واصلت الصحف العربية، الصادرة اليوم السبت٬ تسليط الضوء على القضايا الساخنة في المنطقة العربية ٬ وخاصة الحراك السياسي والشعبي في مصر وتصاعد وتيرة العمليات العسكرية في سورية وأصداء عملية اغتيال المعارض التونسي شكري بلعيد وموضوع المصالحة الفلسطينية بين حركتي (حماس) و(فتح) وكذا خلفيات رفض الرئيسين الأمريكي والفرنسي على التوالي باراك أوباما وفرانسوا هولاند تسليح المعارضة السورية. فبخصوص التطورات السياسية في مصر٬ كتبت صحيفة "الحياة" الصادرة بلندن عن موجة العنف التي عرفتها عدة مدن مصرية٬ أمس٬ خلال تظاهرات "جمعة الكرامة أو الرحيل"٬ مشيرة إلى سقوط عشرات المصابين في اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين أمام قصر الاتحادية الرئاسي وفي محافظات عدة٬ فيما أظهر النظام إصرارا على المضي قدما في خطته لإجراء انتخابات مجلس النواب٬ رافضا مطالب المعارضة بإقالة الحكومة وتعديل الدستور. ومن جهتها٬ نقلت صحيفة "الزمان" عن مستشار للرئيس المصري تحذيره من أن يهيئ الخطاب المفعم بالكراهية السائد الآن في الساحة السياسية بمصر٬الأجواء لمشهد يستهدف تصفية السياسيين من جميع التوجهات. وعلى الساحة الميدانية السورية٬ أشارت صحيفة "الزمان" إلى أن النظام السوري يستخدم طائرات حربية عراقية من طراز سوخوي كانت مودعة لدى إيران من أجل قصف المعارضة. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين عراقيين٬ كشفهم عن معلومات استخباراتية٬ تشير إلى أن إيران قررت تقديم تلك الطائرات المقاتلة وعددها 32 طائرة من طراز سوخوي بالإضافة إلى مروحيات وطائرات نقل عسكرية٬ كانت مودعة لها منذ عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين٬ كهدية للنظام السوري لاستخدامها في قمع الانتفاضة الشعبية وتدمير مواقع المعارضة المسلحة. ومن جانبه توقع رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي في حوار أجرته معه صحيفة "الشرق الأوسط٬" عدم سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد خلال السنتين القادمتين٬ بالرغم من قناعة الإدارة الأمريكية في وقت سابق بأن الأمر لن يستغرق أكثر من شهرين. وأشار إلى أن الغرب منح العلويين السوريين "شجاعة اليأس"٬ وهو ما سوف يجعلهم" يقاتلون٬ ومعهم العلمانيون والمسيحيون وآخرون" مضيفا " أنهم منحوا العلويين شجاعة اليأس٬ ولذلك هم يقاتلون بنسائهم وبرجالهم من أجل البقاء". وفي الملف التونسي٬ كتبت صحيفة "الحياة" أن جنازة المعارض شكري بلعيد ٬ الذي قتله مسلح الأربعاء الماضي٬ تحولت إلى احتجاجات ضخمة ضد حركة النهضة الإسلامية الحاكمة٬ مشيرة إلى وقوع اشتباك بين جانب من عشرات الآلاف ممن شاركوا في التشييع مع قوات الشرطة. وقالت الصحيفة إن الجنازة التي شارك فيها نحو خمسين ألف شخص تحولت إلى تظاهرة ضد "النهضة" التي وجهت إليها أصابع الاتهام في هذه الجريمة التي اعتبرت أنها عمقت الأزمة السياسية في تونس مع ظهور انقسامات بين معتدلي "النهضة" الذين يمثلهم رئيس الوزراء حمادي الجبالي ومتشددي الحزب المصطفين خلف زعيمها التاريخي راشد الغنوشي. واهتمت الصحف اللبنانية من جانبها بإعلان كل من الرئيسين الأمريكي باراك أوباما والفرنسي فرانسوا هولاند رفضهما تسليح المعارضة السورية. فتحت عنوان (أوباما يرفض تسليح الثوار حماية لإسرائيل)٬ كتبت صحيفة(المستقبل)٬ استنادا إلى تصريح للبيت الأبيض أمس٬ أن الرئيس أوباما يرفض تسليح المعارضة السورية "بهدف حماية المدنيين والإسرائيليين وضمان أمن الولاياتالمتحدة". ونقلت جريدة (السفير)٬ من جهتها٬ عن الرئيس هولاند قوله أمس بأن"الاتحاد الأوروبي لن يرفع الحظر عن الأسلحة إلى المقاتلين السوريين طالما أن إمكانية الحوار السياسي لتسوية الأزمة ما زالت قائمة". وواصلت الصحف المصرية متابعتها للمشهد السياسي بعد عامين من الثورة وأجمعت على أن من ابرز سمات هذا المشهد استمرار المظاهرات والارتباك والتأخر في تحقيق أهداف الثورة. وكتبت صحيفة "الأهرام" أن حال الانقسام التي فرضت نفسها خلال الفترة الأخيرة أضحت تتسع يوما بعد يوم٬ محملة كل الأطراف سواء المعارضة أو الرئاسة المسؤولية عن الصراع الدائر. وأضافت أن إيجاد نقطة ضوء خلال الفترة الحالية لحل الأزمة بات أمرا بعيد المنال بسبب فقدان الثقة بين مختلف الفاعلين ٬مبرزة أن المواطن يظل الحلقة الضعيفة في هذا الصراع السياسي حيث زادت الأعباء الضريبية والمظاهرات والاحتجاجات والقتلى والجرحى وضاع المواطن بين وعود لم تتحقق وآمال من الصعب تحقيقها. أما صحيفة "الأخبار" فاعتبرت أن "المشهد السياسي به سيولة وأسوأ ما نقابله الآن هو انتهاكات حقوق الإنسان" مذكرة بأن الثورة اندلعت من اجل الحرية والكرامة. ودعت على لسان رئيس الوزراء هشام قنديل إلى تغليب لغة الحوار٬ مضيفا أن المسار السياسي قد يأخذ وقتا طويلا وان الوضع الاقتصادي في البلد يتعرض لمشاكل عديدة ومعقدة في كل القطاعات. ونقلت صحيفة "المصري" اليوم" عن قيادات في التيارات الإسلامية دعوتها للمعارضة لوقف التظاهر والعودة إلى الحوار٬محذرة من أن هذه التظاهرات تكرس حالة الانفلات الأمني والاقتصادي. وفي تعليق لها اعتبرت "الشروق" أن استمرار التناقضات يعرض المجتمع المصري للهزيمة أمام قوى الخارج والداخل ٬مشددة على أنه يتعين على الجميع أن يودع إلى غير رجعة أساليب الإقصاء والتهميش والسعي للانفراد والاستئثار٬ملاحظة أن استباحة الكرامات والأعراض والتدني في استعمال كلمات الإهانة يشكل اغتيالا معنويا لشركاء الثورة ولمن يشغلهم العطاء للمجتمع. أما الصحف التونسية فقد خصصت٬ تغطية شاملة ومفصلة لمراسيم تشييع شكري بلعيد ٬ المنسق العام لحزب "حركة الوطنيين الديمقراطيين" (يسار)٬ الذي قتل في عملية اغتيال تعرض لها يوم الأربعاء الماضي أمام منزله وسط العاصمة التونسية. وأسهبت الصحف بالوصف ٬ بعناوين بارزة على صدر صفحاتها الأولى٬ أجواء الحزن والغضب والتضامن التي عبر عنها عشرات الآلاف من الجماهير من