تبادل حزب العدالة والتنمية وحزب الاستقلال العديد من الاتهامات حول من هو "البادئ" بين الطرفين في "ظلم" الآخر، خاصة في ما يرتبط باللغة التواصلية المتداولة، والهجومات اللفظية الحادة، و"السوقية" في أحيان كثيرة، والتي ضج بها القاموس السياسي بين طرفي النزاع الراهن، الشيء الذي دفع حزب الاستقلال أخيرا إلى قرار الانسحاب من الحكومة، دون أن يتم تفعليه في انتظار التحكيم الملكي. حامي الدين: شباط استعمل لغة سوقية وعزا الدكتور عبد العالي حامي الدين، عضو الأمانة العامة لحزب "المصباح"، متحدثا في برنامج "ملف للنقاش" الذي بثته قناة ميدي واحد تي في مساء الأحد، توتر العلاقات بين حزبي العدالة والتنمية والاستقلال الطرفان الرئيسيان في الائتلاف الحكومي الحالي إلى أزمة تواصل ترتبط أساسا بأزمة في الخطاب واللغة المستعملة. وتابع حامي الدين بالقول "سمعنا من السيد شباط تهجمات كثيرة ومصطلحات لا تليق بالحقل السياسي"، مشيرا إلى أنه "ليس هناك صراع بين الطرفين بقدر ما هناك هجوم لفظي من طرف واحد فقط هو جانب الأمين العام لحزب الاستقلال"، مذكرا بما سبق لشباط أن تلفظ به في حق بنكيران من قبيل نعته ب"المهرج" و"الديكتاتوري".. وزاد حامي الدين بأن أعضاء الأمانة العامة لحزبه التزموا بعدم الرد على سيل الاتهامات واللغة الركيكة التي صدرت عن شباط، "لأننا نتعامل مع حلفاء نتواصل معهم عبر مؤسسات دستورية وليس عبر وسائل الإعلام"، يقول القيادي في العدالة والتنمية الذي أردف بأن "اتهام وزير بالسكر أو نصف أعضاء الحكومة بالسكارى هو كلام فيه كثير من الرعونة والتهور". وأبدى المتحدث وجهة نظره، جوابا على سؤال من مقدمة البرنامج، في مسألة تفضيله بين شباط وعبد الواحد الفاسي، المرشح السابق للأمانة العامة لحزب "الميزان"، حيث أكد بأنه يفضل الفاسي على شباط، اعتمادا على الاختلاف بينهما في اللغة المستعملة.. فلاح: PJD تدخل لتوجيه انتخابات "الاستقلال" لحسن فلاح، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، التقط خيط الحديث من حامي الدين ليرد عليه بالقول إن حديث هذا الأخير عن تفضيل الفاسي على شباط "غير مقبول لأنه يتضمن مساندة طرف ضد طرف آخر داخل الحزب"، متابعا بأن مواقف العدالة والتنمية كانت تذهب إلى اعتبار أن حزب الاستقلال لا يستحق أمينا عاما مثل شباط. واتهم فلاح جهات داخل حزب العدالة والتنمية، امتنع عن تسميتها بشكل صريح، بكونها انخرطت في محاولة التوجيه والتأثير في انتخابات الأمين العام لحزب الاستقلال، حتى لا يفوز بها حميد شباط. واسترسل القيادي في حزب "الميزان" بأن انتقاد لغة شباط السياسية أمر مردود عليه، لأن بنكيران كان غير ما مرة عنيفا في تصريحاته التي تتضمن نزعة التحكم والرغبة في الاستفراد بالقرارات، من قبيل حديثه عن كون إصلاح صندوق المقاصة جاهز، وغيرها من القرارات. وعاد حامي الدين لينبه فلاح بأنه هناك "فرق بين الانتقاد وبين القذف والتجريح والمس بأعراض اللأشخاص"، مشددا على أن حزب العدالة والتنمية "غير مستعد تماما للعمل السياسي بمثل هذه اللغة حتى يتراجع شباط عن لغته الحالية"، وهو ما جعل فلاح يرد عليه سريعا بأن "الاستقلال هو أيضا غير مستعد للاستمرار حتى تتراجع الحكومة عن أسلوبها بعدم التجاوب مع مطالب حزبه الرامية إلى الإصلاح". الغالي: الأحزاب أكبر من هذه الصراعات الدكتور محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، اتخذ موقف المحلل المحايد بين مواقف الحزبين، حيث قال إنه إذا كان الخطاب صريحا في خضم "أزمة" سياسية فهناك مؤسسات دستورية يمكن اللجوء إليها، وتمتلك أكثر من حل لهذه المعضلة. وتابع الغالي بأن الإشكال يظهر أساسا عندما لا يكون الخطاب صريحا، إذ أنه في حالة استمرار الإشكال فإن حزب الاستقلال هو سيد نفسه في القرار الذي يراه مناسبا، كما أن الحكومة سيدة نفسها بتحريكها الآليات الدستورية المناسبة. وهناك مسار آخر، يكمل الغالي، قد يقع في حالة ما إذا تأزمت الأمور وظهر للملك وفق الفصل 51 من الدستور أن الحكومة باتت تعرقل مصالح البلاد الشيء الذي قد تنجم عنه نتائج غير محمودة العواقب، وذلك من خلال إعلان حل مجلسي النواب والمستشارين، والاتجاه نحوز الانتخابات سباقة لأوانها. ولفت الغالي إلى أن الأحزاب المتنازعة حاليا كبيرة على مثل هذه الخلافات خاصة في الظروف الراهنة التي تمر منها البلاد، مشيرا إلى أن السياق اليوم هو سياق السيادة للأمة، فالدستور الحالي أعطى مجموعة من الصلاحيات للبرلمان لم تكن في السابق باعتباره أضحى المشرع الوحيد، كما يملك سلطة إضافية على مستوى القرار المالي وتقييم الأداء الحكومي ويغر ذلك من الاختصاصات الهامة.