المصدر:النهار المغربية العدد 2515 المكان: الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة الشاوية ورديغة. الزمان: ترأس الدورة الثانية للمجلس الإداري للأكاديمية الجهوية الحدث : الوفا يطالب الآباء بالتبليغ عن رجال التعليم المتغيبين جميل ما قام به السيد محمد الوفا حينما أعلن على أن وزارة التعليم عازمة على فتح خط أخضر مباشر .وسيصبح بإمكان أي مواطن إخبار الوزارة عن تغيبات هيئة التدريس أو الهيئة التربوية أو مشاكل أخرى . هذه الخطو ة الشجاعة والتي رأت فيها النقابات أنها خطوة تندرج في إطار التجسس على الأطر التعليمية ، يجب تثمينها بقوة لأنها تفتح باب المراقبة وبالتالي المحاسبة حين تطبيقها في الحقل التعليمي . وسيكون رجل التعليم ليس الضحية وإنما القربان الذي سيقدم من أجل تجسيد الديمقراطية على أرض الواقع ،بإعطاء المواطن الحق الكامل في رعاية شؤونه ، وفرصة تحمل المسؤولية الأخلاقية في قبول ما يقوم به رجال التعليم من عمل إيجابي اتجاه وطنهم أو العكس ما يقومون به من عمل تدميري اتجاهه (في حالة حدوث ذلك). إنما هناك سؤال يطرح نفسه ، ما هو ثمن تضحية رجال التعليم بكرامتهم (الجزرة) من أجل إشراك المواطن في رقابة عملهم خارج إدارتهم الترابية وخارج جمعيات آباء وأولياء التلاميذ؟ وهل سيحصل رجل التعليم على حقوق طالما طالب بها سنوات وتتعلق بحقه في الترقي دون كوطا ، و بحصوله على تعويضات عن الأمراض المهنية التي لا تعترف بها الوزارة ومنها الحساسية والأعصاب وأمراض القلب والكلي وغيرها؟ وهل ستقبل الوزارة إعادة النظر في مسألة الخريطة المدرسية ؟ وهل ستحارب الإكتضاض ، وستعيد النظر في المناهج والبرامج ، وتزود المدرسة العمومية بأدوات العمل وستحسن ظروف العمل ؟ فهناك أمور كثيرة يعاني منها رجال التعليم لا يحس بها غيرهم من المسئولين على القطاع .تبتدئ من الفصل الذي يفتقر إلى الطباشير والسبورة اللائقة وينتهي بسوء المعاملة من طرف بعض المواطنين أنفسهم والذين يرى بعضهم في رجل التعليم- كاري حنكو- الصالح لأي شيء . فمسألة مراقبة رجل التعليم من طرف المواطن كانت دائما أمرا معاشا ويوميا عن طريق جمعيات آباء وأولياء التلاميذ ، حينما انفتحت المدرسة على محيطها أكثر من عقد من الزمان ، والعلاقة بين رجل التعليم والمواطن كانت دائما يسودها الاحترام والتقدير .إنما الجديد اليوم هو استعمال الخط الأخضر المباشر مع الوزارة . والسؤال هل الوزارة مستعدة لاستقبال جميع مكالمات المواطنين والبث فيها بما فيهم رجال التعليم أنفسهم والذين تضيع مصالحهم داخل الوزارة نفسها؟ فبعضهم يقطع الكيلومترات من أجل إصلاح خطأ إداري لا يتطلب ثوان معدودات .وهل الوزارة مستعدة لاتخاذ قرارات فوقية دون "إثبات" في حالة وشاية أو عمل انتقامي؟ وكيف ستتعامل مع ذلك المواطن في حالة تعرض ذلك الموظف لوشاية كاذبة ؟و هل سيصبح من حق الموظف متابعة المواطن أم متابعة الوزارة؟ وما مصير الموظفين الذين سيتغيبون لظروف طارئة أو لمرض ما؟ ليس معنى هذا أن فتح خط أخضر يمكّن المواطن من الاتصال مباشرة بالوزارة هي خطوة قد تضر بالوزارة أو تضر بموظفيها . ولكن كان من الممكن أن تكون خطوة موزونة إستراتيجية سياسية لو شملت جميع قطاعات الحياة وتم تعميمها ، بحيث يصبح من حق المواطن التبليغ بتغيب أي موظف دولة كيفما كان وأينما كان . وقتها نستطيع الحديث عن محاولة تحسين أداء الإدارة العمومية ،ومحاولة تطبيق المساواة الدستورية بين جميع موظفي الدولة . فمن غير المقبول بتاتا أن يقوم رجل التعليم بواجبه ولا يتغيب رغم ظروفه الصعبة ، بينما يفاجأ بتغيب المدير والنائب والطبيب ورؤساء الأقسام والوزير بقطاعات أخرى كلما كان عليه أن يقوم بإجراءات لحصول على حقوقه أو لصيانتها . بينما القاعدة الذهبية التي يجب احترامها من لدن الجميع " قمت بواجبي أستحق حقوقي بلا تأخير" . إذن ، سيكون للمواطن الحق في الاتصال بالوزارة من أجل التبليغ بتغيب رجل التعليم ابتداء من شتنبر المقبل . وما على الوزارة إلا أن تشمر على أذرعها وأن تفتح آذانها جيدا حتى تستطيع الفصل بين الحق والباطل : بين التغيب لظرف قاهر وبين التغيب المتعمد الذي يستنكره حتى رجل التعليم سواء بقطاع التعليم أو بقطاعات أخرى. وللتذكير فإن هذا الخط المباشر هو سيف ذو حدين . فهو من جهة سيعطي للمواطن وسيلة الاتصال بالوزارة من أجل التبليغ عن تغيب أحد موظفيها وهي سابقة، لكنه من جهة أخرى " سيردم " سياسة اللامركزية واللاتمركز التي ضيع المغرب من أجل ترسيخها أموالا طائلة ووقتا ثمينا . فبالقفز على مدير المدرسة ومفتش المقاطعة والنائب الإقليمي للوزارة ، والاتصال مباشرة بالوزارة سَيُدَشَّنُ عهد جديد ( للمركزية) مرة أخرى ، أي أنه على المواطن أن يتصل بالرباط وليس هناك غير الرباط. والسؤال ، ما هو مصير الجهوية من الإعراب؟ لأنه بكل جهة هناك أكاديمية ونيابة أو نيابات حريصة كل الحرص على أن تمر العملية التعليمية التعلمية في أحسن الظروف . فهل أصبحت – تلك الأكاديميات -عاجزة عن رصد تغيبات بعض رجال التعليم أم هي أصبحت متسامحة ورخوة في التعامل مع بعضهم فأصبح الأمر يتجاوز قدراتها وإمكاناتها ؟ الأمر الذي استدعى تدخل الوزارة بفتح الخط الأخضر المباشر. فمنذ عدة سنوات كانت الإدارات في قطاعات أخرى تستعمل ورقة الحضور كل صباح لضبط تغيبات موظفيها ، فهل هي الأخرى ستعمد لفتح خط أخضر مباشر كي يستطيع المواطن التبليغ عن تَغْيب من تَغَّيبَ من موظفيها ، أم ستعتبر تغيب مُوظَّفيها شأنا داخليا يحكمه القانون الداخلي وقانون الوظيفة العمومية؟