إن المتتبع لتصريحات الأمين العام لحزب الاستقلال يجد فيها من الشعبوية ما لايقل عن تلك المعهودة في حليفه الحكومي بن كيران, سبب هذا القول ما قاله شباط من أقوال تدعو إلى الدهشة والاستغراب، عندما حل ضيفا على قناة "العربية" الفضائية في أجوبة على تساؤلات الإعلامي عادل الزبيري. حميد شباط لم يتردد في استهلال الحوار بلازمة التعديل الحكومي التي جعلها بمثابة الورد اليومي الذي يعكف عليه أينما حل وارتحل وهو شيء طبيعي سوف يسعى جاهدا من أجله لتصفية حساب قديم مع خصوم كانوا بالأمس القريب محسوبين على جناح الفاسي/ وهي فرصة أيضا لتكريم من والاه من الأنصار في غزوته لباب العزيزية وعلى رأسهم عبد القادر الكيحل الذي تكردع في انتخابات مجلس جهة الرباط/ لم يقف شباط عند هذا الحد وإنما صب جام غضبه على الأداء الحكومي وعلى رئاسة الحكومة في شخص بن كيران عندما نعت الأداء الحكومي بالبطء "ولا يستجيب لانتظارات الشعب المغربي"، وعاب على بن كيران التعامل بشكل لا يليق مع رئاسة الحكومة وانتقد الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات ونسي أن نزار بركة خريج مدرسة حزب الاستقلال وغيرها من النعوت التي تدل في مجملها أن السيد كما يقول المغاربة "داخل صحيح وسخون" وطبق المقولة المغربية الشهيرة من "النهار الأول يْموت المش". لم ينس شباط في خرجاته الإعلامية المعطلين، فطالب الحكومة الحالية بتطبيق ما اتفق عليه مع أصحاب المحضر الشهير بمحضر عشرين يوليوز2011 والذي يعد بمثابة الدين والعهد المتبقي في رقبة الحكومة السابقة وتناسى أو نسي شباط أن من يطالب بتفعيل المحضر معهم الآن هم الذين من اخرجهم من باب العزيزية، تحضيرا لاحتلاله من جديد، والآن أتى في دور المتضامن الذي يريد مقايضة التعديل الحكومي بملف المعطلين. ابن كيران ومعه جل نواب ووزراء حزب العدالة والتنمية حسموا في مسألة التوظيف المباشر ولا شيء عندهم يمكن من ولوج قطاع الوظيفة العمومية غير المباراة ولا شيء غيرها، ونتيجة هاته التصريحات صعد المعطلون واقتحموا مهرجانات خطابية خاصة بحزب العدالة والتنمية في الانتخابات الجزئية الأخيرة وكانت اقتحاماتهم تلك بمثابة الانتحار النضالي الذي زاد من تأزيم الملف وتقليص عدد المتعاطفين مع قضية المعطلين من داخل صفوف حزب البيجيدي والمتعاطفين معه . وبعد أن أيقنت قيادات إطارات المعطلين مجازين وماستر أصحاب محضر والمشمولين بالمرسوم ، أن رأس بن كيران "قاصح"، ولن يغير موقفه رغم تنغيصهم عليه مهرجاناته، غيروا وجهتم إلى مقر حزب الاستقلال. وبعدما اقتحموا أسوارهم، هاهم يدخلونه من الأبواب ويتلقون وعدا من أمينه العام الجديد بحل ملفهم والسهر عليه وكأن شباط نسي أنه مجرد أمين عام لحزب مشارك في الحكومة وليس رئيسا لها. فحتى مواقف باقي مكونات الأغلبية لم تعد خافية على الجميع وخاصة حزب الحركة الشعبية بمعنى أخر هناك إجماع حكومي باستثناء ما يقوله شباط ويصرح به على كون المباراة شرط أساسي لولوج قطاع الوظيفة العمومية. يعلم شباط علم اليقين أن مطالبته لابن كيران بتنفيذ بنود محضر عشرين يوليوز على الأقل لحفظ ماء وجه حزب الاستقلال سوف يجابه بإجابة صريحة فحواها أنتم يا الأخ شباط من وقعتم المحضر وفي نفس الوقت أنتم من تركتم القانون القاضي بمنع التوظيف المباشر، وسيحيل بن كيران شباط وأصحاب المحضر على وزير العدل والحريات. وقد قالها بن كيران صراحة أمام عتاة المعارضة من حزب الأصالة والمعاصرة عندما خاطب وهبي (ارفع ليهم دعوى قضائية وأنا أتكفل بأداء أتعابك). هناك معطى آخر وجب الانتباه إليه، قد يخدم ملف المعطلين بشكل كبير وهو الحراك النقابي الذي يزاحم ملف المعطلين ويجعله غير ذي أولوية في أجندة بن كيران وحلفائه فالساحة الآن وما تشهده من حراك نقابي قضاة وكتاب ضبط وممرضين ومديري المؤسسات التعليمية ومتصرفين وتقنيي قطاع الجماعات المحلية ومهندسين وأطباء، كل هاته القطاعات بالرغم من حجية وصدقية مطالبها إلا أنها مدعوة الآن إلى إبداء نوع من التضامن الاجتماعي والنقابي وجعل قضية التشغيل أولوية كبرى ولها من الأسبقية الشي ء الكبير ولنؤخر ملف الزيادات والترقيات والتعويضات وغيرها من المطالب إلى حين إيجاد مخرج لأبناء هدا الوطن المعطلين والذين سدت في وجوههم جميع الأبواب.