بعد ستة أشهر من الغياب.. الصحفي حمزة رويجع يكشف الحقيقة بشجاعة: نعم، أصبت باضطراب ثنائي القطب    لجنة دعم إنتاج الأعمال السينمائية تكشف عن مشاريع الأفلام المستفيدة من الدعم    لاعب يهدد أولمبيك خريبكة بالانتحار    من بينها طنجة.. وزارة الداخلية تتابع تقدم الأشغال المتعلقة بملاعب كأس الأمم الإفريقية 2025 في المدن المستضيفة    منتخب الفتيان يستعد لنهائي "الكان"    المغرب يعد قوائم الخدمة العسكرية    عاجل | هزة أرضية قوية تُثير الهلع بمراكش وتامنصورت    الاعتداء على أستاذ يسلب حرية تلميذ    تطوان.. توقيف شرطي وشقيقين ضمن شبكة لترويج الأقراص المهلوسة وحجز 3600 قرص مخدر    حكم يدين "العراقية" بملف إجهاض    الأمير مولاي رشيد يترأس افتتاح الدورة ال 30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب    ندوة وطنية تتدارس تجربة محمد الشيخي في رؤيا وتشكيل الشعر المغربي    بعد برلمان الأنديز ولد الرشيد وسلامة يرافقان رئيس برلمان أمريكا الوسطى في زيارة إلى مدينة العيون    قيادي في حماس: لا نقبل الصفقات الجزئية وسلاح المقاومة حق وموجود طالما بقي الاحتلال    وزير الخارجية الإسباني يشيد بمتانة العلاقات مع المغرب ويصفها بالأفضل في التاريخ    فرنسا تصعد ضد الجزائر.. وزير الداخلية يهدد باستعمال القوة ضد نظام تبون    واقعة اعدادية اكار ازكاغ بالحسيمة..ولي أمر تلميذ ينفي الاعتداء ويوضح ملابسات القضية    تدشين الشعب المتخصصة في فنون الزجاج بالمعهد المتخصص في الفنون التقليدية بمكناس    ارتفاع معدل التضخم بالمغرب.. والمواد الغذائية على رأس الأسباب    تمغرابيت... كتاب جماعي لمغاربة العالم    توتر داخل دورة غرفة الفلاحة بالشمال.. وأعضاء ينسحبون ثم يعودون لاستكمال الدورة    الأمير مولاي رشيد يترأس بالرباط افتتاح الدورة ال 30 للمعرض الدولي للكتاب    طنجة.. إلغاء مفاجئ لحفل مغني الراپ ElGrande Toto بسبب أشغال "الكان"    "إعلان الدوحة" يُتوج مؤتمر "إيكاو" بشأن تسهيل النقل الجوي الدولي    حكيمي لعب 41 مباراة سجل 6 أهداف وقدم 14 تمريرة حاسمة    صناعة السيارات: افتتاح الدورة الثامنة لملتقى "طنجة المتوسط أوطوموتیف میتینغ"    وزارة الصحة تخلّد اليوم العالمي للهيموفيليا وتطلق حملة تحسيسية وطنية لمكافحة هذا المرض    المغرب-إسبانيا.. تعزيز الشراكة الاستراتيجية محور مباحثات بوريطة مع نظيره الإسباني    الأبيض ‬والأسود ‬من ‬تقرير ‬دي ‬ميستورا (2)    الصين تدعو واشنطن للكف عن الضغوط وتؤكد استعدادها للتعاون دون تنازل عن مصالحها    هل يسرع تصنيف المغرب ضمن الدول الآمنة ترحيل المهاجرين من أوروبا؟    آيت ملول تحتضن مهرجان سينما الأسرة    تراجع جديد في أسعار المحروقات بمحطات الوقود    العمال الموسميون يرفعون حالات الإصابة ببوحمرون بإسبانيا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    بلقشور يعلن عن رفع المنع في حق حسنية أكادير ويؤكد أن العصبة ستقوم بتسوية الملفات المتبقية    محمد السادس للرئيس السوري أحمد الشرع: أنتم تديرون هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ بلدكم الشقيق    إسبانيا: "الحكم الذاتي" يظل الحل الأكثر مصداقية وجدية لتسوية النزاع حول الصحراء    أكثر من 20 قتيلا ضمنهم أطفال في قصف همجي إسرائيلي على مخيم نازحين    بعد "ميتا" و"إكس".. "تيك توك" ينضم إلى محاربة المعلومات المضللة    رسميا.. فيرجيل فان دايك يجدد عقده مع ليفربول    سعد لمجرد لن يشارك في الدورة 20 من موازين    الاتحادات الكروية ترفض مقترح أمريكا الجنوبية المتعلق بتنظيم كأس العالم 2030 بمشاركة 64 منتخبا    وزارة الداخلية تتخذ قرارا مفاجئا في حق "قائد تمارة"    نصائح طبية لمرضى حساسية الحيوانات الأليفة دون الحاجة للتخلي عنها    هيومن رايتس ووتش: السلطات التونسية حولت الاحتجاز التعسفي إلى ركيزة أساسية في "سياستها القمعية"    أمريكا.. إلغاء الامتيازات الصحفية لوكالات الأنباء الكبرى    بنك المغرب بالجديدة يستقبل في لقاء تربوي    تأهل المنتخب الوطني لكرة القدم لأقل من 17 سنة إلى نهائي كأس إفريقيا..نادي موناكو يشيد بأداء موهبته إلياس بلمختار    البندقية تنفتح على السينما المغربية    واكي: الرقمنة تدعم تنمية المغرب .. و"جيتيكس إفريقيا" يخدم الشراكات    تسجيل ثالث حالة إصابة بداء الكلب في مليلية خلال أقل من أسبوعين    كلب مسعور على حدود المغرب .. والسلطات الإسبانية تدق ناقوس الخطر    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العرف الأمازيغيّ: العلمانيّة اختراع مغربيّ..!