كل الأطياف السياسية والاتجاهات الفكرية التي شاركت أمس الجمعة في تشييع جنازة الراحل بحضور وفود عربية وأجنبية. وفي هذا السياق كتبت صحيفة"المغرب"في افتتاحيتها أن "الجنازة المليونية لشكري بلعيد في بلد لا يتجاوز عدد سكانه 11 مليون نسمة تغني عن كل الخطب والتحاليل والمواقف والقراءات .. إنها الحدث الذي يغني عن الكلام حلوه ومره"٬ مضيفة أن "ما أرادت أن تقوله هذه الجموع الآتية من كل الأصقاع والدروب والشرائح والتيارات والتجارب٬هي كلمة واحدة : لا ... لا للعنف ولا لمن يدعم العنف ولا لمن يريد تمزيق أوصال البلاد ولا لمن يريد اغتيال حريتنا الوليدة ولا لمن يريد اغتيال تونس ونمط عيشها والتآلف والتحابب بين أبنائها". من جهتها كتبت صحيفة "الصريح" في السياق ذاته "يجب ألا يذهب دم شكري بلعيد هباء وهدرا ٬ كما ذهب دم شهداء ثورة 14 يناير 2011 ٬ والأيام التي سبقتها وتلتها ٬ يجب على جميع الأطراف أن تتحمل مسؤوليتها٬لأن صبر الشعب قد نفذ وقد برهن على ذلك عندما خرج بتلك الكثافة التي لم نشهد لها في البلاد مثيلا منددا ومحتجا ومتهما". أما صحيفة "الشروق"٬ فقد كتبت في السياق نفسه "أمس ودع شكري بلعيد شعب تونس ٬ وقد بلغ الرسالة وترك الوصية ٬ وهي أن يستمر النضال ضد الطغيان وضد أنصار الظلام .. ودع شكري بلعيد الشعب والوطن ٬ لكن بعد موته لن نخاف العنف بعد الآن ولن نترك الجلاد ينعم باغتصاب الوطن.. كل التونسيين الآن مستعدون للموت ولمواجهة العنف حتى لا يسكن في عقولنا وفي نفوسنا". من جهتها نشرت يومية "التونسية" تصريحات لرئيس حركة النهضة الإسلامية ٬ راشد الغنوشي قال فيها إن "أعداء الإسلام والثورة والحرية والحداثة والديمقراطية" هم الذين يقفون وراء جريمة اغتيال المناضل السياسي شكري بلعيد٬منبها على أنهم بذلك "يستهدفون تونس وثورتها وتعايش التونسيين ونموذج الثورة السلمية الذي قدمته للعالم". وانصب اهتمام الصحف الإماراتية بالخصوص على مستجدات الأحداث في تونس بعد اغتيال شكري بلعيد٬ وانشغال الأوساط الفلسطينية والعربية والإسلامية بالتصالح بين حركتي (فتح) و(حماس). وكتبت جريدة "الخليج" في هذا السياق أنه "ما كان ل(ثورة الياسمين) في تونس التي بشرت بالانتقال من الطغيان والاستبداد إلى نهج آخر مناقض كليا٬ أن تدخل مرحلة انسداد الأفق السياسي ودخول نفق التيه والضياع والفلتان الأمني والخروج على سياق الثورة وأهدافها بل وبلوغها مرحلة الولوغ بالدم لولا بروز مناخات تعزز التطرف بأشكاله كافة في سياق تطورات أدت إلى وصول قوى إلى السلطة تحالفت مع قوى أخرى تحاول الاستئثار والتفرد وإلغاء الآخرين الذين لعبوا دورا أساسيا في حراك شعبي عارم أدى إلى إسقاط النظام السابق". أما صحيفة (البيان) فاعتبرت أن الأوساط الفلسطينية والعربية والإسلامية منشغلة الآن بمسألة التصالح بين حركتي فتح وحماس٬ مبرزة أنه في حال فشل مساعي المصالحة هاته فإن الشعب الفلسطيني هو "الخاسر فيما المستفيد هو إسرائيل الماضية قدما