بمجلس المستشارين.. أخنوش يبرز أوجه التفوق المغربي في مجال الطاقات النظيفة    انخفاض أسعار اللحوم الحمراء في المغرب بعد بدء عملية الاستيراد    بلغة الأرقام يستعرض أخنوش البرامج والمشاريع الصناعية التي أبصرت النور في عهد حكومته        درك أزمور يحبط محاولة للهجرة السرية    جدول أعمال مجلس الحكومة المقبل    لافروف يحذر الغرب من النووي الروسي    مقتل جندي إسرائيلي في معارك لبنان    ملك وملكة إسبانيا يعودان إلى منطقة الفيضانات بعد الغضب الشعبي    حكيمي يبتغي اعتلاء العرش الإفريقي    للا مريم تترأس حفلا في ذكرى برلمان الطفل    الأمطار تعود إلى الريف وسط انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة    تهم ثقيلة تلاحق "رضى ولد الشينوية"    "حب الوطان" جديد كوكب المغرب حياة الإدريسي بمناسبة الذكرى 69 لعيد الإستقلال    وزارة الصحة الروسية تطلق اختبارات سريرية لعلاج جديد لسرطان الدم    الإعلام الإسباني يتغنى بتألق ابراهيم دياز رفقة المنتخب المغربي    دوري أبطال أفريقيا للسيدات.. الجيش الملكي يلاقي المسار المصري وعينه على العبور للنهائي    الذهب يلمع عند أعلى مستوى في أسبوع مع تراجع الدولار    المؤسسات والمقاولات العمومية تساهم بما يفوق 10 مليارات درهم في ميزانية الدولة    محاولة اغتيال وزير العدل الكندي السابق الداعم لإسرائيل    حادث مأساوي على طريق القصر الكبير – العرائش ينهي حياة طالب جامعي    جماعة الزوادة في قلب التنمية الاجتماعية و الاقتصادية الحقيقية بالإقليم    النرويج.. القبض على ابن ولية العهد بتهمة الاغتصاب    مساء هذا الثلاثاء في برنامج "مدارات" : لمحات من السيرة الأدبية للكاتب والشاعر محمد الأشعري    نظرية الجسد النسوي    "جون أفريك": الأرشيف الذي تعهدت فرنسا بإعادته للمغرب قد يُعزز مطالب المملكة ويُغير معالم الحدود مع الجزائر    من حزب إداري إلى حزب متغول    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    وزارة الداخلية تخصص 104 مليارات سنتيم لإحداث 130 مكتبًا لحفظ الصحة        الركراكي: الصبر والمثابرة أعطيا ثمارهما وتسجيل 26 هدفا لم يكن بالأمر السهل    ولي العهد السعودي يهنئ الملك بمناسبة عيد الاستقلال    حاتم عمور يصدر كليب «بسيكولوغ»    شبكة تسلط الضوء على ارتفاع أسعار الأدوية في المغرب    أربع جهات مغربية تفوز بجائزة "سانوفي" للبحث الطبي 2024    اليونسكو تدرس ملف "تسجيل الحناء"    في تأبين السينوغرافيا    الشاعرة الروائية الكندية آن مايكلز تظفر بجائزة "جيلر"    اتهمتهم بمعاداة السامية.. عمدة أمستردام تعتذر عن تصريحات تمييزية بحق مسلمي هولندا    نزاع حول أرض ينتهي بجريمة قتل    ما هي الطريقة الصحيحة لاستعمال "بخاخ الأنف" بنجاعة؟    فريق بحث علمي يربط "اضطراب التوحد" بتلوث الهواء    صحتك ناقشوها.. إضطراب النوم / الميلاتونين (فيديو)    يحدث هذا في فرنسا … !    مجموعة ال20 تعلن وقوفها خلف قرار وقف إطلاق النار في غزة    إندرايف تغير مشهد النقل الذكي في المغرب: 30% من سائقيها كانوا يعملون بسيارات الأجرة    الصناعة الرياضية: من الملاعب إلى التنمية    عرض الفليم المغربي "راضية" لمخرجته خولة بنعمر في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي    زنيبر: الاضطرابات الناجمة عن كوفيد-19 زادت من تفاقم الآثار "المدمرة بالفعل" للفساد    نشرة إنذارية: زخات رعدية ورياح عاصفية في عدد من أقاليم المملكة    جبهة مناهضة التطبيع تتضامن مع ناشط متابع على خلفية احتجاجات ضد سفينة إسرائيلية    شركة سوفيرين برو بارتنر جروب في قطر تعلن عن انضمام مدير عام جديد إلى فريقها، لقيادة مسيرة التوسع وتعزيز التعاون الاستراتيجي، في خطوة طموحة تنسجم مع رؤية قطر الوطنية 2030    جمعية الإمارات لطب وجراحة الصدر تضيء برج خليفة في حملة توعوية لمكافحة مرض الانسداد الرئوي المزمن    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دعوها فإن الحق أنطقها...وأخرص من اعتبروا "علماء"
نشر في هسبريس يوم 27 - 02 - 2013

ما صدر عن الفاضلة ميسون طارق سويدان هو في الحقيقة صرخة جريئة شجاعة...ضد توظيف الدين لشرعنة الاستبداد..صرخة ضد إلزام الناس بفهم معين محدد..للدين،يقتضي اختلافهم مع أتباعه ومخالفتهم له مخالة للدين تستوجب التكفير وربما تطبيق "حد" الردة،وكأن من اختار عن طواعية دينا آخر غير دينه أو دين آبائه وأجداده يستوجب القتل..صرخة ضد التحجر والتكلس والبداوة..في فهم الدين..صرخة ضد التضييق على المسلمين فيما وسعه الله عليهم في دينه...(جئنا لنخرج من شاء عبادة العبادة إلى عبادة رب العباد،ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة).
