إن الاستنفار العام الموجود الآن في كل بيت لإدراك ما يمكن إدراكه من تحصيل للمواد الدراسية بجميع مراحلها التعليمية استعداداً للاختبارات والامتحانات هذا الاستنفار هو نتيجة حتمية لختام عام دراسي وعليه فتتنوع فيه همم الطلاب والطالبات حسب جهدهم طوال العام. وقفات تهم الجميع الوقفة الأولى: في مثل هذه المواسم يتغير برنامج حياة البيت المسلم ،فينقلب البيت بعد الهزل واللعب إلى الجد والحزم ، وبعد العبث واللهو إلى الحرص والعمل ، وهذا أمر يفرح القلوب لأنه مظهر إيجابي ، ونحن نطالب كل أب غيور صادق أن يجعل جزءً من هذا البرنامج مستمراً بعد الامتحانات ، لماذا بعد الامتحانات لايصبح للوقت قيمة في بيوتنا ، ولا للبرامج الجادة مكاناً في حياتنا فعلينا بمراجعة أنفسنا فنحن محاسبون أمام الله في وقت الامتحانات وقبلها وبعدها حتى نلقى الله ، فنسأل الله التسديدوالتوفيق لكل خير. الوقفة الثانية: إن من المظاهر الجيدة ، والمواقف المسددة والمباركة ، ما يصنعه كثير من الآباء من قطع كل وسائل اللهو والعبث المحرم على أبناءه وبناته أثناء فترة الامتحانات ، وكل ما يلهي ويغضب الله لا طريق له في بيوتنا رغبةً في التوفيق وعدم الخذلان من رب العالمين ، وهنا تستيقظ الفطرة في قلوب كثير من الآباء والأمهات –وهو حق وخير يجب أن نتواصى به في كل وقت- يستيقظ الإيمان في قلوبنا ويصبح في قلوبنا يقين أن الذي يوفق ويسدد ابناءنا هو الله فينبغي عدم التعرض لما يغضبه فيقوم الآباء والأمهات بتطهير البيوت من كل ما يغضب الله رغبة في ما عند الله وحرصاً على عدم إنشغال أبناءهم فيما لا يرضي ، فيا أيها الأب المبارك والام الحنون : أعلموا بارك الله فيكم أن الله مطلع ويعلم ما تكن صدورنا وما توسوس به أنفسنا فالله الله أن يكون همنا شيئاً من أمور الدنيا وننسى التوفيق والنجاح في الآخرة الحياة الباقية التي لا تقارن بنجاح الدنيا (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ) وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، وإن من الأمور السلبية التي يتعود عليها الأبناء أن يعلقوا مرضاتهم لربهم بالطمع بما في الدنيا لنعودهم التقوى والبعد عن الموبقات في كل حياتهم في الامتحانات وغيرها حتى تصلح حياتهم وتستقيم نفوسهم علي الخير وفقنا الله إياكم لما بحبه ويرضاه . الوقفة الثالثة : إن مما يفرح قلب كل مؤمن إقبال الشباب على الصلاة والعبادة والمحافظة على صلاة الجماعة وخاصة صلاة الفجر في مثل هذه الأيام ، وهذا أمر يدل على وقور الإيمان في قلوبهم ونسأل الله لهم الثبات ولكن لا يليق بك أخي أن تتنكر لربك وتترك عبادته بعد أن يمن عليك وينعم عليك ويسددك ويوفقك واحذر من أن ينطبق عليك قول الله عزوجل :{ ومن الناس من يعبد الله على حرف ، فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين}. الوقفة الرابعة : لاتنس أخي الطالب ، وأنت أيها الأب المبارك ، لا ننسى جميعاً كثرة اللجوء والتضرع إلى الله فإن الله يحب من عبده كثرة الدعاء والإلحاح عليه في ذلك وهي من أعظم ما تتقرب به إلى مولاك ، وقد وعدك ربك بالإجابة إن أقبلت إليه بصدق {وقال