قدر للممثل الراحل محمد مجد أن يودع جمهور الشاشة الكبرى في مهرجان طنجة الوطني للفيلم بأحد آخر أدواره السينمائية من خلال فيلم "زيرو" للمخرج نور الدين الخماري. وأياما بعد وفاته٬ تابعت النخبة السينمائية الوطنية وجمهور المهرجان بتأثر وإعجاب كبيرين الأداء المذهل للنجم الراحل في فيلم "زيرو" الذي لعب فيه دور والد البطل الرئيس يونس بواب "أمين برطال" الملقب ب "زيرو". بتقاسيم وجهه الطبيعية الناطقة٬ وصوته المتهدج وانفعالاته الموزونة٬ برع محمد مجد في لعب دور العجوز المقعد٬ الذي يعيش حالة اكتئاب مزمن٬ على كرسيه المتحرك٬ وسط شعور بالعجز والإهمال٬ وحيدا مع ابنه الشرطي "زيرو". هي شخصية معقدة تصنع لدى المشاهد مشاعر متضاربة بين الحقد عليه في حالاته المزاجية المتقلبة والعاصفة في أغلب الأحيان٬ التي جعلته يقسو على زوجته ويدفع بها الى مغادرة البيت٬ وبين التعاطف مع كائن مأساوي يصرف إحباطاته في ردود أفعال عنيفة وغير منضبطة. وبغض النظر عن المستوى العام للفيلم٬ قدم الفقيد دورا جريئا كان يتطلب من الممثل المخضرم ذي الجماهيرية الواسعة في الاوساط السينمائية والتلفزيونية شجاعة خاصة٬ خصوصا من حيث استخدام لغة صادمة عارية وجارحة في أغلب الأحيان٬ فضلا عن توخي الاقناع في التأرجح بين المشاهد الكوميدية والحالة الدرامية القاسية. وبالإضافة الى يونس بواب٬ شارك النجم الراحل محمد مجد في بطولة الفيلم سعيد باي وصلاح الدين بنموسى وعزيز داداس ورفيق بوبكر وراوية وبشرى أهريش ومريم الزعيمي وغيرهم. جدير بالذكر أن "زيرو" يندرج في صميم الثيمة الرئيسة للفيلم السابق للخماري٬ "كازانيكرا"٬ حيث تناول العنف الحضري والعوالم السفلية للدار البيضاء٬ مع الاعتماد على حكاية محورية تجسد صراع الفرد "الشرطي زيرو" مع مافيا الفساد والدعارة٬ ومحاولته الخروج من دائرة اليأس والإحباط والإدمان. يحتفي نور الدين الخماري بالخلاص وإمكانية التغيير نحو الأفضل من خلال الحب وإعادة النظر في الذات٬ بغض النظر عن الأوضاع الاجتماعية الصعبة والضغوط والقوى المناهضة للحياة الكريمة الحرة. ❊ و. م .ع