نشر في هسبريس يوم 10 - 04 - 2013

عادة ‬ما ‬يبرز ‬الجدل ‬بين ‬المدافعين ‬عن ‬الهوية ‬المغربية ‬والأصالة ‬وبين ‬دعاة ‬التحديث ‬والانفتاح ‬على ‬العصر، ‬خاصة ‬في ‬قضايا ‬المجتمع ‬وحقوق ‬الإنسان. ‬الأعراف ‬الأمازيغية ‬جزء ‬أصيل ‬من ‬الهوية ‬المغربية، ‬لكنها ‬أقرب ‬في ‬بعض ‬جزئياتها ‬إلى ‬منطق ‬حقوق ‬الإنسان.‬
في ‬كل ‬السجالات ‬التي ‬عرفها ‬ويعرفها ‬المغرب ‬حول ‬حقوق ‬الإنسان ‬يبرز ‬الاختلاف ‬بين ‬توجهين. ‬توجه ‬تقدمي ‬يستدعي ‬مرجعية ‬حقوق ‬الإنسان ‬المتعارف ‬عليها ‬دوليا، ‬بتأويل ‬عصري ‬للدين، ‬وتوجه ‬محافظ ‬يشهر ‬الفيتو ‬في ‬وجه ‬الحقوقيين ‬بمقتضى ‬تأويل ‬تقليدي ‬للدين. ‬في ‬نهاية ‬كل ‬مواجهة ‬إما ‬يحصل ‬التوافق، ‬أو ‬تنتصر ‬الإيديولوجية ‬القائلة ‬بالحفاظ ‬على ‬الهوية ‬الإسلامية ‬للدولة ‬والمجتمع.‬
لكن ‬أهم ‬مكسب ‬حققه ‬المحافظون ‬في ‬جل ‬المعارك ‬الإيديولوجية ‬والسياسية ‬حول ‬حقوق ‬الإنسان ‬يتجلى ‬بالذات، ‬في ‬كونهم ‬نجحوا ‬في ‬ترسيخ ‬فكرة ‬أن ‬تأويلاتهم ‬التقليدية ‬للدين ‬الإسلامي ‬هي ‬الهوية ‬المغربية. ‬التقدميون، ‬في ‬نظر ‬هؤلاء، ‬مجرد ‬مغتربين ‬يريدون ‬فرض ‬قيم ‬دخيلة ‬لا ‬علاقة ‬لها ‬بهوية ‬المغاربة ‬الإسلامية. ‬
موقف ‬هؤلاء ‬المحافظين ‬يتعزز ‬دائما ‬بالسند ‬السياسي ‬الذي ‬يقدمه ‬المتحدثون ‬باسم ‬الخطاب ‬الديني ‬الرسمي ‬وإمارة ‬المؤمنين، ‬في ‬لحظات ‬حاسمة، ‬لعل ‬آخرها ‬كانت ‬لحظة ‬تضمين ‬بنود ‬معينة ‬في ‬دستور 2011. ‬الواقع ‬أن ‬هوية ‬المغرب ‬ليست ‬حصرا ‬كما ‬يقدمها ‬المحافظون ‬اليوم. ‬ابن ‬حنبل ‬وابن ‬تيمية ‬ومحمد ‬بن ‬عبد ‬الوهاب ‬وسيد ‬قطب ‬ليسوا ‬في ‬طليعة ‬المراجع ‬الفقهية ‬في ‬التراث ‬الإسلامي ‬المغربي. ‬بل ‬إن ‬جزءا ‬من ‬التراث ‬القانوني ‬الوطني ‬يكشف ‬كم ‬كان ‬المغاربة ‬موفقين ‬في ‬المصالحة ‬بين ‬الواقع ‬ومقاصد ‬الشرع. ‬يتمثل ‬هذا ‬التراث ‬في ‬اجتهادات ‬فقهية ‬معينة، ‬لكنه ‬يتجلى ‬بالخصوص ‬في ‬منظومة ‬‮«‬الأعراف ‬الأمازيغية»‬. ‬
لا ‬ترقى ‬هذه ‬الأعراف، ‬في ‬مجملها، ‬إلى ‬ما ‬بلغته ‬المواثيق ‬العصرية ‬لحقوق ‬الإنسان ‬من ‬وضوح ‬وحسم ‬في ‬ضمان ‬الكرامة ‬والحرية ‬والمساواة. ‬بل ‬إنها ‬تميز ‬بين ‬الأحرار ‬والعبيد ‬والبيض ‬والسود ‬والملاك ‬والخماسين، ‬ونسبيا ‬بين ‬الرجال ‬والنساء. ‬لكن ‬العرف ‬الأمازيغي ‬يقترب ‬مع ‬ذلك ‬في ‬بعض ‬مقتضياته ‬من ‬روح ‬المواثيق ‬العصرية ‬لحقوق ‬الإنسان. .
