غوتي: ظاهرة الهجرة من القطاع العام إلى الخاص تشمل المستلزمات والمعدات الطبية والأدوية "أضحت الممارسة غير القانونية للطب بالقطاع الخاص، من طرف أطباء موظفين تابعين لوزارة الصحة حقيقة مؤكدة، ومكافحة هذه الممارسات لم ترق إلى مستوى التطلعات رغم النداءات المتتالية بالالتزام بالقانون"، هذا جزء من "اعترافات" وزير الصحة الحسين الوردي حول اشتغال أطباء القطاع العام بدون ترخيص في المصحات الخصوصية، خلال دورية له تحمل رقم 99، وجاءت للقضاء على "الممارسة غير القانونية للطب بالقطاع الخاص من طرف الأطباء الموظفين"، في وقت يتم التنصيص من خلال القانون، على منع الجمع بين الوظائف. ورغم أن الوزارة لم تقدم إحصاءات رسمية حول عدد الأطباء المتورطين في هذه التجارة، إلا أن المهنيين يتحدثون عن أزيد من 90 في المائة من أطباء القطاع العام يشتغلون أيضا في القطاع الخاص، رغم أن القانون يمنع على سائر الأطباء بما فيهم الأساتذة المساعدون المزاوجة بين القطاع العام والخاص، فيما يسمح فقط للأساتذة المبرزين وأساتذة التعليم العالي بكليات الطب والصيدلة العمل في المصحات الخاصة نصف النهار مرتين في الأسبوع. وفي تعليقه على هذا الرقم لم يستبعد محمد الأغظف غوتي باحث في السياسة الصحية، ذلك معتبرا "أنه يمكن أن نتجاوزه نظرا للواقع المرير الذي يعيشه، القطاع الصحي وفي غياب أرقام تثبت عكس ذلك فإن الرقم يبقى واقعيا". وتأسف غوتي، في تصريح لهسبريس لما قال عنه استغلال الاستثناء الذي حدده القانون لأساتذة التعليم العالي والمبرزون بكليات الصيدلة والطب قبل ثلاثة عقود، ليصبح هو القاعدة في ظل واقع يشتغل فيه أغلب الأطباء والممرضين في القطاع الخاص. غوتي نبه كذلك إلى أن ظاهرة الهجرة من القطاع العام إلى الخاص لم تعد مقتصرة على الموارد البشرية فقط، وإنما شملت حتى المستلزمات والمعدات الطبية والأدوية التي تعطى مجانا في المستشفيات العمومية، حيث يحملها بعض الأطباء إلى المصحات الخاصة، مؤكدا أن المتضرر الأساس من هذه الممارسة غير القانونية هو الطب العام حيث يكون ذلك على مستوى جودته وسير مصالحه. يأتي كل هذا في وقت يتفاقم مع النقص الحاد في الموارد البشرية داخل المستشفيات العمومية، حيث تبلغ نسبة التغطية، طبيب لكل 1630 نسمة وممرض لكل 1109 نسمة في القطاع العام، كما تؤثر هذه الوضعية أيضا على القطاع الصحي الخاص والمنظومة الوطنية للصحة قاطبة. وفي هذا الصدد صنفت المنظمة العالمية للصحة المغرب ضمن ال 57 بلدا في العالم التي تعيش خصاصا حادا لمقدمي العلاجات، والتي تتوفر على كثافة ضعيفة للموارد البشرية حيث يوجد تحت العتبة الحرجة المحددة في 2.3 من المهنيين لكل 1000 نسمة. وهددت دورية الحسين الوردي المصحات الخاصة، بالمتابعة القانونية إن تبث أنها تسمح بالممارسة الغير القانونية لأطباء القطاع العام داخلها، محملة إياها المسؤولية القانونية بالموازاة مع تحميلها للطبيب الموظف بالقطاع العام، مشيرة أنه سيتم إنجاز عمليات تفتيش دورية ومفاجئة داخل المصحات والمستشفيات بغية مكافحة الممارسة غير القانونية للطب من طرف مهنيي الصحة. وتؤكد الدورية أن هذه الممارسات لم تعد مقبولة بتاتا، وأن وزارة الصحة التزمت بمكافحة الممارسة غير القانونية للطب، لذا ستعمل الوزارة مستندة في هذا الصدد إلى الالتزام الحازم للحكومة بتخليق القطاعات العمومية، وقطاع الصحة على وجه الخصوص. يذكر أن عدد المصحات الخاصة في المغرب بلغ سنة 2011 حوالي 291 وحدة، بطاقة إيوائية تناهز 6504 سرير، فيما عيادات القطاع الخاص "للاستشارات الطبية والتشخيص السريري"، وصل عددها حوالي 6652 وحدة، ضمنها 52%، بالمدن الكبرى.