ولي العهد الأمير مولاي الحسن يستقبل الرئيس الصيني    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    جامعة عبد الملك السعدي تبرم اتفاقية تعاون مع جامعة جيانغشي للعلوم والتكنولوجيا    سفير ألمانيا في الرباط يبسُط أمام طلبة مغاربة فرصا واعدة للاندماج المهني    بوريطة: المقاربات الملكية وراء مبادرات رائدة في مجال تعزيز حقوق الإنسان    ولي العهد الأمير الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء الذي يقوم بزيارة قصيرة للمغرب    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب    رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'        أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره        أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة        رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف نكتب اللغة الأمازيغية
نشر في هسبريس يوم 19 - 02 - 2013

في موضوع سابق تحت عنوان: اللغة الأمازيغية بين الحرف الأصيل والبديل، تطرقنا – رغم حسم الموضوع لصالح تيفيناغ سياسيا – إلى استحالة استعمال الحرف العربي في كتابة هذه اللغة إلا إذا تم ذلك على حساب جودة الكتابة والتواصل، وذلك بالوقوف على خصوصيات البنية الصوتية للغتين، وكذا على خصوصية الحروف العربية ذاتها.
أما هنا، فالموضوع يتعلق بكيفية كتابة اللغة الأمازيغية بحروفها، في هذه الفترة الدقيقة (فترة ما يصطلح عليه ب"التقعيد" أو "التقنين"- بتحفظ - أو المعيرة) التي تؤثث وتؤسس لما ستؤول إليه هذه اللغة في ما يستقبل من الزمن في شقها الكتابي؛ والكتابة من أهم رهاناتها التي ستمكن من ربط مشرق العالم الأمازيغي بغربه، وماضيه بحاضره، وستنقل إلى الأجيال اللاحقة إرثا حضاريا كبيرا على جميع الأصعدة. لكن، ماذا سنحقق من كل ذلك إذا لم نضبط القواعد النحوية والإملائية الكفيلة بتوحيد مستعملي هذه اللغة على مستوى المعنى والمبنى؟
ملاحظات أولية:
1- أن بعض اللسانيين – سواء داخل (إركام) أو خارجه – يتناولون موضوع الكتابة بحروف تيفيناغ من منطلقات خاطئة من الزاوية العلمية. وما بُني على خطأ فالنتيجة حتما ستكون خاطئة.
2- أن توفر النظريات والتحليلات والتجهيزات العلمية حاليا تجعل ارتكاب الخطأ غير مسموح به إلا إذا أُخِذت الأمور باستخفاف. وسنعيد تكرار نفس تجربة اللغات التي مرت إلى مرحلة الكتابة قبل تطور علوم الصوتيات والنظريات النحوية. وستكون النتيجة هي إخضاع قواعد الكتابة لإرادة وآراء الأشخاص (اللسانيين) بدل تعميق دراستها على ضوء التطورات المعرفية.
La formalisation
لنبدأ هنا من مصطلح "تقنين" أو "تقعيد" الذي قد يُفهم منه ("وضع" قوانين أو قواعد معينة للغة ما)، في حين أن المسألة تتعلق ب"استخراج" الآليات التي تتحكم في تراكيب هذه اللغة الموجودة بالفعل منذ آلاف السنين ، والتي استطاعت من خلالها تحقيق التواصل (في وضعيات مختلفة) بين مستعمليها؛ وليس بوضع قوانين جديدة مستنبطة من أفكار وطروحات ذاتية للسانيين : بحيث لا يجب المس ببنية اللغة أو التصرف فيها مهما كانت المدرسة اللسانية التي ينتمون إليها، وإنما يقتصر التنافس على الإجتهاد في تدقيق وصف وتفسير هذه الآليات ومكوناتها ووظائف كل مكون، سواء على حدة أو في ارتباطه مع مكون آخر يشترك معه في نفس وظيفة ما.