صرخة ضد هذا الفهم المغلوط للدين،والذي ينتشر بين كثير من المسلمين انتشار النار في الهشيم، وبشكل يصعب على كل ذي بصيرة استصاغته واعتباره أمرا عاديا بعيدا عن كل دعم من هذه الجهة أو تلك...
والسياق هنا يستدعي استحضار بعض الحقائق،لعلها تفي وتعين على تصليط بعض الأضواء لفهم سرعة هذا الانتشار:
الحقيقة الأولى:
الجذور التاريخية للمذهب السلفي الوهابي
كان أول من وضع الأسس والأركان للمذهب السلفي الشيخ أحمد بن تيمية في القرن الثامن الهجري، وكاد ما أسسه أن يصبح نسيا منسيا ويذهب أدراج الرياح،لولا أن قام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري بالتنقيب عما قبع في طيات كتب ورسائل ابن تيمية من بذور هذا المذهب،فقام بتجديدها وإحيائها ونشرها- بفضل مال وسيف آل سعود- في بيئة صحراوية بدوية ذات مناخ جاف،منطقة نجد،متنقلا بين مسقط رأسه "العُيينة" وبين قبيلة آل سعود "الدرعية" بنجد،وبعد استقراره بها قام بإبرام عهد مع أميرها آنذاك محمد بن سعود- جد السعوديين (المقصود بهم العائلة الحاكمة طبعا وليس الشعب السعودي الشقيق)- فكان مضمون الاتفاق/العهد يقضي بأن تكون الدعوة والإرشاد والتخطيط لمحمد بن عبد الوهاب ولأبنائه من بعده والتنفيذ والتطبيق والسلطة لمحد بن سعود ولأبنائه من بعده،فلم تزل هذه المعاهدة باقية إلى يومنا هذا،مع تغيّر جوهري في تبادل الأدوار بين العائلتين،إذ كانت في بداية التأسيس القوة والسلطة آلة طيعة في يد الشيخ محمد بن عبد الوهاب،إلا أنه في عصرنا الحالي تبدلت الأمور فأصبحت السلطة الدينية أداة طيعة في يد آل سعود.
ومما يؤكد رجحان ميزان القوة لصالح محمد بن عبد الوهاب وأسرته في بداية التأسيس ما تأكده الروايات من أن الأمير سعود بايع محمد بن عبد الوهاب على الجهاد في سبيل الله...هذا "الجهاد" الذي لم يكن في الحقيقة إلا حربا على باقي المسلمين من القبائل الأخرى المنتشرة بالجزيرة العربية،خصوصا بمنطقة نجد، وغزوا لديارهم،مما أدى إلى ظهور قبيلة "الدرعية" بقيادة آل سعود على باقي القبائل وسطوع نجمهم بالموازاة مع انتشار"المذهب" الوهابي،وهكذا دانت رقاب كل قبائل نجد ل"دعوة" محمد بن عبد الوهاب وسيف آل سعود،وكأن التاريخ يعيد نفسه فقد قيل قديما:(لولا لسان الحسن البصري وسيف الحجاج ما قامت لبني أمية قائمة).
السيطرة عنوة على كل القبائل النجدية قوى مطامع التوسع والنفوذ عند آل سعود فاتجهوا جنوبا لغزو الحجاز وطرد الأسرة الحاكمة هناك –الهاشميون،بزعامة حسين بن علي،المشهور ب"الشريف حسين"،لقب ب"الشريف" لإشرافه على الحجاز- فكان لآل سعود وللوهابيين ما أرادوا،خصوصا بعد دعم الأنجليز لهم وتخليهم عن حليفهم "الأسرة الهاشمية" وتنكرهم لهم حفاظا على مصالحهم بعد أن رأوا كفة الغلبة ترجح لصالح آل سعود.
وهكذا طرد الهاشميون من الحجاز وتمت السيطرة لآل سعود وللوهابيين على جل شبه جزيرة العرب،في حين قام الأنجليز باقتطاع الضفة الشرقية لنهر الأردن من أرض فلسطين ومنحها للهاشميين ليقيموا لهم دولة عليها،سميت لاحقا ب"المملكة الأردنية الهاشمية".
