شكل مطلب تقوية مؤسسة الوزير الأول،أحد محاور دفتر الإصلاح الدستوري لدى القوى الديمقراطية،لذلك سيبدو هذا المطلب حاضرا في مذكرة 1991 التي وقعها كل من الفقيد عبد الرحيم بوعبيد باسم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، و الأستاذ امحمد بوستة –أطال الله في عمره-باسم حزب الاستقلال،ثم بعد ذلك في المذكرة التي سترفعها الكتلة الديمقراطية مباشرة بعد تأسيسها في العام 1992. في نفس السنة،سيعلن الملك الراحل ،عن تعديلات دستورية، وسيقدم للمغاربة مشروع هذه المراجعة،بعد نشره في الجريدة الرسمية ،و إذاعته على أمواج الراديو و التلفزيون،و نشره في كتيب صغير ،وزعته الإدارة على نطاق واسع. سواء داخل الحملة الرسمية للتصويت الايجابي،أو داخل الحجج التي اعتمدها دعاة التصويت بنعم ،خاصة من داخل الصف الديمقراطي(حزب التقدم و الاشتراكية،مرافعة الأستاذ يوسفي أمام اللجنة المركزية لحزبه الذي امتنع في النهاية عن المشاركة في الاستفتاء)،سيبدو الفصل 24 من المشروع أحد عناصر التغيير القوية ،على الأقل في باب تعزيز صلاحيات الوزير الأول. كان هذا الفصل كما طرح على الاستفتاء ،ينص من خلال فقراته الثلاث على مايلي: "يعين الملك الوزير الأول. يعين الملك باقي أعضاء الحكومة و يعفيهم باقتراح من الوزير الأول. يعين الملك الحكومة بمبادرة منه أو بناء على استقالتها." تم التصويت على المراجعة الدستورية ،يوم 4 شتنبر 1992، وبعد إعلان الغرفة الدستورية بالمجلس الأعلى عن نتيجة الاستفتاء،ستنشر الجريدة الرسمية ظهير تنفيذ مراجعة الدستور بتاريخ 9 أكتوبر1992. بعد النشر،سيصبح الفصل 24 –بأربعة فقرات-على الشكل التالي: "يعين الملك الوزير الأول. ويعين باقي أعضاء الحكومة باقتراح من الوزير الأول. وله أن يعفيهم من مهامهم. ويعفي الحكومة بمبادرة منه أو بناء على استقالتها." هكذا،و بجرة قلم ،تم الالتفاف على إرادة المغاربة المعبر عنها في الاستفتاء،و تم إلغاء صلاحية الوزير الأول في اقتراح إعفاء باقي أعضاء الحكومة. سيكتب آنذاك ،الفقيد الأستاذ عبد الرحمان القادري،مقالا في جريدة "الاتحاد الاشتراكي "و سيذكر بجميع الشخصيات التي سبق لها أن أذاعت عبر الراديو أو التلفزة نصوص الدستور المعروضة على الاستفتاء، في 1962، 1970، 1972. معتبرا أن المغاربة تعودوا أن يجدوا في الجريدة الرسمية، النص الذي تعرفوا إليه قبل الاستفتاء. لكن ذلك قبل أن تقع حكاية الفصل 24 في مراجعة عام 1992. مناسبة هذا الكلام،الرسالة التي وجهها الأستاذ عبد العزيز النويضي للأمين العام للحكومة، والتي نشرت في الصحافة (جريدة أخبار اليوم، عدد 31 يوليوز 2012)، والمتعلقة بالفقرة الثالثة من الفصل 132 ،حيث تضمن المشروع المعروض على الاستفتاء إمكانية إحالة القوانين أو الاتفاقيات الدولية قبل إصدار الأمر بتنفيذها، أو قبل المصادقة عليها إلى المحكمة الدستورية، لتبت في مطابقتها للدستور. لكن النص الصادر في الجريدة الرسمية، بعد الاستفتاء، سيعرف بتر عبارة "الاتفاقيات الدولية" مما يجعل من موضوع الإحالة مقتصرا على القوانين. مباشرة بعد الاستفتاء ستقدم الأمانة العامة للحكومة مجموعة من الاستدراكات كتصحيح لأخطاء تسللت إلى النص النهائي. لكن اليوم مع ما تضمنه الرسالة السابقة الذكر، ومع ما تداولته الصحافة من حديث الأستاذ محمد الطوزي، عالم السياسة وعضو اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور على أن "النص الذي عرض على استفتاء فاتح يوليوز، لم يكن هو نفسه الذي نشر في الجريدة الرسمية" (جريدة أخبار اليوم عدد 31 غشت 2012). فإنه لابد من السؤال حول : هل فعلا صادق المغاربة على دستور وتم نشر دستور آخر؟ الكرة في ملعب الحكومة، وأمينها العام.