الفقيد الكبير، الفنان محمد مجد قدم دورا جريئا كان يتطلب من الممثل المخضرم، ذي الجماهيرية الواسعة في الاوساط السينمائية والتلفزيونية شجاعة خاصة، خصوصا من حيث استخدام لغة صادمة عارية وجارحة في أغلب الأحيان، فضلا عن توخي الاقناع في التأرجح بين المشاهد الكوميدية والحالة الدرامية القاسية.. فأياما بعد وفاته، تابعت النخبة السينمائية الوطنية وجمهور المهرجان بتأثر وإعجاب كبيرين.. الأداء المذهل للنجم الراحل محمد مجد في فيلم «زيرو» الذي لعب فيه دور والد البطل يونس بواب الملقب ب «زيرو» بتقاسيم وجهه الطبيعية الناطقة، وصوته المتهدج وانفعالاته الموزونة، برع محمد مجد في لعب دور العجوز المقعد، الذي يعيش حالة اكتئاب مزمن، على كرسيه المتحرك، وسط شعور بالعجز والإهمال، وحيدا مع ابنه الشرطي «زيرو». «زيرو» الذي يجسد صراع الشرطي مع مافيا الفساد والدعارة، ومحاولته الخروج من دائرة اليأس والإدمان.. يرى كثيرون أنه جزء ثان للفيلم السابق للمخرج.. كازا نيكرا نور الدين الخماري قال إن الأمر لا يتعلق بجزء ثان.. بل بعمل يندرج ضمن تيمته الرئيسية التي تتناول العنف الحضري والعوالم السفلية للدار البيضاء.. وبخصوص الانتقادات التي وجهت إلى «زيرو» حول الكم الكبير للكلمات البذيئة في الفيلم قال الخماري «إن الناقد الذي يسلط الضوء على هذا الموضوع ليس بناقد، لأننا حين نتحدث عن كلام بذيء فنحن نتحول إلى نقد أخلاقي وليس سينمائي، الجمهور تابع الفيلم، حوالي مائتي ألف شاهدوا العمل.. أنا أقدم السينما، أقدم الواقع كما هو.. وإذا كنت منافقا وكذابا فإن التاريخ لن يرحمني..» مهما أثير من جدل حول «زيرو» وكلامه «البذيء..!!» فإن الفيلم لقي استحسانا كبيرا من طرف جمهور المهرجان صفق بحرارة لعمل الخماري؛ الذي يحتفي بالخلاص وإمكانية التغيير نحو الأفضل.. من خلال الحب وإعادة النظر في الذات، بغض النظر عن الأوضاع الاجتماعية الصعبة، وضغوط القوى المناهضة للحياة الكريمة الحرة حصد الفيلم خمسا من جوائز مهرجان طنجة السينمائي.. ففضلا عن الجائزة الكبرى حصل زيرو على جوائز أحسن صوت، وأحسن دور رجالي ليونس بواب بطل الفيلم، وأحسن دور نسائي ثانوي لصوفيا عكاشة.. فيما استقبل جمهور المهرجان بتأثر كبير فوز الممثل الراحل محمد مجد.. بجائزة أحسن دور ثانوي.