حاول بعض ممن يتمنون صباح مساء سقوط العدالة والتنمية وتوال أخطائه، بل لقد غاظ هذا الصنف من قومنا النجاح الباهر الذي حققه مؤتمر الحزب في دورته السابعة والذي أكد استمرار التفاف المتعاطفين والأعضاء حول حزبهم واستمرار دعم المغاربة له في ظل قيادته للحكومة الحالية، وعلى الرغم من اتخاذها لما يمكن ان نعتبرها قرارات غير شعبية..لكن المؤتمر أثبت ان الحزب الأكثري لازال يتمتع بقوة تنظيمية والتفاف جماهيري وعمق ديمقراطي يؤهله لأن يوصم بالحزب النموذجي إلى حدود اللحظة السياسية. في غمرة هذا النجاح برزت بعض الأصوات محاولة منها وبكل ما أوتيت من قوة لأن تجعل من خطأ في تدبير ملف ضيوف المؤتمر الدوليين إلى نقطة وعنصر فشل ذريع لمؤتمر العدالة والتنمية، والواقع أن هذه العثرة وعلى الرغم من جسامتها هي في تقديري علامة من علامات قوة هذا الحزب، إذ أن خطأ حضور صهيوني لمؤتمر الحزب وتوجيه دعوة رسمية له مكسب للقضية الفلسطينية والمناصرين لنهج المقاومة، وذلك للاعتبارات التالية: أولا: الاستقبال الفريد الذي خصت به جماهير العدالة والتنمية لرمز المقاومة الفلسطينية دليل تجذر الدعم الواسع الذي تحظى به المقاومة في صفوف مناضلي العدالة والتنمية. ثانيا: استداء "الضيف الصهيوني" بدعوى كونه يهوديا يحمل الجنسية الفلسطينية وداعم للفلسطينيين دليل عن كون العدالة التنمية لاتحمل عداء لليهود بصفتهم العقدية وإنما الكره إنما لليهود الصهاينة المغتصبين للأرض المقدسة والمرتكبين لأفضع الجرائم ضد الانسانية. ثالثا: الرفض العارم داخل صفوف العدالة والتنمية لحضور الشخصية الصهيونية بعد علمهم بذلك دليل أن جسم هذا الحزب محصن ضد أية محاولة لاختراقه من قبل لوبيات التطبيع، وعليه لم يجرء لحد علمي أي كان من داخل العدالة والتنمية على التهوين من الخطأ الجسيم المرتكب حين علمهم بصهيونية "الضيف المدعو"، و لا أظن أن مناضلي هذا الحزب سوف يتخلون عن حقهم في معرفة الجهة التي تتحمل مسؤولية هذا الخطأ ومحاسبته استنادا إلى اللوائح التنظيمية. رابعا: الاقتراب من الصهيونية خط أحمر، والإقدام على ذلك يتطلب تغييرا جذريا بمكونات العدالة والتنمية وجهدا غير مسبوق لإقناع جموع المناضلين بمسار التطبيع وفتح علاقات طبيعية مع شخصيات صهونية، كما أنه في تقديري هذا الحدث ربما نفعه على الحزب أكثر من ضرره إن تم تدبيره بصدقية عالية، فمت أجيال جديدة التحقت بصفوف هذا الحزب لم تتربى على حالة الرفض العقدي والنفسي للصهيوني، بل بدأت تلوح في الأفق مظاهر تهميش القضية الفلسطينية من برامج بعض هيآت العدالة والتنمية ( نموذج شبيبة الحزب..) مما يتطلب معه إطلاق فعل تربوي وفكري جديد في ثنايا هيآت الحزب من اجل حصانة تربوية فكرية سياسية ونفسية اتجاه قوى التطبيع. وختاما نتمنى أن يحصل مثل هذا الذي يحصل داخل حزب العدالة والتنمية جراء هذا الخطأ التطبيعي غير المقصود (وهي خطوة غير تطبيعية في تقديري؛ ذلك ان التطبيع هو عملية واعية ومقصودة ومخطط لها من قبل الجهة المطبعة)، ان يحصل مثل هذا بباقي الهيآت المطبعة والتي رأت في الحدث فرصة لتبرير خطواتها التطبيعية، فهل يجرء مثلا بعض من مسؤولي معهد أماديوس على اعتبار استضافاتهم المتتالية لرموز الصهيونية خطوات تطبيعية وتأييد للمجازر المرتكبة ضد الانسانية.