ربكم ادعوني استجب لكم }. الوقفة الخامسة: أيها الآباء أيها المربون والمعلمون ، هناك أمر نمارسه مع أبناءنا والدافع هو الحرص عليهم ، ولكنه يعود في الغالب بالضرر عليهم ، وهو تهويل وتضخيم أمر الامتحانات بشكل غير معقول بحيث تصبح الامتحانات عند كثير من الطلاب والطالبات شبحاً وكابوساً يراد له أن ينتهي بأية صورة وبأية هيئة ، ولا أدل على ذلك ما نراه من النفسية المتردية لدي كثير من الطلاب والطالبات على وجه الخصوص من ظهور القلق والارتباك وعدم التركيز وقلة النوم ، بل الاضطراب وبعضهم يدخل المستشفى من شدة ما يجد ، بل إن حالات الإغماء في قاعات الامتحانات خصوصاالبنات أصبحت أمراً مألوفاً وهذا أمر لابد أن نعالجه بالأمور التالية : أولاً : لنرسخ في أبناءنا أن الامتحانات أمرها هين وأنها مرحلة عادية كغيرها من المراحل وذلك بالتوجيه والحوار المستمر مع ابناءنا سواء من قبل الأب أو المدرس ،وأذكر المشرفين بأنه قبل توزيع الأسئلة بل حتى قبل دخول الامتحانات أن يخاطبوا الطلاب بلهجة تبعث في نفوسهم التفاؤل والأمل والبعد عن العبارات التي تبعث التشاؤم والإحباط كالتهديد المستمر لهم بالرسوب والعقاب ، أو بالتوبيخ ثانياً : لنرسخ في قلوب أبناءنا بإن هذه الامتحانات ليست المحطة النهائية ولا الرئيسية في حياة المسلم وأن الخسارة الحقيقية في ترك مرضاة الله والتعرض لسخطه وخسران الآخرة والجنة كما قال سبحانه { قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين }. ثالثاً : ليكن لك أيها الوالد المبارك جولات متفرقة تمر بها على إبنك وبنتك فتشد من أزرهم بالكلمات الحانية وبالتلطف معهم والبشاشة تعلو محياك ، مع خلطها بشيء من المزاح والضحك الذي يبعث في قلوبهم الأمن ويخفف عليهم الوطئة ولا تنس عبارات الثناء والتشجيع والتأكيد بأن النجاح حليفهم بإذن الله . الوقفة السادسة والأخيرة : أيها الطالب الموفق سوف أهدي لك بعض النصائح وبعض التحذيرات على وجه الاختصار فأرجوا أن تنال حيزاً قلبك وعقلك وأسأل الله أن ينفعنا ويوفقنا وإياك للعلم النافع والعمل الصالح . أولاً : احرص على بر والديك وطلب الدعاء منهم قبل الامتحانات وأثناء الذهاب للامتحان وبعد الامتحان . ثانيا: احرص على النوم مبكراً واعط نفسك قسطاً من الراحة ولو لم تنهي مراجعة المنهج لأن الاستيعاب واستحضار المعلومات متوقف على راحة الدماغ والجسد عموماً. ثالثاً : إياك والقلق وعدم الثقة بنفسك ولا تجعل لوساوس الشيطان عليك سبيل أو الخواطر السيئة على قلبك مثل التفكير المستمر بالفشل وعدم النجاح ونحو ذلك وليكن التفاؤل حاديك في كل أعمالك . رابعاً : احذر من مصاحبة البطالين والكسالى واربأ بنفسك عن مجالستهم وخاصة أهل المعاصي والموبقات واعلم أن من أقل أضرار المعصية عدم التوفيق في أمورك كلها ، لقد هيؤك لأمر لو فطنت له فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل . خامساً : احذر من الغش واعلم أنها حيلة العاجزين وطريق الفاشلين وصفة قبيحة لا تليق بالمؤمنين كيف لا والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ( من غشنا فليس )، وإنني أخاطب الطلاب