يشدد ‬أحمد ‬عصيد، ‬الأستاذ ‬الباحث ‬بالمعهد ‬الملكي ‬للثقافة ‬الأمازيغية، ‬في ‬هذا ‬الصدد ‬على ‬ضرورة ‬التمييز ‬بين ‬‮«‬استلهام ‬التراث‮»‬ ‬و«إحيائه‮»‬، ‬فالمطلوب ‬‮«‬ليس ‬استرجاع ‬التراث، ‬بل ‬استلهام ‬الجوانب ‬الإيجابية ‬فيه ‬في ‬معركة ‬الدفاع ‬عن ‬التقدم ‬وحقوق ‬الإنسان ‬بمعناها ‬العصري‮»‬. ‬بينما ‬يطابق ‬المحافظون ‬بين ‬هوية ‬المغرب ‬الإسلامية ‬والتراث ‬الوهابي ‬والإخواني ‬المشرقي، ‬تظهر ‬وثائق ‬الأعراف ‬الأمازيغية ‬وجها ‬آخر ‬للهوية ‬المغربية ‬أكثر ‬وفاء ‬للماضي ‬كما ‬عاشه ‬فعلا ‬المغاربة، ‬وأقرب ‬لبعض ‬قيم ‬العصر ‬الإنسانية. ‬وتبقى ‬أقدم ‬وثيقة ‬للعرف ‬الأمازيغي ‬تلك ‬التي ‬تم ‬العثور ‬عليها ‬بالأطلس ‬الصغير ‬في ‬مجال ‬عمالة ‬اشتوكة ‬آيت ‬باها، ‬وتعرف ‬ب«لوح ‬حصن ‬أكادير ‬وجاريف‮»‬، ‬يرجع ‬عهدها ‬إلى ‬سنة ‬1498 ‬م، ‬حسب ‬ما ‬ورد ‬في ‬كتاب ‬‮«‬ألواح ‬جزولة ‬والتشريع ‬الإسلامي»‬ ‬لمحمد ‬العثماني.‬
النفي ‬بدل ‬الإعدام
يخوض ‬المجتمع ‬المدني ‬المغربي ‬منذ ‬سنوات ‬معركة ‬إلغاء ‬عقوبة ‬الإعدام. ‬ومهما ‬أسهب ‬الحقوقيون ‬في ‬استعراض ‬حججهم ‬للإقناع ‬بضرورة ‬إلغاء ‬هذه ‬العقوبة، ‬إلا ‬ويرفع ‬المحافظون ‬في ‬وجههم ‬ورقة ‬الهوية ‬الإسلامية. ‬بغض ‬النظر ‬عن ‬بعض ‬التفاصيل ‬القانونية، ‬يعتبر ‬الإسلاميون ‬أن ‬إلغاء ‬هذه ‬العقوبة ‬مناقض ‬في ‬نهاية ‬المطاف ‬لأحكام ‬الشرع. ‬
تلك ‬الأحكام ‬التي ‬تمثل ‬بالنسبة ‬لهؤلاء ‬ثوابت ‬أبدية ‬لا ‬يمكن ‬ملاءمتها ‬مع ‬تطورات ‬الزمن. ‬متناسين ‬أن ‬الخلفاء ‬الراشدين ‬اجتهدوا ‬مع ‬وجود ‬النص، ‬ذلك ‬أن ‬عمر ‬بن ‬الخطاب، ‬مثلا، ‬اجتهد ‬فأوقف ‬منح ‬الزكاة ‬لفئة ‬‮«‬المؤلفة ‬قلوبهم‮»‬ ‬رغم ‬أن ‬الحكم ‬الشرعي ‬واضح ‬في ‬القرآن ‬الكريم ‬بهذا ‬الخصوص، ‬لكن ‬هذا ‬الخليفة ‬الراشد ‬كانت ‬له ‬الحكمة ‬ليوافق ‬هذا ‬الحكم ‬الشرعي ‬مع ‬مستجدات ‬الواقع ‬اللاحق ‬على ‬لحظة ‬نزول ‬الآية ‬الآمرة ‬بمنح ‬الزكاة ‬لتلك ‬الفئة. ‬فضلا ‬عن ‬اجتهاد ‬عمر ‬بن ‬الخطاب ‬بوقف ‬قطع ‬أيدي ‬اللصوص ‬لتبدل ‬الحال ‬وحلول ‬المجاعة.‬ الواقع ‬أن ‬الهوية ‬المغربية ‬تتضمن ‬أحكاما ‬قانونية ‬أنتجها ‬المغاربة ‬المسلمون ‬في ‬مناطق ‬أمازيغية ‬مختلفة ‬أقرب ‬لهذا ‬المنهج. ‬
