الصين واندونيسيا والأرجنتين والمكسيك والتشيلي والبيرو وبوليفيا وتنزانيا وكينيا، عوالم وأشخاص وحيوات من قارات مختلفة، تتجلى في لحظات خالدة توقف فيها الزمن بواسطة كاميرا حساسة تحملها شابة مغربية اعتنقت عالم التصوير الفوتوغرافي من وحي روح ابن بطوطة. "" ليلى غاندي (27 سنة)، مصورة صحافية، خريجة مدرسة العلوم السياسية في باريس، دخلت منذ أسبوعين مجلس الشيوخ الفرنسي لتتسلم جائزة النجاح النسائي التي تمنحها الجمعية الفرنسية الأورو - متوسطية للنساء الأوروبيات والمتوسطيات المتميزات، وهي هيئة نسائية تعمل على تثمين صورة المرأة. قالت لها كاتبة الدولة الفرنسية المكلفة بسياسة المدينة بتأثر لدى تسليمها الجائزة أمام جمهور من شخصيات الفن والآداب والإعلام: «إنك تمثلين فعلاً نموذجاً للمرأة العصرية الحرة عبر العالم». الحرية عانقتها ليلى مبكراً، عبر الأسفار الكثيرة مع والديها في صغرها، وعيشها بين ثقافات متعددة، فرنسا وإنكلترا حيث درست، والمغرب والصين وتشيلي حيث عاشت لفترات طويلة، ثم عبر الفضول الذي كبر في داخلها للتعرف الى الآخر واكتشاف عوالمه عبر السفر واختراق حدود الجغرافيا والثقافات، من دون أحكام مسبقة تعمي البصيرة. السفر من أجل الاكتشاف، كما تعيشه ليلى بنظرة بروست، الكاتب الفرنسي المعروف في القرن 19، «ليس بحثاً عن المشاهد الجديدة، بل هو امتلاك عيون جديدة». الحرية كذلك عانقتها لما قررت الاستقالة من العمل الإداري، والتفرغ للسفر والعمل الحر الذي وجدت فيه ذاتها، لتحقيق أحلامها الكبيرة في التجوال والاغتناء بالآخر. تمارس ليلى هواية التصوير بشغف، ولا تعتبر نفسها مصورة. هي تردد بأنها لا تبحث عن التقاط الصور، الصورة تفرض نفسها حينما تستقر بين العين والقلب، بتلقائية وحساسية. تتحدث ليلى عن فن التصوير كما لو كانت تتحدث عن علاقة حب، وتقول: «لا أفكر، أكتفي بالإحساس الغامر تجاه ما تراه عيناي، أقع في الحب، من أول نظرة, فتكون الحاجة ملحة لتسجيل شهادة مخلصة لشعور اللحظة وانفعالاتها». تسحرها نظرات العيون، والابتسامات، ومشاهد متفرقة من حياة الناس البسيطة، فالناس أهم بالنسبة اليها من المعالم الأثرية. تقول ليلى عن هذه العلاقة الإنسانية العميقة والبسيطة في آن: «أقبل بحب على الناس، وحينها يكون الشعور متبادلاً في تعابير الوجوه والنظرات التي تلتقطها الكاميرا». تأسس نجاح ليلى في عالم التصوير على هذه الحساسية الخاصة إزاء لحظات إنسانية مميزة تقاسمتها مع أناس مختلفين. معارضها تتواصل، ومشاريعها العملية توسعت من التصوير إلى الفيديو وإخراج أشرطة وثائقية للقنوات التلفزيونية. تقول ليلى إن آلة التصوير والكتابة وسيلتان لتسجيل شهادات، من أجل مشاركتها مع الآخر معناها الرحب، ودعوته الى التأمل والتعارف والتسامح والتقارب. جولتها عبر العالم تكاد تكتمل، ورؤيتها للسفر اكتست لبوسا فلسفيا. «السفر هو أن تبتعد ما أمكن عن نفسك، لتقترب منها أكثر»، و«أجمل الأسفار ذلك الذي يحملنا نحو ذواتنا»، تقول. شاهدة على لحظات قوية في حياة أناس من مختلف بقاع العالم، بعدسة كاميرتها، لكن أيضاً بقلمها وكتاباتها عن تجربة الرحلات التي عاشتها وتدونها في موقعها الإلكتروني الخاصhttp://www.leilaghandi.com ومقالات صحافية تنشرها ما بين المغرب وفرنسا، وأول كتاب لها صادر عن دار نشر مغربية في عام 2006، ثم دار نشر فرنسية عام 2007، حول تجربتها ومشاهداتها وصورها في الصين التي عاشت فيها ثمانية أشهر، ومشروع رواية في الطريق. ليلى في تصريح صحافي يوم تتويج نجاحاتها بجائزة النجاح النسائي تعتبر أن مهمتها الحالية هي «التقريب بين الناس، ليحب بعضهم بعضاً، ودعم الحوار بين الشعوب، بغض النظر عن دياناتهم وأصولهم وأعراقهم أو جنسياتهم من خلال الصور التي التقطها وكذا كتاباتي وأفلامي».