يتحدث الكثيرون عن مرحلة ما قبل (إركام) ومرحلة ما بعده: في الأولى كان استعمال الحرف اللاتيني سائدا لدى أبناء المدارس الحديثة (وليس العتيقة)، مع وضع حرفين لرسم كل صوت غير موجود في بنية الفرنسية مثل: (خ=hk) أو (غ=hg لتمييزها عن r )؛ وفي الثانية، تم اتخاذ القرار الحاسم باستعمال حروف تيفيناغ، وهي مسألة جد هامة، لكن الشروع في أجرأة ذلك تم قبل إعداد الإطارات النظرية له بما يتوافق مع مميزات اللغة الأمازيغية، مما خلق نوعا من الإرتباك أدى إلى خطوات ارتجالية خصوصا على مستوى "التنظير" لطريقة الكتابة.
وخلال المرحلتين، بقي المشكل الاساسي مرتبطا ب:
- عدم تحديد بنية الجمل النحوية وعزل مكوناتها حسب وظيفة كل منها لِحَصْرِ هيكله، وتحديده كقالب قابل للملأ والإفراغ حسب السياقات. وهذه العملية كفيلة بإبراز حدود الألفاظ / الكلمات – مثلا– وعلاقات الإتصال أو الإنفصال بين مكوناتها وبإيجاد تفسير منطقي لطريقة رسمها.
- إهمال صائت (ٍVoyelle) "الشفا" [أو awhcS أوmli الذي يُرْمَزُ إليه بِ [ə] في IAP'l.]، بحيث ظل يُنظر إليه كشيء غير ذي بال، إما نظرا لصعوبة تحديد مكانه في الجملة الصوتية – نظرا لحياديته – مقارنة بالصوائت الأخرى مثل [a-u-i] الظاهرة أو لعدم إيلائه ما يستحق من اهتمام رغم وظائفه الأساسية؛ وهذا على الرغم من بعض الإجتهادات المحتشمة على مستوى الكتابة خاصة بعد تأسيس إركام.
1- الجملة النحوية:
سنعزل مكونات جملة صوتية معينة وسنُرَقِّمُ مكوناتها بشكل مبسط، ليتسنى الوقوف عليها انطلاقا من المثل التالي:
[مثال ُيقرأ من اليسار إلى اليمين كالفرنسية مع التذكير بأن (ġ=غ) ( ž=ج)؛( – = علاقة انفصال)؛(' أو . = علاقة اتصال بين المكونات التي تتوسطها ك"الضمائر في علاقتها مع الافعال")] :
- المفاتيح Légende
.1-(Ur) particule de Négation .2- (da) adv. du temps (présent continu) .3- i = il (pronom sujet grammatical) + ssiġi = Verbe (allumer) à la forme appuyée (négative), imposée par (da) antéposé .4- afa = Nom : le feu .5- i = il (pronom sujet gram.)+ V.(partir / s'en aller) à l'aoriste narratif .6-- i = il (pronom sujet gram.)+ V.(laisser) à l'aoriste narratif + 't = pronom personnel «le», (C.O.D) .7- ġas = restrictif (que), exprimant l'exception .8- Nom (le voyageur/passant) .9- (ur) particule de Négation .10- i = il (pronom impersonnel sujet invariable ) + V.(être libre) à l'aoriste négatif + (n) désinence participiale invariable .11- Nom (le fait de rester).
– تعليق :
يكون المنطلق الأول هو "الجملة الصوتية" التي لا أهمية فيها للأصوات - المعزولة في حد ذاتها - إلا من خلال علاقتها (أو علاقاتها) مع المكونات الأخرى التي" تَبْنِي" معها المعنى العام للجملة / المنتوج. وقدرة المتلقي على تفكيك الرسالة الشفهية بدايةًََ، وفهمه للمغزى الذي يقصده المُرْسِِل - إذا كانا ينتميان إلى نفس التجمع البشري أو يستعملان نفس الكود - دليل على فعالية النسق اللساني المستعمل، ولا يحتاج إلى اجتهاد إلا في ما يخص الوظيفة الشعرية.
إن حاولنا الترجمة الحرفية للمثل أعلاه قد نقول:
[لا يُشعِلُ النارَ (فَ)يَذْهَبُ (وَ)يَتْرُكُها إلا المسافرُ [أو عابرُ السبيل] (الذي) لا وقت لديه للجلوس [أو للبقاء بعين المكان].
براغماتيا، قد يشير المعنى إلى (إن من يستقر في مكان ما لن يغامر بإهمال خطر معين (مثل النار) قد يعود وبالا على بلدته).
