعية مجال لمنع أي اسم من الأسماء الشخصية ذات المرجعية الأمازيغية"، وهو تصريح قوي وفيصلي يسجل للسيد الوزير، إلا أن ما يجب التأكيد عليه، كون الرفض حتى قبل التصريح الحالي ينبني على مزاجية ضباط الحالة المدنية وليس على أسس قانونية واضحة. وللتذكير، صدر القانون الجديد للحالة المدنية منذ سنة 2003 ليبطل مذكرات ادريس البصري المشؤومة، وهو توجه جاءت مذكرة أخرى لوزارة الداخلية لتؤكده وتعتبر لوائح البصري لاغية وتقرّ بأن الأسماء الأمازيغية أسماء مغربية تسجل كغيرها من الأسماء في 9 أبريل 2010، كما اجتمعت لجنة الحالة المدنية بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية سنة 2017 وأكدا على أن "من حق المغاربة تسمية مواليدهم بأسماء أمازيغية وأن الأمر محسوم لدى الدولة" قبل أن تأتي وزارة الداخلية سنة 2018 لتؤكد في بيان لها بأنه "لا يوجد أي منع للأسماء الأمازيغية وأن الأمر محسوم بشكل نهائي" محاولة تكذيب ما ينشر في وسائل الإعلام. هي إذن نصوص كثيرة تؤكد أن رفض الأسماء الأمازيغية ليس "توجها رسميا" للدولة المغربية، لكن واقع الحال يؤكد أن مثل هذه المواقف لا تزال قائمة وهو ما يفسر بغياب المواكبة والتكوينات وضعف التواصل بين وزارة الداخلية ومصالحها الخارجية وخصوصا ضباط الحالة المدنية. والحال هذه، يمكن القول إن وزارة الداخلية هي المسؤولة عما يقع من خروقات لحقوق المواطنين وتعطيل لمصالحهم، في وقت يكفي فيه أن تصدر ما جاء على لسان السيد وزير الداخلية أمام ممثلي الأمة في نص قانوني صريح وواضح، ودعوة الولاة والعمال إلى تنظيم دورة تكوينية للقيمين على مصالح الحالة المدنية قصد إطلاعهم على مستجدات قوانين الحالة المدنية بكل تفصيل ينفي التأويل، وضرورة مواكبة توجه الدولة بخصوص تبسيط المساطر الإدارية في سبيل إرساء إدارة مواطنة مسؤولة.