كاريكاتير سعد جلال حسمت بعض منتديات النقاش على الأنترنيت في أمر حكومة عباس والسعدية ونوال والبقية، وقالت إنها ستعرف تعديلا كبيرا قبل متم شهر ماي، بل ذهبت هذه المنتديات وبعض تحليلاتها إلى ماهو أبعد من ذلك وقالت إنمن بين الأمور التي بدأت تتضح معالمها، "كون جهة ما دفعت بالفاسي إلى الوزارة الأولى وهيأت وسائل التحكم فيه، لتنقلب عليه بعد أن تأزمت الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية بشكل غير مسبوق"، ذهبت هذه "التحاليل" إلى أن هذه الجهة راهنت على بعض قدماء اليسار لكي يشكلوا معها جبهة أو حركة هي التي ستتولى الأمور بعد الفاسي، إلا أن أملها خاب في الرفاق الذين اختارتهم، فتوجه اهتمامها كله الآن إلى الاتحاد الدستوري والعدالة والتنمية للمراهنة عليهما في حكومة مقبلة هي التي قالت التحاليل إياها إنها سترى النور قبل متم شهرنا هذا. ومن بين الأسماء التي تروجها لعبة التحليلات السياسية في مغرب لاوجود فيه إلا للقليل جدا من التحليل السياسي في الحكومة المقبلة كل من محمد الكحص ووصلاح الوديع وإلياس العماري وحسن نجمي وبثينة العراقي وميلودة حازب والعنثر وغيرهم. مثلما تقول هذه التحليلات إن العدالة والتنمية سيشارك بأمينه العام سعد الدين العثماني ونائبيه البرلمانيين لحسن الداودي وبسيمة الحقاوي . وواضح جدا أن لعبة التخمينات التي انطلقت منذ مدة غير يسيرة في هذا الاتجاه هي مجرد نتاج لما أنتجته لنا حكومة عباس، الذي يبدو متجاوزا بالأحداث التي تقع حوله، ويبدو راغبا - خصوصا مع اقراب موعد الإضراب العام المفاجئ وموجة الإضرابات الوطنية التي "خرجت له من الجنب" - في إقفال هذا المقلب غير المضحك كثيرا الذي يوجد فيه، وإن كان عباس مجد الواجهة الأمامية التي وضعت لكي تأخذ نصيبها من "العصا" في انتظار واجهة أخرى. ذلك أنه واضح جدا أن المشكلة في مغبر اليوم تتجاوز الرجل الاستقلالي - مسكين - لتصبح مشكلة بنيوية حقيقية، لاندري إن كانت الحركة الجديدة ووزراؤها المرتقبين قادرين فعلا على حلها، أم أنهم لايملكون إلا موهبة تأجيل الحديث عنها إلى حين آخر. لقد أضحى واضحا في المغرب اليوم أن إفراغ العمل السياسي من معانيه، وقتل الأحزاب الكبرى، وخلق أحزاب هي "لاأحزاب" في حقيقتها، والتبئير على ترك كل شيء متمحورا في مكان واحد، قد قتل العمل السياسي ومعه قتل الحياة السياسية التي لم يعد أي مغربي عاقل ينظر إليها بعين الجدية أو الاعتبار. وإن النتيجة التي منحتنا إياها المقامرة على الحكومة العجيبة الموجودة حاليا هي نتيجة ترقبها الكل منذ الاقتراع التشريعي الأخير، ومنذ بدء الإعلان عن أسماء المكونات الرئيسية لهذه الحكومة، مع تتويج ذلك الإعلان بالكشف عن إسم الوزير الأول الذي سيقودها. كما أن التجسيد الأبرز لموت السياسة في الوطن، لايمكن أن نعثر عليه بعيدا عن البرنامج السياسي الوحيد الذي يستضيف سياسيينا في التلفزيون، والذي ينجح في الكشف لنا عن قدراتهم التحليلية وعن نضجهم السياسي، وهو برنامج "حوار" الذي يتنافس - حسب الضيوف الذين يستدعيهم - في تقديم الأدلة تلو الأدلة للمواطن / المشاهد المغربي على أنه أحسن صنعا عندما رفض تزكية أي حزب من هذه الأحزاب في الاقتراع التشريعي الأخير في نسبة مقاطعة كانت الأكبر في تاريخ المغرب وتاريخ مواعيده السياسية، لكنها نسبة مقاطعة لم تؤخذ بعين الاعتبار، وتم التعامل معها كما لو كانت مجرد حدث بسيط لايستحق أي التفاتة من طرف من بيدهم الأمر. إننا اليوم في مأزق المأزق، وإن مستقبل البلد وكل التطورات التي ستحصل فيه، تتحدد في هذه اللحظة بالذات، وإذا ماأراد من بيدهم الحل والعقد في الوطن الحزين أن يراهنوا على إبقاء كلمتهم وحدهم مسموعة، فسيكون الأمر وبالا علينا جميعا، وفي حال الرهان على مستقبل وطن بأسره لايحق لأي منا أن يبقى متفرجا، لأننا سنجني جميعا ثمار ماسيقع بعد القرار الذي سيتخذ الآن. لذلك وجب علينا الصدح بها قبل فوات الأوان : المغرب اليوم يحتاج - بدارجتنا البليغة - لأن "يعرف راسو من رجليه"، ولايواصل هذا الهروب إلى الأمام الذي ينذر - لاقدر الله - بأوخم العواقب وأسوئها. إننا نعيش داخل الشارع المغربي، ونسمع نبض المواطن المغربي، ونلمح في الآهات التي كثرت حولنا مئات نداءات الاستغاثة التي لاتريد للبلد أن يحترق، لأنها آهات منبعثة من القلب، وتهوى هذاالوطن، وتريد له أن يواصل العيش في الأمن والأمان الذي منحته الحياة إياه. غير أن مايقع منذ مدة غير يسيرة لاينجح إلا في إعطاء مواطنينا الإحساس بأن ثمة رغبة في دفع الأمور إلى المزيد من التأزم و"ليكن بعدها مايكون"،وهذا هو أسوأ إحساس يمكن ن تمنحه أي دولة في العالم لمواطنيها. إن المغرب الذي يرتجف بين أيدينا اليوم جميعا يطالبنا بأن نضع صورته ومستقبله فوق أي اعتبار. فهل سيواصل من بيدهم الحل والعقد المسير في الاتجاه إياه؟ أم أنهم قادرون على تعديل المسار فجأة والعودة إلى الوطن والتفكير في مآله؟ ذلك هو السؤال، أما إجابته فبيد الأيام القادمة وحدها... ""