في سياساتها الاستعمارية والتوسعية على الأرض". وأضافت الصحيفة أن المحادثات الأخيرة بين (حماس) و(فتح )دفعت بعدد كبير من الفلسطينيين العاديين إلى الإعراب عن تفاؤلهم بآفاق المصالحة.. لكن في الوقت نفسه لا تزال هناك تحديات تقف عائقا أمام هذه المصالحة ولاسيما ما يتعلق بالاندماج الأمني وتوحيد مؤسسات الحكم٬ مشددة على أنه ب"الإرادة القوية بين الجانبين يمكن إزالة كل المعوقات والتوصل إلى اتفاق شامل كفيل بترتيب البيت الداخلي الفلسطيني". أما الصحف الجزائرية فقد ركزت اهتمامها بالخصوص قضية الرشوة التي همت القطاع النفطي الجزائري٬ واغتيال الناشط التونسي شكري بلعيد . وهكذا كشفت صحيفة (الشروق) تحت عنوان شكيب "خليل ومسؤولون بسوناطراك استفادوا من رشوة ب 256 مليون دولار)"٬ أن بيترو فرانكو تالي قدم استقالته ٬ الأربعاء الماضي ٬ من منصبه على رأس مجموعة الخدمات البترولية الإيطالية (سايبام) بسبب التحقيقات التي شرع فيها النائب العام لميلانو منذ شهر ونصف في قضايا الفساد والرشوة التي قدمتها المجموعة لمسئولين سياسيين كبار في الجزائر ومنهم وزير الطاقة والمناجم السابق شكيب خليل ومسئولين كبار في الحكومة وموظفين في مجموعة سوناطراك". وحسب الصحيفة٬ فإن (سايبام) تورطت" في قضايا فساد بالجزائر بعد قيام شكيب خليل بحل الشركة المختلطة بين سوناطراك وهاليبيرتون (براون أند روت كوندور)٬ وسجن رئيسها التنفيذي٬ قبل تحويل جميع مشاريعها بالجزائر لصالح (سايبام) بعد أن قامت الأخيرة بدفع رشاوى دولية كبيرة عبر وساطات وشركات وهمية يملكها أبناء مسئولين جزائريين في الجنات المالية ومنها هونغ كونع التي يتواجد بها مقر شركة (بيرل بارتنر المحدودة( المملوكة لنور الدين بجاوي٬ والتي لعبت دور الوسيط في تمرير الرشوة لمسئولين جزائريين". من جهة أخرى٬ قالت صحيفة (الخبر) إن "التونسيين بدوا أمس وهم يشيí¸عون شكري بلعيد إلى مثواه الأخير٬ أكثر انخراطا في حالة رفض قاطع٬ لتشييع ثورة 14 يناير٬ ويقولون إن أخطاء وقعت في تكريس مكتسبات الثورة وجب تصحيحها٬ وإعادة الثورة إلى سكتها٬ خاصة وأن الوضع الداخلي الهش في تونس على الصعيد الاجتماعي٬ وحالة التشنج السياسي والتجاذب العنيف بين مختلف القوى السياسية٬ وفشل الحكومات المتعاقبة منذ 14 يناير٬ في إحداث إقلاع اقتصادي٬ وكلها مؤشرات تنبئ بثورة ''أرز'' ثانية٬ تعيد تصحيح الفهم الخاطئ لمكتسبات ثورة الياسمين". ورأت صحيفة (الأحداث) أن"ظهور الاغتيالات كوسيلة لممارسة السياسة يضع الديمقراطية الوليدة أمام امتحان عسير ويهدد بإجهاضها خاصة وأن تونس تمر بمرحلة انتقالية صعبة تتميز بتوترات وتزايد أعمال العنف السياسي والاجتماعي منذ ثورة الياسمين"٬ ملاحظة أن "الأزمة السياسية التي تتسع وقعتها وتزداد حدة ستعقد الوضع في تونس٬ في ظل أزمة اقتصادية خانقة وانفلات أمني غذته ظهور الأسلحة المهربة من ليبيا وظهور جماعات إرهابية لا تتردد في الدخول في اشتباكات مسلحة مع قوات الأمن".