الحقيقة الثانية:
صور من التاريخ الحديث المعاصر
بعد التصريحات المتكررة جهارا وبالمناسبة وبدونها لحاكم ليبيا السابق "معمر القذافي" المطالبة بأن تكون للمناطق المقدسة بالحجاز (مكة المكرمة والمدينة المنورة) إدارة مستقلة مشتركة بين كل بلدان العالم الإسلامي، على شاكلة "الفاتيكان"-كما جاء على لسان القذافي يومها-وأن تكون عائدات الحجيج لكل المسلمين...
وبعد الأحداث التي شهدها الحرم المكي في موسم الحج لسنة 1986 بين الحجاج الإيرانيين والسلطات السعودية مما دفع إيران للمطالبة بنفس ما سبق للقذافي أن طالب به.
بعد هذين الأمرين،بدأ نظام الحكم في السعودية يتوجس خيفة على مآل استثبابه واستقراره...وهو الذي يستمد شرعية وجوده من إشرافه على مكة والمدينة وما جاورهما من أماكن مقدسة،فقام بأمرين-على الأقل- هما:
- إضافة لقب "خادم الحرمين" للعاهل السعودي،فكان أول من لقب بذلك، الراحل الملك فهد.
- إغذاق الأموال الطائلة من أجل نشر المذهب الوهابي والعمل على تصديره خارج الحدود،بل ولم لا الدفع بأتباع هذا المذهب للوصول للحكم في بلدان إسلامية معينة،من أجل قيام دويلات موالية للسعودية ولا يمكن أن تنازعها شرعيتها وسيادتها يوما ما على الحرمين المكي والمدني،بل ستكون تلك الدويلات من المنافحين عن تلك الشرعية وأول المتصدين،بقوة السلاح وبأعمال تفجيرية إرهابية،لكل دولة إسلامية تسول لها نفسها يوما ما منازعة الأسرة الحاكمة بالسعودية في تلك السيادة والشرعية.
وهنا نستحضر ثلاثة أمثلة فقط على ذلك:
• دعم السعودية اللامحدود لحركة طالبان من أجل الوصول للحكم بأفغانستان.
• اكتشاف الأجهزة الأمنية المغربية لما سمي يومها بالخلايا النائمة وتورط سعوديين فيها.
• ما جاء على لسان وزير الأوقاف السابق عبد الكبير العلوي المدغري أثناء إلقائه درسه الحسني أيام الراحل الحسن الثاني،من اتهام مباشر للسعودية من أنها تدعم نشر المذهب الوهابي بالمغرب الشئ الذي يقوض الأمن الروحي المغربي واستقراره...مما حدا بالسعودية عن طريق سفيرها يومذاك إلى توجيه احتجاج شديد اللهجة للمغرب،الأمر الذي كاد أن يعصف بالعلاقات المغربية السعودية.
الحقيقة الثالثة:(ولها صلة بالحقيقة الثانية)
وشهد شاهد من أهلها
أخبرني من هو ثقة عندي وعند الكثيرين غيري أنه جمعته مأدبة غذاء بالشيخ عبد العزيز بن باز،المفتي السابق للمملكة العربية السعودية،بدعوة من هذا الأخير،وأثناء تناول الغذاء أُخبر الشيخ من طرف أحد خدمه أن رجلا يستأذن في الدخول، كان الرجل- من هيأته ولهجته سعوديا،كما فهم من مضمون حديثه أنه كان رسولا مبعوثا للشيخ ابن باز لموريطانيا-ومما جاء على لسان هذا المبعوث:(...تبين لي يا شيخنا من خلال زيارتي أن التربة في مورطانيا خصبة وصالحة لنشر مذهبنا هناك...وأنا على استعداد لأكون سفيرا لسماحتكم هناك..).
على سبيل الختم
لهؤلاء الذين صرخت في وجههم ميسون- بجرأة ناذرة لم يقدر عليها كثير من "الرجال" من بين صفوف من سُمّوا "علماء"- ولأمثالهم ولمن يقف وراءهم دعما وتمويلا وتموينا...نقول:(لكم دينكم ولنا ديننا)،الدين الذي ارتضاه لنا ربنا،فرضينا عن حرية وطواعية بما ارتضاه لنا.دونما تكفير منا لأحد من أهل القبلة،فقولنا هذا (لكم دينكم ولنا ديننا) يُحمل مَحمل المجاز،فهو كناية على اختيار هؤلاء فهما معينا للدين وإنزاله منزلة الدين الوسطي الاعتدالي...الذي جاء به من بعث رحمة للناس كل الناس-عليه أفضل الصلاة والتسليم- وليس تصنيفُنا هذا بِدعا منا بل هو مؤصل بما جاء في كتاب الله:(قل أتعلمون الله بدينكم) (ما كان ليوسف أن ياخذ أخاه في "دين" الملك).
فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.