تترقب الأوساط الإعلامية والسياسية المغربية حكم المحكمة الابتدائية بمدينة بني ملال الأربعاء 12-3-2008 في قضية "رشيد نيني" مدير تحرير صحيفة "المساء" المستقلة، أبرز يومية مغربية، المتهم فيها ب"تهديد أمن واقتصاد البلاد". "" وترجع حالة الترقب، لمطالبة المدعين بتطبيق الفصل 87 من القانون الجنائي والذي يقضي بالمنع من مزاولة مهنة الصحافة لمدة 10 سنوات في حال الإدانة بهذه التهمة، وستكون هذه أول مرة منذ 3 سنوات يفعل فيها هذا الفصل في حال صدور حكم بذلك، حيث ترجع آخر مرة طبق فيها عام 2005 بحق الصحفي المستقل علي المرابط الذي هاجر بعدها إلى إسبانيا. ويخشى الصحفيون العاملون بالجرائد المستقلة، من أن تصبح أحكام المنع من مزاولة المهنة "كابوسا أصبح موضة لتقليم أظافر الصحافيين وإدخالهم بيت الطاعة"، مع تكرار المطالبة بها في عدد من قضايا النشر المنظورة أمام القضاء المغربي. وفي مقال له ب"المساء"، انتقد "نيني" إصرار المدعين على تطبيق البند 87 عليه. وكتب قائلاً: "عندما سمعت دفاع الدرك يطالب بإسكات صوتي ل10 سنوات كاملة لمجرد أنني أمارس حقي الطبيعي في التعبير تذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: "ستأتي على الناس سنوات خدَّاعات، يُصدَّق فيها الكاذب ويُكذّب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن ويخوّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة، فقيل له وما الرويبضة يا رسول الله؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة". واسترسل قائلاً: "إننا فعلاً نعيش زمن هذه السنوات الخداعات في المغرب؛ فقد أصبح من يكتب ليفضح الفساد السياسي ويطالب بالعدالة الاجتماعية متهمًا بتهديد أمن الناس، وأصبح من يطالب بالحق في الصحة لجميع المواطنين بغض النظر عن أسمائهم العائلية وألقابهم ومراتبهم الاجتماعية متهمًا بتهديد صحة الناس، وأصبح من يطالب بحماية الأخلاق العامة والتصدي للانحرافات الأخلاقية والجنسية التي تغزو المغرب وأبناءه وبناته متهمًا بتهديد أخلاق الناس". ورفعت القضية ضد نيني مفوضية الدرك (أحد أجهزة الشرطة) ببني ملال (جنوب) استنادًا لمقال كتبه مدير تحرير المساء عما اعتبره "واقعة شطط" في استعمال السلطة من طرف الدرك في هذا البلد. واعتبر الدرك في شكايته أنه وقع عليه الضرر من مقالات "نيني"، معتبرًا أنها "تهدد أمن الناس وخصوصياتهم"، علاوة على إبرازه "المغرب في صورة سيئة، مما قد يؤثر سلبًا على الاقتصاد الوطني، وخاصة ما يتعلق بالمجال السياحي". ولكن ما أثار استغراب المتتبعين هو تأخر جهاز الدرك في رفع الدعوى القضائية لمدة 7 أشهر. منع أبدي ووجه مدير المساء خطابه إلى المدعين بقوله: "إذا ثبت بالحجة والدليل أنني فعلاً أهدد أمن المغاربة وأخلاقهم وصحتهم ومدخراتهم -كما يدعي دفاع الدرك- فأنا على استعداد أن أمنع نفسي من الكتابة ليس لعشر سنوات وإنما إلى آخر أيامي". "أما إذا كان هناك من يريد مغربًا بدون صحافة مستقلة وجادة تمارس عملها كسلطة رابعة وكرقيب على العمل الحكومي فليقلها لنا صراحة حتى نتنحى جانبًا، ونترك المجال لمنابر مثل مجلة الشرطة ومجلة الدرك الملكي". وينص الفصل 87 من القانون الجنائي على "الحكم بالمنع من مزاولة المهنة، إذا تبين للمحكمة أن الجريمة المرتكبة لها علاقة مباشرة بمزاولة المهنة أو النشاط أو الفن، وأنه توجد قرائن قوية يخشى معها أن يصبح المحكوم عليه -إن هو تمادى في مزاولة ذلك- خطرًا على أمن الناس أو صحتهم أو على مدخراتهم". دعاوى بالجملة وتزامن توقيت هذه المحاكمة، مع دعوى قضائية أخرى رفعها نائب وكيل الملك ( في مدينة القصر الكبير يتهم فيها رشيد نيني بصفته مديرًا ليومية المساء "بالقذف والسب العلني" على خلفية ما عرف بقصة شواذ القصر الكبير شهر نوفمبر 2007. ومن المرتقب أن تصدر المحكمة الابتدائية بالمدينة حكمها الجمعة 14 مارس الجاري في هذه القضية، بعدما أجلت تاريخ البت في دعوى ثالثة تقدم بها نائب ثان لوكيل الملك بالمدينة نفسها بالتهمة ذاتها. وطالب المدعون في كلا القضيتين بتطبيق البند 87، وأثار تكرار المطالبة بتلك العقوبة مخاوف الصحفيين المستقلين من أن "تتحول تلك المادة لظاهرة". فيما نقلت تقارير إعلامية عن مصادر حكومية تعليقها على العقوبة بأنها "ضمان" لعدم تعدي الصحفي على حريات باقي المواطنين. وبدوره قال عضو هيئة الدفاع عن صحيفة المساء: إنه يخشى أن "تكون مثل هذه الملفات من بين الوسائل المعتمدة لتقليم أظافر الصحافة الجادة". وسبق لنيني أن تعرض لاعتداء بالضرب والجرح بالسلاح الأبيض قبل شهرين وسط العاصمة الرباط، بعدما اعترض طريقه 3 أشخاص مجهولين. سابقة "المرابط" وكان الصحفي المغربي علي المرابط الذي يعمل بصحيفة "إيل موندو" الإسبانية حاليًّا قد منع بقرار قضائي عام 2005 من مزاولة الصحافة بالمغرب لمدة 10 سنوات كاملة. وجاء القرار على خلفية دعوى أقامتها جمعية "أقارب الصحراويين من ضحايا القمع" بدعوى التشهير، بعد أن قام بنشر مقال في الصحيفة الإسبانية تحدث فيها عن سكان مخيمات تندوف الخاضعة لسلطة البوليساريو بالتراب الجزائري "بشكل سلبي"، بحسب رواية الجمعية التي لم تكن معروفة قبل إقامتها هذه الدعوى. عن إسلام اونلاين.نت