يبدو أن إصلاح الإعلام الرسمي يحتاج إلى مزيد من الضغط المجتمعي قبل أن يبرد حماس الوزير الشاب وهو يرى دفاتره وتدابيره في ثلاجة السادة العفاريت. فقنوات القطب العمومي المتمثلة في القنوات التلفزية التابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، وقناة دوزيم التابعة لشركة صورياد، وقناة ميدي 1 تي في، ووكالة المغرب العربي للأنباء لا زالت متجمدة، رافضة للتجاوب مع الحراك الشعبي والمبادرات الحكومية في اتجاه محاربة الفساد وإنصاف الفئات الشعبية المهمشة والمقصية. و كأنَ جليد القطب العمومي أكثر قوة وصلابة من جليد القطب الشمالي. إن العقليات الإدارية المتحجرة أشبه بالصقيع الذي يهدد زهرات الياسمين في الوطن العربي وحماس الثورة الهادئة في المغرب. فمواطننا البسيط الذي آمن بالتغيير وتحمس له وتفاعل مع نفحات الربيع الديمقراطي ونسائم الحرية والكرامة والمعقول، وجد نفسه أمام نفس البرامج ونفس الوجوه البئيسة و نفس الزيف و نفس التزوير للحقائق المرة التي يعيشها يوميا. عن أي تغيير تتحدثون وحلقات مسلسل تشويه الإسلام المسمى حريم السلطان مستمرة؟ وكل صباح تطالعنا هذه القنوات بعناوين نفس الصحف : الصباح والنهار والأحداث، ثم لوموند ولوفيكارو... ولا أثر للتجديد ولا للمساء؟ أما الأخبار: فهي اكتشاف مغاربة في صفوف تنظيم الإسلاميين الإرهابيين المتشددين في مالي، إلى درجة أن أحد الصحفيين نطق "التوحيد والإصلاح" عوض "التوحيد والجهاد" ! و هي هفوة تبدي ما تخفي صدورهم من حقد ومكر.... القطب العمومي هو القطب العمومي، والاستقلالية مجرد خرافة، يقول يوميا للمشاهد: حزب فرنسا لا زال هنا، والعفاريت هي الماسكة بزمام الأمور وحكومتنا أقوى من أي حكومة يختارها الشعب وأكبر دليل أننا نأخذ تصريح من رئيس حكومتكم ثم تلقي به مديرتنا المفرنسة في سلة المهملات!! إنه الحنين لاستعمال فزاعة الإرهاب التي أرهبونا بها لمدة عقد من الزمان، حتر أصبحت المعادلة واضحة: إذا ضغطتم على أصحابنا، سنضغط على أصحابكم !! انتظرنا سنة كاملة، وسننتظر حلول 21 يناير لدخول الدفاتر حيز التطبيق، و أملنا في الله كبير لمشاهدة برامج حقيقية تتماشى ورياح التغيير، و الاستمتاع بحوارات صادقة بعيدة عن لغة الخشب، وإدانة واضحة لرموز الفساد وناهبي المال العام، وتعامل شفاف وموضوعي مع كل مكونات المجتمع وحساسياته، دون إرهاب ولا إقصاء ...