وهذه الرسالة نُقِلَت بالكلام قبل أن تُنقَل كتابة، وما على الكتابة إلا أن تنقلها بإخلاص، وتعكس الأصوات (الصائتة والصامتة) بوفاء، وكذلك العلاقات الوظيفية التي تربط بين جميع المكونات المتفاعلة.
في الترجمة الحرفية، اضطررنا إلى إضافة (الفاء والواو) بين قوسين احتراما للوظيفة التي يؤديها –هنا– الزمن الفعلي الذي يُطلق عليه إسم (لاووريست)، وهي "الوظيفة السردية" التي تعكس التسلسل الزمني وعلاقة التتابع بين الأفعال الثلاثة: أشعل – ذهب - ترك. كما اضطررنا إلى إضافة اسم موصول (الذي) بين قوسين، احتراما للدور الذي يقوم به الضمير المتصل[i] أي (هو)، وهو ضمير متصل "فاعل" لفِعْل (سَالا) في ارتباط مع (ن) في آخره؛ و(ن)هو مؤشر نحوي ثابت لا يتغير (تبعا لتغيير ضمائر"الفاعل")؛ ويشكلان معا قالبا نحويا قارا، يؤدي - هنا- ما معناه: ((الذي) لا وقت لديه للجلوس) [أو للبقاء بعين المكان]، وهذا القالب يتجسد كما في المربع التالي:
ويمكن استخراج القوالب الجاهزة الأخرى باعتماد أمثلة أخرى من كل الناطقين المثاليين لهذه اللغة (حسب تعبير تشومسكي) وحصرها نحويا، وكذا حصر الضمائر وصرف الأفعال وغيرها.
ملاحظات هامة:
– عندما تنتهي لفظة ما بصوتٍ صائت – مثلَ [i] في رقم 3– ، وتبدأ الموالية بصائتٍ آخر – مثلَ [a] في رقم 4 – ، فإن صوتا آخر (مثل ما يسمى "أنصاف الصوامت" أو "أنصاف الصوائت" وهما [w] و [j] أي [و- ي]) قد تنحشر بينهما أو تغير نطق أحدهما ، فنقول مثلا:
Les glides jouent un rôle euphonique ويبقى دور هذه الأصوات الدخيلة هو مجرد تلطيف النطق والسمع
مما يعني بأن هذه الأصوات الدخيلة ليست أساسية في السلسلة الصوتية الأصلية وبالتالي لا تجوز كتابتها؛ وإذا كانت قراءة السلسلة سَلِسَة وتلقائية فإنها ستُنطَق تلقائيا، وإن لم تُكتَب. وإن كُتِبت، فهذا حشو قد ينتج عنه تضليل القارئ، كما يحدث اليوم في كتابة لغات أخرى.
– على المستوى الصوتي، ليست هناك فراغات زمنية. أما الفراغات على مستوى الكتابة المشار إليها هنا بِ ( – )، فهي تعكس حدود الألفاظ حسب المعجم أو حسب الأدوات النحوية الموظفة في السياق.
وفي جميع الأحوال، لا يجوز إهمال أي صوت أصلي، ولا أي أداة من الأدوات النحوية – وهي قارة وثابتة وغير متعددة بالمقارنة مع المعجم– ولا إهمال طرق تصريف الأفعال أو العلاقات بين مكونات الجملة الواحدة حينما نَهُمُّ بترجمتها إلى حروف. وإلا فلن يكون ذلك سوى على حساب جودة الكتابة وجودة التواصل الكتابي تبعا لذلك. ونؤكد هنا بأن هذا ينطبق على جميع اللهجات التي تشكل اللغة الأمازيغية، ولا فرق بينها على مستوى الجملة النحوية رغم بعض ما يبدو ظاهريا وكأنه اختلاف. كل ما في الأمر، هو أن النطق هنا أو هناك قد يُدغِم صوتا أو يضفي طابعا محليا على طريقة إخراج بعض الأصوات، لكن هذا لا يعني الإختلاف بين لهجات اللغة الواحدة من حيث القوالب والآليات. ومن هنا يمكن الجزم بوجود لغةٍ أمازيغية-أُمّْ قادرة على إظهار ما خفي هنا أو هناك، ستُمَكِّن - على الأقل- بتوحيد الكتاب المدرسي ، كما سيسمح طابعُها الأصلي بقياس الإختلافات بدقة بين جميع فروعها المنتشرة.
