تطرح مدارس التعليم العتيق بإقليم الرشيدية تساؤلات حول مهمتها الرئيسية كمركز للإشعاع الديني والتربوي والأخلاقي وكذا موقعها، في ظل التطور الذي يشهده التعليم العمومي. وتجد هذه التساؤلات مبررها في ظل التغيرات والتحولات على المستوى الاجتماعي والثقافي والعلمي، وكذا على مستوى تكنولوجيا المعلوميات والدور الذي يتعين على مؤسسة التعليم العتيق القيام به. من هنا٬ يشكل العنصر البشري إحدى أهم الركائز التي تضعها مؤسسة التعليم العتيق في صلب اهتماماتها المدعوة الى الاسهام بشكل كبير في بناء مجتمع حداثي ومنفتح متشبث بقيمه وهويته الدينية واللغوية والحضارية. مدارس التعليم العتيق.. منارة دينية شامخة وفي هذا السياق٬ يرى المندوب الاقليمي لوزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية في الرشيدية محمد هجا٬ أن مدارس التعليم العتيق بالإقليم٬ التي يبلغ عددها عشر مدارس٬ تعد بمثابة العمود الفقري في بناء الشخصية والهوية المغربية وهي فضلا عن ذلك وسيلة لا تمكن خريجيها من اكتساب المعرفة الدينية والفقهية فحسب، بل تمكنهم ايضا من الحصول على شهادات تؤهلهم لولوج سوق الشغل أو متابعة دراستهم بالجامعات المغربية. وأكد أن هذه المدارس٬ التي تضم 1160 تلميذا يمثل العنصر النسوي ضمنهم نسبة 75 في المائة ويسهر على تأطيرهم نحو 305 مؤطرا تربويا٬ تعد منارة دينية شامخة في مجال تلقين الذكر الحكيم وأصول الدين الاسلامي الحنيف والسنة النبوية الشريفة واللغة العربية وعلوم الشريعة والفقه على مذهب الامام مالك٬ مضيفا أنها بهذا المعنى تشكل اللوح المحفوظ بالنسبة لأهل المنطقة من حيث مساهمتها في ترسيخ ثوابت الامة والحفاظ على هويتهم الدينية والثقافية واللغوية والحضارية وحصنا منيعا أمام موجات التطرف والغلو والانحراف العقائدي. من جهة أخرى٬ أكد هجا أن التعليم العتيق بمنطقة تافيلالت يعكس إلى حد كبير صورة وأصالة وعراقة المجتمع الصحراوي المحافظ والمتشبع بقيمه الدينية والروحية ٬ كما أنه بمثابة مرآة تعكس تقاليده وأعرافه وقيمه الانسانية النبيلة. إشعاع واسع وإقبال خارجي وأبرز أن عددا لا يستهان به من الفقهاء الذين تخرجوا من مدارس التعليم العتيق بالإقليم طبقت شهرتهم الآفاق وذيع صيتهم وتمكنوا بفضل مؤهلاتهم ومستواهم الديني والعلمي المتميز من الاضطلاع بمهمة تلقين القرآن الكريم وتحفيظه في مناطق مختلفة داخل المغرب وخارجه٬ وخاصة في فرنسا وألمانيا. كما أن بعض مدارس التعليم العتيق بالإقليم٬ يضيف المسؤول٬ أصبح يضرب بها المثل على المستوى الوطني من الناحية الإدارية والتربوية، وأضحت نموذجا متميزا بالنسبة لمثيلاتها بمختلف مناطق المغرب٬ مشيرا في هذا الاطار إلى مدارس " ابن هلال بأرفود" و"الامام مالك" و"الامام نافع" و"تافيلالت العالمة"٬ كما أن بعض تلامذتها حصلوا على جوائز التميز التربوي على الصعيد الوطني٬ وذلك بفضل الجهود الحثيثة التي تبذلها مندوبية وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية في مجال التكوين والمواكبة والتتبع. وقد تزايدت شهرة وجاذبية هذا النوع من المؤسسات التعليمية٬ حيث أصبحت قبلة لطلاب العلوم الشرعية وحفظة القرآن من المغرب ومن مختلف بقاع العالم يفدون عليها خاصة من الولاياتالمتحدة وماليزيا واسبانيا وجنوب افريقيا وبريطانيا حيث بلغ عددهم 11 طالبا أجنبيا. مدارس عتيقة بإدارة حديثة.. ولمواكبة التحولات وروح العصر مع ما يتطلبه مسلسل التحديث من توظيف آليات التدبير الحديثة وفي مقدمتها تكنولوجيا المعلوميات٬ انفتحت هذه المؤسسات على محيطها السوسيو ثقافي واستعانت بالتجهيزات الضرورية لمسايرة التطورات التي يعرفها المجال. وبعد أن أشار إلى أن الوظيفة التقليدية التي ارتبطت بمدارس التعليم العتيق لمدة طويلة لم تعد كما كان الشأن في السابق٬ أكد هجا أن هذه المدارس أصبحت، وخاصة بعد إحداث مديرية التعليم العتيق على مستوى الوزارة الوصية٬ تتبع نظام التعليم العمومي من حيث مدة الدراسة والمناهج والمواد التي يتم تدريسها ٬ وذلك بغرض الرفع من جودتها ومردوديتها وتحقيق الاهداف المسطرة عبر المراقبة المستمرة وتتبع المسار الدراسي للتلاميذ لجعل هذا النوع من المدارس فضاء متجددا للتفوق والتميز. وخلص المسؤول إلى أن مندوبية وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية وفي إطار المهام الموكولة لها تعمل جاهدة للرقي والدفع بقطاع التعليم العتيق بالإقليم إلى آفاق واعدة من أجل تحقيق أهداف التنمية المنشودة.