تبدي الناشرة المصرية فاطمة البودي، مديرة دار العين بالقاهرة، شغفا وحماسة شديدين لنشر الإبداع والفكر المغربيين في الشرق العربي، تكريسا لتقليد بدأ مع رواد النقد والأدب ويتواصل مع الجيل الجديد من الكتاب المغاربة. وتؤكد البودي، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن دار العين سطرت، ضمن أهدافها الرئيسة، العمل على الترويج للأدب المغربي، والمغاربي بوجه عام، في كل أنحاء العالم العربي. هو هدف ارتسم بعد اكتشاف العوالم الإبداعية الأصيلة للكتاب المغاربة، رواية ونقدا وشعرا وقصة. الكتابة المغربية "بديعة وعميقة"، تقول فاطمة البودي، التي كانت الرواية المغربية والكتابة المغربية عموما، بالنسبة إليها، "مغلفة بأسرار المحيط العظيم قبل أن أكتشف عبر احتكاكي بالكتاب والقراء المغاربة ما زاد شغفي بالنشر لهم". وتقر الناشرة المصرية أن الاهتمام بنشر الرواية والقصة يفوق الاهتمام بالدراسات النقدية، بمنطق اقتصاد النشر ووضعية الطلب في السوق الثقافية، لكنها تؤكد حرص الدار على نشر الإنتاج الفكري المغربي "المعروف بأهميته وأصالته". أسماء مغربية كثيرة مرت بمطابع الدار المصرية في إطلالتها على قراء العالم العربي شرقا وغربا. من جيل الآباء الروائي ميلودي شغموم والناقد محمد برادة وصولا إلى الباحث محمد مشبال والناقد عبد الرحيم العلام. وانضاف إلى هذه القائمة شباب السرد المغربي من قبيل أنيس الرافعي وإسماعيل غزالي وياسين عدنان وعبد العزيز الراشدي وعمر علوي ناسنا والشاعر ناهيك عن اجتهادات نقدية وشعرية للباحث محمد العناز وادريس علوش. بل طال اهتمام الدار مغاربة المهجر من خلال الكاتب علال بورقية. وتبقى قائمة كتاب الدار المغاربة مرشحة للتوسع بالنظر إلى مشاريع النشر الكثيرة التي اعتمدتها المؤسسة وتنتظر موعد طرحها في المكتبات. وتتطلع الناشرة إلي حضور الدورة المقبلة لمعرض الدارالبيضاء الدولي للكتاب والنشر نهاية مارس الجاري من أجل تجديد الصلة بالكتاب المغاربة، وربما استشراف آفاق جديدة لنشر الكتاب المغربي. لا تخفي فاطمة البودي ارتياحها لطبيعة العلاقات المهنية بين الدار وكتابها المغاربة، والتي اكتست بعدا حميميا أساسه "احترام الحقوق الأدبية والمادية للمبدع"، فضلا عن الجودة الفنية للإصدار والإشعاع التسويقي لدار النشر. وتبرز العناوين الصادرة عن دار العين انحيازا واضحا للكتابة الجديدة. أمر لا تنكره فاطمة البودي التي تفتخر بكونها حليفة لامشروطة للكتابة التجريبية والطليعية التي تستلهم روح الثورة على البنيات التقليدية، دون التفريط في شرط الجودة والأصالة الإبداعية للنص. ومن آخر العناوين المغربية التي صدرت عن دار العين "موسم صيد الزنجور" لاسماعيل غزالي (رواية) و"أريج البستان في تصاريف العميان" لأنيس الرافعي (قصص) و"مفهوم الصورة في كتاب البيان والتبيين عند الجاحظ" لمحمد العناز (نقد). ويبدو أن علاقة الناشرة المصرية بالمشهد الثقافي المغربي لن تقف عند حد التعامل المباشر مع الكتاب المغاربة، إذ تتحدث فاطمة البودي عن إمكانية التأسيس لشبكات مهنية مع عالم النشر في المملكة معولة على نجاح مفاوضات جارية مع دار نشر مغربية مهمة لتدشين تجربة النشر المشترك الذي يفسح أمام الكتاب مجال رواج أوسع. يذكر أن فاطمة البودي بدأت نشاطها في النشر بإصدار كتب في الثقافة العلمية، انسجاما مع تكوينها في البيولوجيا، قبل أن تأخذ الدار إلى التحليق في عالم الكتابة الإبداعية والفكرية. لقد انضافت تحديات الوضع السياسي والأمني المضطرب في مصر إلى قائمة الصعوبات الكثيرة التي تعوق أنشطة مؤسسات النشر، لكن البودي تبدي ثقة كبيرة في قدرة قطاع الكتاب على الصمود في وجه العاصفة. ❊ و.م.ع