في ‬مقابل ‬أصناف ‬كثيرة ‬من ‬الجرائم ‬كان ‬أجدادنا ‬المغاربة ‬المسلمون ‬يقضون ‬على ‬الجناة ‬بالغرامات ‬والنفي ‬دون ‬الإعدام. ‬في ‬كتابه ‬‮«‬القوانين ‬العرفية ‬الأمازيغية ‬– ‬الجزء ‬1»‬ ‬يورد ‬أحمد ‬أرحموش، ‬المحامي ‬والناشط ‬الأمازيغي، ‬أمثلة ‬عن ‬هذه ‬الأحكام ‬من ‬لائحة ‬أعراف ‬‮«‬تاعقيت ‬قصر ‬الكارة‮»‬، (‬غير ‬مؤرخة) ‬وهي ‬منطقة ‬تقع ‬على ‬ضفاف ‬نهر ‬زيز ‬كما ‬يوضح ‬المؤلف. ‬
البند ‬104 ‬من ‬لائحة ‬هذا ‬العرف ‬يقضي ‬بأن ‬‮«‬من ‬قتل ‬أحدا ‬من ‬أهل ‬البلد، ‬يعطي ‬مثقالا ‬للشيخ ‬ولعائلة ‬المقتول ‬خمسين ‬مثقالا ‬ويرحل ‬من ‬البلد‮»‬.‬ ‬وأما ‬‮«‬إن ‬قتل ‬برانيا ‬أحدا ‬من ‬أهل ‬بلدنا ‬يعطي ‬للقبيلة ‬مائة ‬مثقال‮»‬. ‬وأما ‬‮«‬إن ‬قتل ‬براني ‬برانيا ‬يعطي ‬القاتل ‬خمسين ‬مثقالا ‬ومنه ‬للمقتول ‬وهذا ‬كله ‬في ‬حدود ‬بلدنا‮»‬.‬
في ‬وثيقة ‬أخرى ‬من ‬أعراف ‬قبيلة ‬آل ‬ماسة ‬مؤرخة ‬في ‬سنة ‬1266 ‬هجرية، ‬يحكم ‬على ‬القاتل ‬ب«إعطاء ‬قنطار ‬من ‬المال‮»‬ ‬و«تخلى ‬داره ‬ويزوك ‬من ‬بلاده‮»‬ (‬أي ‬ينفى). ‬أما ‬في ‬أعراف ‬قبيلة ‬آيت ‬عثمان ‬‮«‬تعقيت ‬ن ‬أيت ‬عثمان‮»‬، ‬فيفرض ‬على ‬‮«‬من ‬قتل ‬أحدا ‬نعوذ ‬بالله ‬من ‬ذلك ‬مائة ‬مثقال‮»‬. ‬من ‬جهتها ‬تنص، ‬لوائح ‬قبيلة ‬‮«‬واحة ‬تدغة ‬– ‬لوح ‬أفانور‮»‬ ‬على ‬أن ‬‮«‬من ‬قتل ‬أحدا ‬يعطي ‬مثقالا ‬وتحرق ‬داره ‬ويطرد‮»‬، ‬و«إن ‬كان ‬القاتل ‬اشترك ‬الدار ‬مع ‬إخوانه ‬لا ‬يحرق ‬سوى ‬حظه‮»‬. ‬
في ‬مؤلف ‬لمنظمة ‬‮«‬تاماينوت‮»‬ ‬حول ‬‮«‬القانون ‬العرفي ‬الأمازيغي ‬والتشريعات ‬بالمغرب‮»‬، ‬يسجل ‬حنداين ‬محمد ‬أن ‬‮«‬القانون ‬الجنائي ‬في ‬الأعراف ‬الأمازيغية ‬لا ‬يتضمن ‬العقوبات ‬البدنية ‬ولا ‬عقوبة ‬الإعدام. ‬على ‬العكس ‬من ‬ذلك ‬يركز ‬المشرع ‬على ‬الغرامات ‬المالية ‬التي ‬تشكل ‬موردا ‬ماليا ‬أساسيا ‬بالنسبة ‬للقبائل. ‬بهذه ‬الموارد ‬تمول ‬خزائن ‬القبيلة ‬والضرائب ‬لا ‬تفرض ‬إلا ‬نادرا ‬وفي ‬حالات ‬استثنائية.‬‮»‬
فرض ‬الغرامات ‬على ‬المذنبين ‬يشمل ‬في ‬بعض ‬الأعراف ‬الأمازيغية ‬حتى ‬قتل ‬القطط. ‬إذ ‬يقضي ‬بند ‬من ‬أعراف ‬قبيلة ‬‮«‬واحة ‬تدغة ‬لوح ‬أفانو‮»‬ ‬أن ‬‮«‬من ‬قتل ‬القط ‬لغير ‬إصلاح ‬يعطي ‬ثمان ‬موزونات ‬وإن ‬أنكر ‬يحلف ‬في ‬المسجد‮»‬! ‬
لا ‬عقوبات ‬بدنية في ‬الهوية ‬المغربية!‬
