قَالَ الباحثُ والمحلِّلُ السياسيُّ، محمد ضريف، إنَّ محاولةَ تشخيصِ الوضعيةِ السياسيّة الراهنةِ في المغرب، تضعُنَا أمامَ فعلٍ سياسيٍّ فاقدٍ لبوصلتهِ، يتبدَّى من خلالِ مظهرين، أولهُمَا الطريقةُ التي يتمُّ بهَا تدبيرُ الشأنِ العموميّ، وسطَ غياب رؤيةِ، يبتعدُ معهُ رئيسُ الحكومةِ عن مناقشةِ القضايا الجوهرية الجديرة بالنقاش، وينصرفُ إلى الحديث عن العلاقة بالقصر، والتشديد علَى وجود رغبة دفينة لدَى الأصالة والمعاصرة للسيطرة. في حيدٍ بالنقاش عن مساره السليم، وفقَ ضريف. أمَّا المظهرُ الثَّانِي، فيتجسَّدُ حسب الأكاديميِّ المغربيِّ، فِي كونِ الوضعيةَ الحاليَّةِ، موسومةً بضبابيَّة تطبعُ العلاقَة بينَ الأغلبيَّة والمعارضةَ، بشكلٍ يتساءلُ معهُ المغاربةُ؛ من يعارضُ من؟ علَى اعتبارِ أنَّ الانسجامَ الحكوميَّ شبهُ غائب، إذا ما تمَّ استثناءُ التصويت على قانونِ المالية، بسببِ تناقضِ وجهات النظر بينَ مكونات الأغلبيَّة، فرغمَ أنَّ الاختلافِ في الآراء مسألة واردة، إلا أنَّ حسمهَا يجبُ أنْ يتمَّ على مستوى المجلس الحكوميِّ. غيابُ الانسجام، حسبَ ضريف، مردُّهُ إلَى طبيعة التحالفات، فالعدالةُ والتنمية يوجدُ اليومَ في الحكومة إلى جانبِ أحزاب شاركتْ في تجاربَ سابقةٍ، كالاستقلال والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية، معَ اتضاحِ الصورة بجلاء، عندَ العودةِ إلى تشكيل تحالف الثمانية، الذِي ضمَّ أحزاباً من شتَّى الحساسيات، فرغمَ ما يقالُ عن انتهاءِ الايديلوجيَّات، يؤكدُ الأستاذ ضريف، أهميَة امتلاك تصور واضح ومرجعية محددة. في وقتٍ فقدَ فيهِ الفاعلونَ السياسيون الحاليون هويَّاتهم، وغدَا من النَّادرِ أنْ يستحضرَ الواحدُ منهم هويتهُ ومرجعيَّتهُ الإيديلوجيَّة، بعدمَا انصرفَ إلى براغماتيَّة مفرطة. وبشأن تحديات المرحلة، أردفَ ضريف أنَّ هناكَ ضعفاً على مستوى التفاعل السياسي الإيجابي، من خلال تراجع نسبة المشاركة في الانتخابات الجزئية، التي بلغت نسبتُهَا 20% في طنجة، و18% في مراكش، فيمَا لم تتجاوز 13.86 بإنزكان، وهيَ نسبٌ ضعيفة في ظلّ ضعف تفاعل أذكَى جذوة الاحتجاجات والغضب في عددٍ من المدن المغربية، التي خرجَ الناسُ فيهَا لاستنكار غلاء المعيشة. وحولَ ما يثَارُ بخصوص دعواتٍ إلى رصِّ صفِّ اليسار وحشد القوى التقدمية الحداثية لمواجهة مدِّ الحركات المحافظة، قالَ ضريف، إنَّ اليسارَ يعَانِي تناقضاتٍ كثيرة، وانقساماً واضحاً، بشكلٍ يعقدُ مهمةَّ الكاتبِ الجديد لحزب الاتحاد الاشتراكيِّ، إدريسِ لشكر، الذي صرحَ مؤخرا بأنهُ ينوِي فتحَ جبهةٍ ثقافيَّة ضدَّ القوى المحافظةِ.