2- بعض الأصوات الصامتة والحروف:
[ašal - aķal -aka ] = les variantes d'un même son
هذه ثلاثة أشكال تُنطق بها كلمة واحدة حسب المناطق، وتعني: "الأرض". وتشير إلى خصوصية صوتية أمازيغية متميزة بامتداداتها الجغرافية على الأرض. إلا أنه لا يمكن اعتبار k وķ وš - في هذه الحال - كأصوات مختلفة بل هي مجرد متغيرات أو تجليات لنفس الصوت. لكن، إذا اعتمدنا لرسم هذا الصوتِ الحرفَ الأول أو الثاني أو الثالث، فقد ينظر إلى ذلك بمثابة تغليب لطابع محليِّ مَا على ما نريده أن يكون لغة-أُمّْ وعلى المميزات المحلية الأخرى.
التي تعني "طائر"؛ فأيُّ هذة الأصوات سنُقْرِنها بالكتابة؟ ولعل هذا مما يُعاتَب عليه إركام من طرف بعض المعلقين في إشارة إلى تغليب صوت g السائد في أكادير، على الأ صوات ğ السائد في قلعة مكونة، مثلا، وž السائد في بعض مناطق الأطلس المتوسط والريف، تماما مثل تغليب k على ķ و š بنفس الترتيب حسب المناطق المذكورة.
التغلب على هذا الإشكال لا يبدو صعب المنال إذا فصلنا بين الصوتين k وg بحيث نحتفظ بهما هكذا دون تعديل إذا كانا مُسْتَعْمَليْن في جميع المناطق دون استثناء (كأصوات أصلية)،. أما إذا كانا يُنطقان بطرق مختلفة، فبالإمكان إضافة رمز (دياكريتيك) فوقهما أو تحتهما (مثل ķ أوğ) دون حرج، وبالتالي يمكن لكل واحد أن ينطقه وفق منطقته دون تغيير جوهر اللفظة باعتبارها فقط تجليات أو متغيرات لنفس الأصوات. وسيساهم في تفسير وتبسيط فهم هذه الإختلافات السطحية لجميع المناطق دون تشريد المعجم.
3- صائت "الشفا" [Schwaأوilm] مرة أخرى:
خلال الدورات التدريبية/التكوينية السريعة التي أشرف عليها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، والتي استفاد منها أساتذة اللغة الأمازيغية، تم التركيز على ضرورة إدخال "الشفا" كلما تكرر نفس الصوت ثلاث مرات، ك "إِبْنُ" (أو "قُلْنَا"):
في حين يتم إهماله في الحالات الأخرى حتى ولو تتابعت ثلاث صوامت مختلفة أو أكثر. وهكذا – حسب هذا المنطق– سنكتب المثل الوارد في المقال السابق (ماذا فعلتَ في هذه المشكلة؟) هكذا:
بحيث نجد 12 صوتا متتاليا، وهي مثل الكلمة العربية: "قبل" حين تكون غير مُشَكَّلَة، بمعنى أنها قابلة لمختلف القراءات. ولا يَجِدُ فيها القارئ أية إشارات صائتية توجيهية تسهل عملية القراءة على الشكل الذي يقصده الكاتب. في حين إذا كُتِبَتْ بدون إهمال صائت "الشفا"، فسنقرأها دون صعوبة تُذكر؛ بل ويمكن مراجعتها أو تصحيحها وفق القاعدة (3) في الخلاصات العامة أسفله
وكما قلنا سابقا، فإن إهمال هذا الصائت الأساسي في اللغة الأمازيغية قد يعود إما إلى صعوبة تحديد موقعه في الجملة الصوتية مقارنة مع الصوائت الأخرى الأسهل لأنه "محايد"، وإما إلى عدم إدراك أهميته وأدواره فيها. وفي كِلتَيْ الحالتين، فالنتيجة واحدة، وهي "تعقيد" مهمة القارئ، وحشره في متاهات مجانية كان يمكن تجاوزها.
