ما هو المرض؟ سؤال صغير يفرض علينا تعريف المرض بمنطق المنطق الذي يقول: بضدها تتميز الأشياء، وضد المرض هو الصحة كما، أن ضد الحياة هو الموت، و الماء ضده النار التي تعتبر آخر الأدوية، وقد يستغرب سليم العقل كيف للمرء أن يقدم على كي نفسه، لكن عند مقارنة معاناة المرض مع لفحات اللهب، فالكثيرون يفضلون الثانية هروبا من الأولى، وتحمل اللهب لا يعني دوما ذاك المتوهج الأصفر وسط مجمر وضعت فيه قطعة حديد أو عظمة أو نحوها في انتظار أن تتشبع بالحرارة، لتنقلها إلى جسم المريض وفق مبدإ فزيائي اسمه التبادل الحراري، حفاظا على الحياة التي هي ضد الموت، فهذا شيء معلوم، ولكن اللهب الجديد هو لهب يحرق أموالك عوض أن يحرق جلدك حرقا تشتم منه رائحة الغبن بدل رائحة الجلد، وهنا لابد من وقفة تفريق، وإن تعلق الأمر بحرق الأموال التي يعاقب القانون كل من زورها أو حرفها أو ساعد على ذلك بطريقة أو أخرى، التفريق هنا بين التطبيب العمومي والتطبيب الخصوصي، ففي بلادنا أصبحت ثنائية العام و الخاص حقيقة مفروضة على مستوى الطب و التعليم والمعاهد...الخ. والمقدمة معروفة النتيجة، فالفاصل بين الطبين مبالغ مالية يكفي لتعرف قيمتها مجرد وقفة قرب مصحة خاصة، ومعاينة أنواع السيارات المركونة جنبها (أظن أنه لا يوجد تعارض بين قسم أبقراط وركوب سيارة مرسيدس آخر صيحة) نعود لتكاليف التطبيب، الدولة واضحة السياسة بخصوص هذا الموضوع، من أراد أن يتجه للطب الخصوصي وجيبه يسمح بذلك فذاك شأنه، أما مساكين الشعب، فالدولة لم تتخل عنهم، إذ توفر لهم تطبيبا مناسبا لتراتبيتهم في سلم القهرالاجتماعي مع بعض الملاحظات البسيطة التي يمكن إجمالها فيما يلي: في مستشفيات الدولة عليك أن تتعلم الصبر فالصبر مفتاح الفرج (بفتح الراء) وإذا كان مرضك لا يحتمل الصبر فاصبر وصابر(أو اتجه إلى اقرب مصحة خاصة) توقع كل شيء(قد تلدين على الأرض إذا كنت حاملا أو قد يتغير جنس مولودك من ذكر إلى أنثى أو قد تدخل لإجراء عملية جراحية مكان شخص أخر خطأ أو...لا تفزع فالأمر لا يدعو للفزع ففي كل مجال يوجد هامش للخطأ) في بعض الحالات قد تتعرض للشتم و التعنيف و السب و القذف و الهمز و اللمز و اللكز وهذا أمر طبيعي لانه يدخل في سياسة المستشفى الرامية إلى خلق نفسية قادرة على تقبل ذل العلاج لا تنس أن الأعمار بيد الله و الدولة غير مسؤولة عن استعمال مرافقها خلاصة القول الطب في أي بلد مظهر من المظاهر التي تحدد إنسانية الإنسان وقيمته في موطنه، وأنا باعتباري مغربيا اشعر بالخزي من قيمتي التي شاهدتها تنام على ورق الكرتون في انتظار الأكسجين، وتتمدد على الأرض الباردة إلى حين قدوم من يرتق جرحا غائرا، بعض الجراح تلتئم بفعل تخثر الدم، وبعضها يبقى مفتوحا لأنه ينتمي لجراح الأعماق.