قال المغاربة "إلى شبعت الكرش تتقول للراس غني"، وهذا هو الصواب لكن اليوم انقلبت الموازين وأصبح الفقر والجوع يرقصان في العاصمة، حيث يصدق فيهم هذا المثل "آش خاصك ألعريان موازين أمولاي" وهذا هو الضحك على الذقون بالواضح، فالمسؤولون تبارك الله عليهم لم يقصروا في الواجب حيث قاموا بنصب المنصات الضخمة في المناطق الاستراتيجية بالعاصمة وزينوها وأحسنوا إخراجها وسلطوا عليها الأضواء بكل الألوان وأضافوا مؤثرات صوتية باهرة وجلبوا كل من هب ودب من راقصات الشرق والغرب ومثيري الغرائز، المهم شلاظة فنية حامضة، وكل هذه الحركة الفنية من أجل إظهار البلد بلون متسامح وأنه بخير وكل شيء على ما يرام، وهذه الصورة واضحة أمام العالم أن المغاربة "ناشطين وماشطين" فلا يهم المسؤولين عن هذه المصيبة الملقبة بموازين إهدار الملايين من الدراهم وإنفاقها في غير محلها، فمن حضر وشاهد المهرجانات وأضواء الليزر تخترق الفضاءات، قد لا يتذكر مناطق مغربية كثيرة محرومة من الكهرباء العادية وأخرى محرومة من الماء الشروب والطرق والمستشفيات... فإلى متى تستمر سياسة الهروب إلى الأمام؟ فلا بد من التوقف ولو للحظة نتأمل في واقعنا البئيس وننظر إلى الحقيقة مباشرة دون تجميل زائف، لأن "الزواق يطير". إن المغرب يحتاج إلى سواعد أبناءه للبناء لا أن يسهروا الليالي في الرقص ومعاقرة الخمور وتعاطي المخدرات، ومن أراد التأكد من ذلك فليقم بجولة صباحية قبل مرور صحاب الزبل وسينظر إلى مخلفات السهرة الفنية، فنهاك عشرات القنينات من المشروبات الكحولية من مختلف الأحجام والأنواع، فالجمهور المخمور لا يعي ما يقال من كلمات فنية، ولقد دار حديث بين سكرانين على هامش مهرجان حضرته راقصة مشرقية تكشف ثلثي جسدها معروفة بحركاتها الغنجية المثيرة للغريزة، حيث قال الأول "خاصنا نوصلوا حتى للمنصة ونكونوا قراب من هاد خيتي"، قال له الثاني "لا هناك ازدحام شديد ومكبر الصوت بجانبنا نسمع أغانيها من هنا" رد عليه الأول "إنها لا تقول شيئا ذا بال يمكن مشاهدتها بالعين المجردة فقط..واش فهمتي" ثم دخلا في عراك من أجل التقدم إلى المنصة. والحقيقة أنا لست ضد الفن النظيف الملتزم بقضايا الشعب والأمة لكن للأسف هؤلاء المسؤولون عن برمجة هذه المصائب لا يهمهم معارضة الرأي العام فهم أصلا لا ينتمون لثقافته وكأنهم قادمون من كوكب آخر، فبالله عليكم برامج كمدام مسافرة، استوديو دوزيم، موازين، موسيقى روحية... هل تعتقدون أن المغاربة العقلاء هم من يبرمجون هذه الخزعبلات؟ إنهم موظفون كبار قدموا من المريخ لا علاقة لهم بهذا الشعب المسكين المغلوب على أمره. وأنا أطلب منهم أن يعودوا إلى موطنهم الأصلي فهو بلا شك محتاج إلى إبداعهم، وكل ما أتمناه أن يرحلوا في أقرب وقت، وسأطلب شخصيا من "با المعطي" وأكلفه بالحجز لهؤلاء السادة تذاكر على أول رحلة متجهة للمريخ، متمنيا لهم سفرا مريحا على متن صاروخ كوسموس 2014 ذهابا دون إياب، "إيوا أبا المعطي كون راجل ودير جهدك، وباش ما حسبتي عليا تكلفة السفر نخلص بالمثني والمثلث غير فكني الله يفكك". [email protected]