عادة ‬ما ‬تثير ‬مسألة ‬تطبيق ‬الحدود ‬الشرعية ‬مشاكل ‬إيديولوجية ‬بالنسبة ‬لبعض ‬حركات ‬الإسلام ‬السياسي. ‬إذا ‬كان ‬المعتدلون ‬من ‬الإسلاميين ‬تجاوزوا ‬هذه ‬الإشكاليات ‬بإرجاء ‬تطبيق ‬الحدود ‬إلى ‬أن ‬تكون ‬‮«‬الظروف ‬ملائمة‮»‬، ‬يستفيق ‬العالم ‬من ‬حين ‬لآخر ‬على ‬صور ‬صادمة ‬لمتطرفين ‬يرجمون ‬النساء ‬أمام ‬الملأ ‬في ‬الصومال ‬وباكستان ‬والسودان.‬
الهوية ‬المغربية ‬تتضمن ‬عناصر ‬بعيدة ‬كل ‬البعد ‬عن ‬هذه ‬القراءة ‬الحرفية ‬للإسلام ‬السمح. ‬في ‬لوائح ‬الأعراف ‬الأمازيغية ‬لا ‬تقابل ‬جرائم ‬السرقة ‬والزنا ‬واللواط ‬بقطع ‬الأيدي ‬والجلد ‬والرجم ‬والإعدام.‬
في ‬أعراف ‬‮«‬قصر ‬الكارة‮»‬ ‬مثلا، ‬‮«‬من ‬سرق ‬دارا، ‬نصافه (‬أي ‬عقوبته) ‬مائة ‬مثقال ‬للشيخ (‬شيخ ‬القبيلة) ‬ولرب ‬الدار ‬خمسون ‬مثقالا ‬ويرد ‬ما ‬سرق (‬...) ‬ويخرج ‬السارق ‬من ‬البلاد‮»‬. ‬أما ‬إذا ‬كان ‬السارق ‬غير ‬بالغ ‬‮«‬وثبتت ‬عليه ‬السرقة ‬يعطي ‬عشرين ‬مثقالا ‬للشيخ ‬ولرب ‬الدار ‬عشرة ‬مثاقل ‬ويرد ‬ما ‬سرق ‬ولا ‬يخرج ‬من ‬البلدة‮»‬.‬
باقي ‬لوائح ‬الأعراف ‬التي ‬يجمعها ‬كتاب ‬أحمد ‬أرحموش ‬في ‬جزئيه ‬الأول ‬والثاني ‬تتضمن ‬تفصيلا ‬لأنواع ‬السرقات ‬وحجم ‬الغرامات ‬المترتبة ‬عنها ‬دون ‬أي ‬عقوبات ‬بدنية ‬في ‬حق ‬السارق. ‬ففي ‬لوح ‬قبيلة ‬آل ‬ماسة، ‬مثلا، ‬‮«‬من ‬تعدى ‬على ‬نفسه ‬وقطع ‬طريق ‬سوق ‬أو ‬سرق ‬منهم، ‬عليه ‬بمائة ‬ريال‮»‬، ‬و«من ‬قطع ‬في ‬طريق ‬المخزن ‬من ‬تبوزمت ‬إلى ‬الميزان ‬أو ‬تابعه ‬ليأخذ ‬منه ‬الزطاطة (‬إتاوة) ‬فيعطي ‬خمسين ‬مثقالا‮»‬. ‬و«من ‬سرق ‬الزرع ‬في ‬فدان ‬غيره ‬يعطي ‬مثقالا ‬ويرد ‬ما ‬أخذ‮»‬.‬
مسألة ‬الزنا ‬أو ‬‮«‬الفاحشة‮»‬ ‬كما ‬تسميها ‬وثائق ‬الأعراف ‬الأمازيغية ‬تواجه ‬في ‬جميع ‬اللوائح ‬المنشورة ‬بعقوبات ‬الغرامة ‬وطرد ‬النساء ‬‮«‬السفيهات‮»‬ ‬من ‬تراب ‬القبيلة ‬أو ‬القصر. ‬في ‬لائحة ‬أعراف ‬الكارة ‬‮«‬من ‬دخل ‬على ‬امرأة ‬وأراد ‬منها ‬الفاحشة ‬ووجده ‬الشيخ ‬أو ‬شهد ‬عليه ‬زوجها ‬أو ‬قريبها ‬يعطي ‬مائة ‬مثقال ‬لكل ‬عتبة ‬النصف ‬منها ‬للشيخ ‬ولرب ‬الدار ‬النصف ‬الآخر‮»‬. ‬‮«‬وأما ‬من ‬أدخل ‬امرأة ‬سفيهة ‬إلى ‬القصر ‬وأسكنها ‬يعطي ‬عشرين ‬مثقالا ‬لكل ‬واحد ‬ويخرجها‮»‬.‬
في ‬لوائح ‬أعراف ‬قبيلة ‬آيت ‬أوجانا ‬‮«‬من ‬تعلق ‬بامرأة ‬لأجل ‬الفاحشة ‬وظهرت ‬عليه ‬يعطي ‬خمسين ‬ريالا‮»‬. ‬و«إن ‬توافق ‬الرجل ‬والمرأة ‬على ‬الزنى ‬فعلى ‬كل ‬واحد ‬منهما ‬خمسة ‬وعشرون ‬مثقالا ‬وعليهما ‬عشاء ‬القبيلة ‬لكل ‬منهما‮»‬.‬
