كلما كتب لي الاستماع إلى مغربي يتحدث ممسكا بالمايكروفون إلا و لاحظت أنه يتصبب عرقا ،متلونا بكل ألوان الطيف ،محاولا اجترار كل التعابير المسكوكة باللغة العربية ...حتى لو كان موضوع حديثه عاديا لا يتتطلب كل تلك الترسانة من العبارات الرنانة. فتجده “يدخل” و “يخرج” في الكلام ،يصول و يجول بين مفردات تجعل منه مفتخرا ،أمام المتلقين، بتمكنه من لغة سبويه . "" سواء تعلق الأمر بمداخلة تلفزيونية أو بتدخل في محاضرة أو ندوة كيفما صغر شأن مواضيعها ، تجد مواطنا بسيطا في معرض حديثه عن أحوال الزرع و "الزريعة" بعد فيضانات أمطار الخير بسهول "عبدة" ، تجده مصارعا الأفعال و المفاعيل ،مقاتلا كان و إن ... أوقد تصادف رئيس جمعية محبي فريق بيضاوي مفتونا بالحال و صاحبه و الفاعل و نائبه كي يتحدث عن الشغب في الملاعب المغربية... أستغرب فعلا لهؤلاء المساكين و أشفق لحالهم ، و أقارنه بحال و حالة من يفترض أنهم عرب حقيقيون بالجزيرة العربية و الشرق الأوسط لأن لا أحد منهم يتحدث باللغة العربية مهما كبر شأن القضية التي يناقشونها ، فتجد المثقفين عندهم (على أنواعهم) متشبثين بلغاتهم المحلية في كل نقاشاتهم السياسية و الأدبية و الفنية ... بل و ما يدعو للاستغراب أكثر هو أنهم ،و حتى حين يصيبهم الحنين للغة عنترة بن شداد ، يقترفون أفدح الأخطاء و يرتكبون أفظع أنواع الجنح و الجرائم اللغوية . الحق أني لا ألومهم، لأنهم و بكل بساطة غير مجبرين على إتقان لغة صارت فعلا متخشبة في انتظار أن تحنط . لغة زادها سيبويه (سامحه الله) تعقيدا على ما فيها من عقد فصارت بعده لغة سحرية تستوعب كل لغات العالم !!!! دون أن تجد لنفسها مكانا خارج الكتب المطلسمة و الخطب المفذلكة ... ما يدعو أيضا للعجب، أن دعاة لغة الخشب كلهم من غير العرب !!! و هم للإشارة ثلاثة لا يسمنون ولا يغنون عن سغب:" أعظمهم " شأنا ليبي وهوالفهيم الغشيم بدعم من العقيد الزعيم صاحب الكتاب الحكيم ،و ثانيهم جزائري: عثمان بن سعدان مؤسس قلعة الرهبان للدفاع عن لغة العربان و آخرهم مغربي ؛الفاسي الفهري: عمود العرابين الفقري و داعية التعريب القسري . بسببهم و بسبب من هندس لتعليمنا و إعلامنا صرنا عربا أكثر من العرب أنفسهم ، و أصبحنا نحب لغة الحطب و نتفنن في التباهي بها أمام الجميع كلما منحتنا الصدفة مايكروفونا و كأن له مفعولا سحريا يجعلنا نرمي بلغتينا )الأمازيغية و الدارجة ) وراءه لنسترجعهما أوتوماتيكيا بعد أن يسحب من بين أصابعنا المايك اللعين. [email protected]