والمدرسين على حد سواء بل حتى الآباء فإن التقصير في مسؤولياتنا تجاه أبناءنا هو نوع من الغش ، وأنت أيها المدرس إن الأمانة التي ألقاها الله على عاتقك بحفظ سر الأسئلة فإياك أن تفرط في هذه الأمانة وتذكر قول ربك { يا أيها الذين آمنو لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أما ناتكم} وأرجوا أن تكون من قبيل الإشاعات ما نسمعه من تسريب الأسئلة خاصة عند من يدرسون الدروس الخصوصية في البيوت مقابل دراهم معدودة ويكون المقابل هو ضياع الأمانة نسأل الله السلامة والعافية . سادساً : إذا دخلت صالة الامتحان فأكثر من ذكر الله والتبرؤ من حولك وقوتك ولا تغتر بحافظتك أو جهدك وتوكل على ربك ، واقرأ الأسئلة بهدوء ودون عجلة ، ولا تفكر فقط بأن تنهي الأسئلة بل عليك بالتؤدة والهدوء والمراجعة فإنها من أهم الأسباب في إتقان الإجابة . وصايا قبل الامتحان 1. استعن بالله ولا تعجز واجتهد في المذاكرة. 2. اعلم أنك لن تستطيع المذاكرة بفاعلية ما لم تكن مقتنعاً اقتناعاً تامًا بما تفعل. 3. لا تذاكر في جو بارد ولا حار، وليكن الجو معتدلاً، واحرص على اختيار المكان المناسب. 4. ابتعد عن شرب الحليب أثناء المذاكرة لأنه يجلب النوم، واستبدله بشرب الشاي والقهوة، وكل الحلوى بأنواعها، والفواكه بأنواعها، ولا تكثر من ذلك. 5. ارفع صوتك الخارجي بما تقرأ قدر المستطاع، فإن لم تستطع فارفع صوتك الداخلي. 6. مثّل ما يصعب عليك حفظه من المعلومات تمثيلاً مسرحياً، كأن تجسد طلاباً وتشرح لهم. 7. إذا استشكل عليك فهم معلومة ما فلا تسأل عنه إلا من تعلم علم اليقين أنه يعلمها. 8. ذاكر المواد الصعبة في أوقات نشاطك. 9. احذر من السهو والتفكير خارج المذاكرة، وإذا جاءك مثل ذلك فاقطعه مباشرة وارجع إلى دروسك. 10. أعط عقلك وجسدك راحة لمدة خمس إلى سبع دقائق كل نصف ساعة ولا تزد على ذلك ( تحرك- غير مكانك ..... ). 11. إذا ضاق صدرك وأغلقت الدنيا في وجهك أثناء المذاكرة فتوضأ وصل ر كتعين تطوعاً، فإن قدوتك عليه الصلاة والسلام كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة. 12. إذا انتهيت من مذاكرة أي مادة فقل: (استودعتك الله الذي لا تضيع ودائعه، اللهم ذكرنيها حال حاجتي إليها). 13. احذر أشد الحذر من السهر، واحرص على النوم المبكر. 14. حاول أن لا تنام بعد صلاة الفجر. 15. وجبة الإفطار قبل الامتحان أفضل بكثير منها بعده، فإن لم يكن فكوباً من الحليب. 16. لا تنس تقبيل رأسي والديك وطلب الدعاء منهما قبل أن تخرج من المنزل وخاصة والدتك، لأن ذلك من أعظم أسباب النجاح. 17. قبل موعد الامتحان بنصف ساعة تقريباً احذر مراجعة وتقليب الصفحات تقليباً سريعاً، أو حتى مناقشة زملائك عن أي معلومة، لأن ذلك يزيد في معدل القلق لديك كما يفسد عليك ما حفظته. 18. اجعل لذكر الله وقراءة القرآن جزءً من وقتك ولو بين الأذان والإقامة، حتى لا يقسو قلبك. وصية: هذا الاستنفار لو وجد جزء يسير منه طول العام لتغير حال أفراد أمتنا الإسلامية جهداً وتحصيلاً وعلماً وعبادة وتطبيقاً نسأل الله التوفيق والسداد وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.