أما ‬في ‬أعراف ‬نايت ‬عثمان ‬‮«‬من ‬أتى ‬بامرأة ‬للفساد ‬من ‬الساقية ‬إلى ‬سد ‬أمزوج ‬بعشرة ‬ريالات‮»‬. ‬بينما ‬تقضي ‬أعراف ‬قبيلة ‬واحة ‬تدغة ‬على ‬‮«‬من ‬مد ‬يده ‬للمرأة ‬بسبب ‬عيب ‬زنا ‬أو ‬فحشاء ‬وعيطت ‬عليه، ‬فعليه ‬خمسون ‬مثقالا ‬إن ‬كان ‬متهوما ‬بعد ‬يمينها ‬بعشرة ‬إخوانها ‬إن ‬لم ‬يكن ‬لها ‬زوج ‬أو ‬قريب ‬الزوج‮»‬.‬
أعراف ‬الكارة ‬تفرد ‬بندا ‬للمثلية ‬الجنسية ‬وتنص ‬على ‬أن ‬‮«‬من ‬فعل ‬الفاحشة ‬برجل ‬لا ‬يعطي ‬إلا ‬عشرة ‬مثاقل، ‬والأدنى ‬عشرين ‬مثقالا ‬وإن ‬لم ‬يصوما ‬فمثقال ‬لكل ‬واحد‮»‬. ‬ما ‬يبدو ‬بعيدا ‬كل ‬البعد ‬عن ‬حكم ‬قتل ‬‮«‬الفاعل ‬والمفعول ‬به‮»‬، ‬الذي ‬يروج ‬له ‬البعض ‬حتى ‬من ‬داخل ‬المجالس ‬العلمية ‬الرسمية، ‬مثل ‬الفقيه ‬محمد ‬التاويل ‬الذي ‬لم ‬يتردد ‬في ‬القول ‬بقتل ‬المثليين ‬حين ‬سئل ‬عن ‬رأي ‬الشرع ‬في ‬ذلك، ‬في ‬حديث ‬نشره ‬موقع ‬‮«إسلام ‬أون ‬لاين»‬ ‬قبل ‬بضع ‬سنوات.‬
مدونة ‬الأسرة ‬تستلهم ‬عرف ‬تمازالت ‬
يذكر ‬أحمد ‬عصيد ‬أن ‬الحركة ‬النسائية ‬المغربية ‬في ‬معركتها ‬من ‬أجل ‬المساواة ‬وجدت ‬في ‬عرف ‬‮«‬تمازالت‮»‬ ‬سندا ‬من ‬الهوية ‬المغربية ‬يعزز ‬أحد ‬مطالبها. ‬‮«‬نجحت ‬الحركة ‬النسائية ‬في ‬انتزاع ‬مكسب ‬اقتسام ‬الأموال ‬المكتسبة ‬بين ‬الزوجين ‬بعد ‬الطلاق، ‬خلال ‬معركة ‬مدونة ‬الأسرة، ‬باستلهام ‬هذا ‬العرف ‬الأمازيغي ‬المترجم ‬بحكم ‬الكد ‬و«السعاية‮»‬ ‬يوضح ‬عصيد.‬
في ‬الجزء ‬الأول ‬من ‬كتابه ‬‮«‬القوانين ‬العرفية ‬الأمازيغية‮»‬ ‬يحدد ‬أرحموش ‬مضمون ‬عرف ‬‮«‬تمازالت‮»‬ ‬بالاستناد ‬على ‬‮«‬الأعراف ‬الجاري ‬بها ‬العمل ‬في ‬منطقة ‬جزولة (‬سوس) ‬ولدى ‬فقهاء ‬مصمودة‮»‬، ‬والتي ‬‮«‬تجعل ‬الزوجة ‬شريكة ‬لزوجها ‬في ‬المال ‬المستفاد، ‬ولا ‬يضيرها ‬في ‬ذلك ‬مثلا ‬استئثار ‬الزوج ‬بالمشتريات ‬وجعله ‬سنداتها ‬في ‬اسمه ‬وحده‮»‬. ‬وذلك ‬‮«‬متى ‬ثبت ‬أن ‬الزوجة ‬قد ‬ضحت ‬أيام ‬الزوجية، ‬وضربت ‬الكد ‬في ‬ما ‬استفاداه ‬معا، ‬هي ‬وزوجها، ‬من ‬الأموال ‬والممتلكات، ‬بمشاركتها ‬مثلا ‬بكدها ‬في ‬التويزة (‬تيويزي) ‬الدورية ‬التي ‬تكون ‬في ‬الحرث ‬والحصاد ‬وغيرهما، ‬وكذا ‬بعملها ‬في ‬جلب ‬الماء ‬من ‬السواقي ‬والآبار ‬وباحتطابها ‬من ‬الغابات ‬والبراري، ‬وباعتنائها ‬بتربية ‬الماشية ‬وخروجها ‬للرعي، ‬وبتعاطيها ‬لأعمال ‬الغزل ‬والنسيج، ‬وبخدمتها ‬بشكل ‬أو ‬بآخر ‬حال ‬حضور ‬الزوج ‬أو ‬غيابه‮»‬. ‬يورد ‬أرحموش ‬نموذجا ‬لحكم ‬قضائي ‬يستلهم ‬العرف ‬الأمازيغي ‬قبل ‬تعديل ‬مدونة ‬الأسرة. ‬يتعلق ‬الأمر ‬بحكم ‬صدر ‬عن ‬القاضي ‬أحمد ‬أعمو ‬من ‬المحكمة ‬الشرعية ‬بتيزنيت ‬بتاريخ ‬24 ‬يناير ‬1960، (‬رقم ‬الحكم ‬25/‬51) ‬يستند ‬على ‬حيثيات ‬من ‬ضمنها ‬أن ‬‮«‬نساء ‬البادية ‬جرى ‬العمل ‬باستسعائهن‮»‬. ‬ويقضي ‬على ‬المدعى ‬عليه ‬أن ‬‮«‬يتحاسب ‬معها ‬في ‬سعايتها ‬معه ‬مناصفة ‬في ‬بناء ‬بيتين ‬ومطبخ، ‬وفي ‬خمس ‬شجرات ‬تين ‬وبنائهما ‬بعدما ‬حلفت ‬أنها ‬غرست ‬وبنت ‬معه‮»‬.‬
حنداين ‬محمد ‬يلاحظ ‬من ‬جهته ‬أن ‬الأعراف ‬الأمازيغية ‬‮«‬تقر ‬تعدد ‬الزوجات ‬لكنها ‬تمنح ‬الزوجة ‬الحق ‬في ‬أن ‬تشترط ‬على ‬زوجها، ‬في ‬عقد ‬الزواج، ‬أن ‬لا ‬يتزوج ‬عليها ‬وأن ‬لا ‬يهجر ‬بيت ‬الزوجية ‬لأكثر ‬من ‬3 ‬أشهر‮»‬. ‬كما ‬ورد ‬في ‬مساهمته ‬بمؤلف ‬‮«‬القانون ‬العرفي ‬والتشريعات ‬بالمغرب‮»‬ ‬لمنظمة ‬‮«‬تاماينوت‮»‬. ‬أعراف ‬قبيلة ‬ماسة، ‬من ‬جهتها، ‬تتضمن ‬بندا ‬قريبا ‬من ‬مبدأ ‬المساواة ‬العصري ‬بين ‬الجنسين، ‬ينص ‬على ‬أن ‬‮«‬في ‬حالة ‬السرقة، ‬شهادة ‬امرأتين ‬تساوي ‬شهادة ‬رجلين‮»‬.‬
ديمقراطية ‬مخزنها ‬الاستعمار
في ‬دراسته ‬حول ‬ألواح ‬جزولة (‬سوس) ‬يوضح ‬أرحموش ‬أن ‬صياغة ‬القوانين ‬التي ‬تتضمنها ‬هذه ‬الألواح ‬‮«‬تقع ‬تحت ‬إشراف ‬الجماعة ‬في ‬اجتماع ‬عام ‬ينعقد ‬في ‬مدرسة ‬القبيلة ‬أو ‬في ‬الموسم، ‬وتكون ‬الغاية ‬منه ‬وضع ‬القانون ‬أو ‬تجديده ‬أو ‬تعديله ‬أو ‬إضافة ‬فصول ‬أخرى، ‬وذلك ‬بعد ‬عرضها ‬على ‬الجمع ‬العام ‬والاتفاق ‬عليها ‬والمصادقة ‬عليها، ‬ويذيل ‬اللوح ‬بذكر ‬أسماء ‬الحاضرين ‬من ‬أعيان ‬القبيلة ‬‮«‬إينفلاس‮»‬ ‬ليعرض ‬على ‬هيئة ‬يسمونها ‬بالعلماء ‬(‬أي ‬رجال ‬الدين) ‬وليحرر ‬ما ‬اتفق ‬عليه ‬من ‬طرف ‬إمام ‬المسجد ‬أو ‬أستاذ ‬مدرسة ‬أو ‬عدلي ‬القبيلة‮»‬. ‬أما ‬‮«‬إينفلاس‮»‬ ‬أو ‬أعيان ‬القبيلة ‬الذين ‬يتولون ‬المسائل ‬التشريعية ‬وضبط ‬الأمن، ‬‮«‬فلا ‬يتوفرون ‬على ‬رئاسة ‬مستمرة، ‬بل ‬حسب ‬الرغبة ‬فيها ‬أو ‬عنها، ‬بحيث ‬يقال ‬إن ‬ظهرت ‬عليه ‬معالم ‬الخيانة ‬لتسحب ‬منه ‬الثقة، ‬وليعوض ‬بآخر ‬منتخب ‬بشكل ‬جماعي ‬في ‬جمع ‬عام ‬للقبيلة‮»‬. ‬قبل ‬تنفيذ ‬القانون، ‬يشير ‬أرحموش، ‬إلى ‬أنه ‬يتم ‬‮«‬إشهاره ‬في ‬سكان ‬القبيلة ‬بتعليقه ‬في ‬الأسواق ‬وقراءته ‬على ‬الجماعة، ‬وتفسيره ‬باللغة ‬الأمازيغية، ‬وقد ‬يتم ‬الإشهار ‬بواسطة ‬ما ‬يسمى ‬البراح‮»‬. ‬