خلاصات عامة:
1 – البداية تكون من تحديد الجملة النحوية انطلاقا من السلسلة الصوتية التي تؤدي الوظيفة التواصلية بامتياز.
2 – تحديد المكونات الأساسية لهذه الجملة (انطلاقا من البنية العميقة الموحدة لجميع اللهجات) سيجنب تغليب أي طابع محلي على ما هو عام.
3 – القاعدة العلمية ترفض تتابع أكثر من صوتين صامتين مثل[ccc]، وتعوضها بِ:[ccvc]، [cvcc] أو [cvcvc]. إلا أن الإهتمام يجب أن ينصب على تحديد موقع "الشفا" في السلسلة، فكلمة "بْدْرْ" قد تحيلنا على [bdr] الغير مقبولة علميا، أو [bədr] التي لا معنى لها، أو على [bdər] التي تعني "ذكَرَ".
4 – إضافة [ə] في الكتابة أو حذفه ليس من اختصاص اللسانيين؛ فإذا لم يكن موجودا في السلسلة الصوتية للمتكلم-المثالي، فالحديث عن إضافته لغو، أما إن كان واردا فيها فاستعماله "إجباري" تفاديا لكل تحريف، ولا مجال لمناقشته. والقاعدة (3–) السابقة تساعد على تحديد مواقعه المتغيرة حسب الصرف والسياقات المختلفة.
خاتمة:
إن اللغة الأمازيغية تخضع لمنطق فكري ولساني دقيق يعكس بإخلاص منطق ونمط تفكير الإنسان الأمازيغي. ويتضح هذا مثلا من خلال الإعتماد على "قوالب أفقية" قليلة نسبيا، إلا أن استغلالها أيضا عموديا يتيح لها إمكانيات هائلة. وهكذا يتم الجمع بين "البساطة" و"الغنى" في آن.
فالبعد الزمني - على سبيل المثال - ينطلق من بساطة (الماضي [ar] - الحاضر [da] - المستقبل [ad])، إلا أن استحضار أبعاد أخرى داخل كل منها يسمح بتأثيث فضاءات زمكانية متعددة، تتأرجح بين الأكيد والمحتمل والمستحيل وغيرها ؛ ثم يوظف المعجم عموديا paradigmatiquement في قوالب نحوية قارة أفقيا tsyntagmatiquemen ، ويخصص حقولا معجمية ودلالية خاصة بالماضي، وأخرى خاصة بالمستقبل؛ وثالثة خاصة بالنفي وأخرى بالإثباث؛ وهكذا دواليك. (ولنا عودة إلى هذا الموضوع). لذا لا يجب الإستهانة بأحد من مكوناتها.
على مستوى آخر، وبعيدا عن منطق تقديس اللغات، يُسْتَحَبُّ تبسيط كتابة بعض الحروف بما فيه مصلحة للغة؛ مثلا "الشفا" يمكن تبسيطه من ثلاث حركات (÷) الحالية إلى حركة واحدة ك َ:[ə] -على سبيل المثال- وذلك نظرا لكثرة تردده داخل السلسلة، وحيويته في سياقاته الأمازيغية، وتشابهه أيضا مع (:)أي [u].
وإذا كانت حروف تيفيناغ يعود أصلها إلى آلاف السنين (كما جاء في كتاب Tirra)، فقد تم تهميشها كتابة لظروف عديدة حتى خلال الإمبراطوريات الأمازيغية القوية، ولم تنل ما تستحقه حقا من اهتمام. لكن يمكن أن يُستغَل تخلفها هذا عن ركب الكتابة لصالحها. وذلك بتوظيف الإمكانيات المعرفية والعلمية المتوفرة حاليا قصد تحديد وضبط نسق كتاباتي graphique نموذجي، دون اللجوء بالضرورة إلى نماذج المعيرة القديمة للغات أخرى إلا فيما يتوافق وبنيتها حسب الدراسات الحديثة. أما غير ذلك، فسيكون بمثابة من يرتكب "نفس الغلط" بعدد اللغات القديمة كتابةٌ.
* استاذ اللغة الفرنسية بالتعليم الثانوي، مهتم باللسانيات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.