كان يوم 18 دجنبر 2012 أولَ يوم عالمي في تاريخ الأممالمتحدة والبشرية عموما ، يُخصص للاحتفال باللغة العربية ، بعدما قررت منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) ، بطلب من المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية. وإنه لقرار هام وتاريخي ، هام باعتبار " هذه اللغة " في حد ذاتها ، نوعية وثراءً وتراثا وأدبا وتوليدا ومطابقة اللفظ للمعنى، ومدى انتشارها واستخدامها في عالم اليوم... ؛ وقرار تاريخي باعتبار اللحظة التاريخية التي تعيشها وضعية اللغة بوطنها وبنيها، وباعتبار التأخر اللافت للنظر الذي لم يؤرخ لليوم العالمي للغة العربية إلا بحلول هذه السنة (1434ه/2012م) التي سيؤرخ لها المؤرخون بمرحلة ما بعد الربيع الديمقراطي العربي. التأم جمع من كبار اللغويين العرب والباحثين والمهتمين في جو مهيب وحفل متميز ندي بمقر الإيسسكو بالرباط ، وكان الجميع يحس بالزهو والفخر، وبنوع من الاعتزاز ، وخاصة من بلغ من الكبر عتيا، لأن القدر أنسأ في عمره لإحياء هذه الذكرى العالمية الأولى، والتي كثيرا ما تطلع لرؤيتها والمساهمة في إحيائها بما يغني موضوعها ، والذي يتعلق بقضية كبرى تهم"لغة الأمة " بين اللسان السوي المبين وتحديات الواقع المعيش... - الإيسسكو تبادر: خصصت الإيسسكو بمقرها الدائم بالرباط يوم الثلاثاء 18 دجنبر 2012 للاحتفاء بتخليد هذا اليوم العالمي بطريقتها المتميزة ، حيث احتضن مقرها قمة للغة العربية ترأس جلستها المدير العام للمنظمة الدكتور عبد العزيز التويجري، بحضور وزير الثقافة المغربي محمد الأمين الصبيحي، وضيف المغرب الأستاذ الكبير فاروق شوشة الأمين العام لمجمع اللغة العربية في القاهرة . - الجلسة الافتتاحية استهلت بالذكر الحكيم، وكلمة المدير العام الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، ثم كلمة الأستاذ الضيف، وختمت هذه الجلسة بلحظات حميمة مؤثرة ذات دلالة خاصة ، حيث تم تكريم عَلمين كبيرين من علماء العربية واللسانيات العرب هما: الأستاذ عبد القادر الفاسي الفهري المغربي والأستاذ فاروق شوشة المصري. - الجلسة العلمية: جمعت منصة قمة اللغة العربية قمما وهامات من كبار خُدام اللسان العربي على امتداد عقود من الزمن التدريسي والبحثي والإشعاعي، وسأوردهم بالترتيب حسب توالي مداخلاتهم العلمية : 1. الدكتور عبد الهادي التازي العالم و المؤرخ والأديب، المزداد سنة 1919م: وعنون كلمته ب" الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية: الدواعي والآفاق" 2. الدكتور محمد الأوراغي أستاذ اللسانيات والفكر اللغوي:وتحمل مداخلته عنوان" الخصائص النسقية والثقافية للغة العربية" 3. الدكتور موسى الشامي رئيس الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية بالمغرب: تناول بالدرس والتحليل " اللغة العربية وحمايتها: مسؤولية الدولة والمجتمع والأسرة والفرد" 4. الدكتور عبد القادر الفاسي الفهري عميد اللسانيين العرب: قدم عرضا عن " اللسانيات في خدمة اللغة العربية" 5. الأستاذ فاروق محمد شوشة الأديب المرموق: مسكُ ختام التدخلات ، كان مع الأديب واللغوي والإعلامي ذي الصوت الموسيقي الجذاب الممزوج بالنبرة المصرية العربية الفصيحة، فاروق شوشة الذي أبرز في كلمته " مكانة اللغة العربية في وسائل الإعلام" 6. الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري: تميزت الجلسة العلمية برئاسة الأستاذ التويجري الذي نشط الندوة، وخلَّل التدخلات بتعقيبات ثمينة وفوائد نادرة، أغنت وثمنت ما ورد في أحاديث المتدخلين... - جلسة المناقشة: نظرا لخصوصية ونوعية الحضور الذي تابع أشغال جلسات هذه القمة العلمية ، فقد تميزت التعقيبات بكلمات ذات عمق و ثراء ، جعلت المتتبع ينتشي بخصوصية اللقاء وأهميته البالغة ، وما لفت النظر أكثر نوعيةُ الحضور الذي ضم نخبة من الباحثين والمؤلفين والأدباء الفاعلين في تنشيط المشهد الثقافي المغربي، ولم يستطع رئيس الجلسة أن يستجيب لمجموعة ثانية من التعقيبات نظرا للعياء وضغط الوقت، مما يدل على حماسة كبيرة ورغبة قوية في الإسهام وتسجيل اسم المتحدث في ذاكرة هذا اليوم الاحتفائي العالمي للغةٍ مميزةٍ أجمع الجميع على خصوصيتها وثرائها ، وما تعانيه من مزاحمة وتضييق في مختلف المرافق. - وثائق القمة: وزعت المنظمة على الحاضرين ملفا ضم وثائق مهمة نرتبها كالتالي : 1. وثيقة رسمية (692 17/12/2012) عنوانها الإيسسكو تدعو الدول الأعضاء إلى مضاعفة الجهود للنهوض باللغة العربية... 2. كلمة المدير العام للمنظمة 3. محاضرة للأستاذ عبد الهادي التازي بعنوان " تجربتي في المنظمات الدولية" 4. كتاب " مستقبل اللغة العربية" بثلاث لغات للأستاذ التويجري 5. تذكار بخط الخطاط المغربي "قرماد" حبَّر فيه "اسم المشارك" هدية ً من المنظمة بالمناسبة. - ختم : فتح هذا اليومُ العالمي البابَ أمام دراسي اللغة العربية وخبرائها وعشاقها، لإحياء الصلة وتجديد العهد، بعدما لاحت آفاق التمكين ومشاهد الحضور وفرص الممارسة والتوظيف. لقد كانت تدخلات هذا اليوم غنيةً بالأفكار والرؤى والتجارب والقصص والمقترحات التي تحتاج إلى كثير من تضافر جهود المؤسسات والجماعات والأفراد للتنزيل والاشتغال ، وخاصة على مستوى المعجمية العربية التي يجب أن تواكب المستحدثات ومستجدات العصر...