كما ‬يسجل ‬أرحموش ‬التمييز ‬بين ‬أدوار ‬علماء ‬الدين ‬وأعيان ‬القبيلة ‬في ‬تنفيذ ‬الأحكام ‬القضائية. ‬فالعلماء ‬‮«‬يختصون ‬في ‬الأحوال ‬الشخصية ‬والنزاعات ‬العقارية ‬والإرث، ‬ويتم ‬الفصل ‬فيها ‬عن ‬طريق ‬التحكيم ‬الذي ‬يتجسد ‬في ‬اتفاق ‬الخصمين ‬على ‬رفع ‬دعواهما ‬تحكيما ‬لدى ‬بعض ‬الفقهاء‮»‬. ‬
أما ‬‮«‬إينفلاسن‮»‬ ‬أي ‬الأعيان ‬‮«‬فيتولون ‬الفصل ‬في ‬الجنايات ‬وبعض ‬المسائل ‬المدنية، ‬وتسند ‬لهم ‬في ‬الوقت ‬نفسه ‬مهمة ‬تنفيذ ‬الأحكام ‬والفتاوى. ‬وقد ‬يلاحظ ‬بذلك ‬أن ‬هؤلاء ‬الأعيان ‬خولت ‬لهم ‬صلاحية ‬السلطة ‬التنفيذية ‬والتشريعية ‬والقضائية‮»‬.‬
مع ‬ذلك ‬ينبه ‬عصيد ‬إلى ‬أن ‬‮«‬فتاوى ‬الفقهاء ‬في ‬المناطق ‬الأمازيغية ‬لم ‬تكن ‬تلبي ‬حاجة ‬المؤسسة ‬السياسية ‬بل ‬حاجة ‬المجتمع. ‬فكان ‬منهم ‬نوعان، ‬صنف ‬يرفض ‬الواقع ‬والأعراف ‬فيبقى ‬على ‬الهامش، ‬وصنف ‬يتعايش ‬داخل ‬الجماعة ‬ويحاول ‬ملاءمة ‬الشرع ‬مع ‬العرف‮»‬.‬
غير ‬أن ‬صدور ‬ظهير ‬11 ‬شتنبر ‬1914 ‬من ‬طرف ‬السلطان ‬مولاي ‬يوسف ‬على ‬عهد ‬الحماية ‬الفرنسية، ‬‮«‬سيفقد ‬العرف ‬الأمازيغي ‬استقلاليته ‬ليصير ‬تابعا ‬للسلطات ‬المخزنية ‬المسؤولة ‬عن ‬تنظيمه ‬وتعيين ‬الشيوخ ‬الذين ‬يتولون ‬ممارسته، ‬في ‬ما ‬كان ‬قبل ‬بيد ‬جماعات ‬منتخبة ‬مستقلة، ‬تتمتع ‬بالسلطات ‬التشريعية ‬والقضائية ‬والإدارية ‬لتتحول ‬في ‬النهاية ‬إلى ‬قضاء ‬مخزني»‬ ‬كما ‬يوضح ‬ذلك ‬محمد ‬مونيب ‬في ‬كتيب ‬‮«‬الظهير ‬البربري ‬في ‬الكتاب ‬المركزي‮»‬.
في ‬31 ‬ماي ‬2005 ‬قدم ‬عدد ‬من ‬نشطاء ‬الحركة ‬الثقافية ‬الأمازيغية ‬عريضة ‬طعن ‬في ‬مضامين ‬كتاب ‬مدرسي ‬يتحدث ‬عن ‬‮«‬الظهير ‬البربري‮»‬، ‬مرفوقة ‬بدعوى ‬قضائية ‬ضد ‬وزارة ‬التربية ‬الوطنية.‬. ومن ‬بين ‬‮«‬المغالطات‮»‬ ‬التي ‬يعتبر ‬المدعون ‬أن ‬الكتاب ‬المدرسي ‬تضمنها ‬حول ‬ظهير ‬16 ‬ماي ‬1930، ‬ما ‬يتعلق ‬بالأعراف ‬الأمازيغية، في حين ‬يحتج ‬العارضون ‬على ‬‮ الادعاء ‬في ‬الكتاب ‬المدرسي ‬بأن ‬صدور ‬الظهير ‬يعبر ‬عن ‬رغبة ‬فرنسا ‬في ‬إنشاء التفرقة.
* العدد ال3 من مجلّة هسبريس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.