قبلَ أنْ يلقَى فريد برادة الحتفَ بمعيَّة زوجته وأبنائه الثلاثة، على هضبة سان جوار قربَ كرونوبل إثْرَ سقوطِ طائرة كانتِ ميممة شطرَ المغرب، ما كانَ يدرِي أنَّ البلدَ الأوربيَّ الذي درسَ فيه علومَ الاقتصادِ وتخرج من إحدى أشهر جامعاته؛ السوربون قبلَ أن يقفلَ راجعاً إلى المغرب، سيكون أرضاً تبلغُ عليها حياتهُ متمَّهَا رفقة الأهلِ في مصادفةٍ أليمة، بعدَمَا خطَّ بمثابرتهِ قصَّة نجاحٍ انتقلَ معها محلُّ صغيرٌ لصنع الصباغة، إلى واحدة من الشركات ذات الباع بالمغرب، بعدَ تحقيقِ رقم معاملات قياسي. فريد برادة، واحدٌ من أبناء المحامي والصحفيِّ محمد برادة، الذي بعثَ بابنه إلى الدراسة في فرنسا، قبلَ أن يعودَ ليعملَ إلى جانبه عندَ حصوله على الإجازة في العلوم الاقتصاديَّة عامَ 1989، ولم يكن رقم معاملات "كولورادُو" وقتئذٍ يتخطَّى 15 مليون درهم، بعددِ عمال لم يكنْ يزيدُ عن قرابة 30 شخصاً، إذْ كانت "كولورادُو" مقاولةً صغيرة أعيدَ شراؤُهَا من فرنسيين خلالَ سنوات السبعينات، في محلِّ متواضع بمنطقة الصخور السوداء في الدارالبيضاء. في نهمهِ إلى معرفة المزيد من الأمور في مضمارٍ راقَت لهُ عوالمهُ، ارتأى فريد العودة مجدداً إلى التحصيل العلمي، وتوجهَ صوبَ الولاياتالمتحدة، حيثُ حصلَ على شهادة في الاقتصاد والتسيير من جامعة لوس أنجلوس، عادَ بعدهَا إلى المغرب بحكمِ التزاماتهِ العائليَّة، ليستلمَ الإرادةَ الفعلية ل"كولورادُو"، مستهلاً تطبيق ما تلقاهُ من معارف نظرية في مجال التدبير والتسيير، وأنشأ مختبراً كبيراً للبحث والتنمية، أكسبَ الشركة سمعةً كبيرة أبانت عن جودَة منتجاتها. ومعَ توالي نجاح الشركة، فتحَ الراحل أوراشاً أخرَى، وزادَ حجمَ الإنتاج، حتَّى أصبح غلافها المالي خمسين مليونَ درهم، في نجاحٍ كبير عبرَ معهُ صانعهُ عن حلمه بولوج الأسواق العالميَّة، بيدَ أنَّ القدرَ شاءَ أن يسلبَ الحياة والنجاح، بعدمَا أخذ الموتُ فريد وأسرتهُ على حين غرة، في مرتفع فرنسي اتشحت عليه الألوان بسوادٍ حادثة أليمة.