من مقامات مفجوع الزمان الجوعاني حدثنا مفجوع الزمان الجوعاني ، وهو من ضحايا القمع المجاني ، فقال : حدثني ابن أبي الرعاية ، صاحب الألف حكاية وحكاية ، فقال: دعيت فيإحدى الليالي الماضيَهْ ، إلى مائدة مستديرة حواريَهْ ، لتدارس أوضاع المرأة الحاليَهْ ، فأوليت الموضوع عناية فائقَهْ ، وقمت جاهدا بلهفة صادقَهْ ، بالبحث في الكتب والمجلدات السابقهْ ، راميا من وراء هذا التنقيبْ ، الإستفادة من كل باحث لبيبْ ، والرد على كل متنطع مُعيبْ. فوجدت بعد بحث متواصلْ ، أن الحديث عن وضعية المرأة والمشاكلْ ، يعد من قبيل تحصيل حاصلْ ، وأن العبرة في النتائج والحواصلْ ، وفي تطبيق ما اتفق عليه من نقاط وفواصلْ ، ... وأنه لكي نميز شعبان من رجبْ ، ولكي نضمن للمرأة حقوقها بين العجم والعربْ ، يجب الوقوف على الماضي عن كثبْ ، فالمرأة فيما مضى وذهبْ ، كانت تعتبر نذير شؤمٍ ، ، وحيّة تسعى بسمٍّ ، وخطيئة آدم عند قومٍ ، مهضومة الحقوق في الدنيَا ، ومنزلتها بين الناس هي الدنيَا ، وهي لا تستطيع أمراولا نهيَا ، بل ولا تعرف لجسدها حقَّا ، ولا لكلامها صدقَا ، ولا لرقها عتقَا ، تخفض فلا ترفعْ ، وتشكو فلا تسمعْ ، وهي دوما للرجال تركعْ ، ومنهم كل الفزع تفزعْ. وكان إذا ما بشر أحدهم بازدياد الحريمْ ، ظل وجهه مسودا وهوكظيمْ ، ليختار وأد المولودة بالليل البهيمْ ، وكان محرما على المرأة في ذلك الزمنْ ، قول لا ولنْ ، فإذا تمردت تطعنْ ، وإذا ما ذكرت تلعنْ ، وحرام لها الإرث والوصيَّهْ ، بل تورث كالأمتعة اليدويَّهْ ، أو تباع لجلسة جنسيَّهْ ، فإذا ما اعتلاها المشيبْ ، بادروها بالتهميش والتعذيبْ ، وجعلوا النيران لعظامها تذيبْ . وما تغير هذا الحال المنكَّدْ ، حتى بعث النبي محمدْ ، بدين الإسلام الممجدْ ، فشهد العالم بأسرهْ ، أن المرأة تنتصر بنصرهْ ، وتفتخر بفخرهْ ، فهو الذي وجدها معوجة فقومهَا ، وهو الذي أكرمها فنعمهَا ، وبالشرط والمهر على الرجال سلمهَا ، فنفى بينها وبين الجنس الآخرْ ، أي تفاضل يتكاثرْ ، أو انتقاص يتناشرْ ، بل بين رسول البشرية ومعلم الأجيالْ ، أن المرأة ماهي إلا شقيقة الرجالْ ، في جميع الأزمان وشتى الأحوالْ ، فمن نظر إليها نظرة شزراءْ ، فهو يخبط خبط عشواءْ ، حين يدعي انتسابه لخاتم الأنبياءْ ، فأعطاها هذا الدين حق البيعَهْ ، وعاقب من آذاها بأية شنعَهْ ، فشرع من أجلها حد القذفْ ، ونهى عن معاملتها بالعنفْ ، حتى أزال عنها ومنها رائحة الخوفْ ، فبين ما لها وما عليهَا ، إلى أن عادت كل الحقوق إليهَا ، من أخمص قدميها إلى أعلى أذنيهَا . فلما التحق النبي بالحياة الخالدهْ ، وجاء عهد الخلافة الراشدهْ ، ظلت المرأة بالإسلام شاكرة حامدهْ ، وأمام الشرك قوية ومجاهدهْ ، تربي الفتى المجاهدْ ، وتحضر الحلق والمساجدْ ، وتشيد المجتمع الرائدْ ، فلما أصبحت الخلافة ملكا أمويَّا ، رأينا كيف شاركت المرأة شفويَّا ، في تسيير ملك صار عباسيَا ، ولله در الخليفة المعتصمْ ، حين أقسم أنه سيجعل الحروب تحتدمْ ، بينه وبين ملك لا يحتشمْ ، بسبب صرخة امرأة ضعيفَهْ ، أبت إلا أن تكون شريفة عفيفَهْ ، أمام مختطفين من دولة سخيفَهْ ، فنادت ولا ملجأ لها إلا اللهْ ، وامعتصماهْ وامعتصماهْ ، فأجاب الصرخة رحمه اللهْ ، ليبين للعالم أجمعْ ، أن المرأة في الإسلام لا تقمعْ ، وأن الذل بجوانبها لا يتربَّعْ ، بل يذاذ عنها بحد السيفْ ، حتى تأمن من الهلع والخوفْ ، وحتى تعيش مطمئنة بالشتاء والصيفْ. وهكذا دواليك يا مفجوعْ ، ظلت المرأة في مختلف الأقطار والربوعْ ، عونا وسندا لكل الفئات والجموعْ ، إلى أن أمست عظام المجتمع الإسلامي نخرهْ ، وأضحت كل البلايا فيه منتشرهْ ، فأصبحت المرأة فيه غير مستترهْ ، بل رجعت كل العادات والتقاليد القديمهْ ، إلى أمة كانت بالأمس مستقيمهْ ، فعادت المرأة تمشي كما تمشي في مأدبة اللئام اليتيمهْ ، ومما زاد الأزمة تأزمَا ، إستعمار جاب الأقطار تسرعا وتقدمَا ، ولم يبقي شبرا كان بالأمس مسلمَا ، ، فحرر المرأة من كل تقاليد الإحتشامْ ، وحاول جاهدا بما لديه من فكر هدامْ ، محو علاقتها بتعاليم الإسلامْ ، فعقد من أجل ذلك المؤتمرات والمؤتمراتْ ، ورفع لحريتها عدة شعاراتْ ، وأنشأ للدفاع عنها جمعيات وجمعياتْ ، وما درت المتيمة بحلاوة النعمْ ، أن دعوة الاستعمار لتحررها من العادات والقيمْ ، ماهي الا السم في الدسمْ ، فصارت تطالب بأعلى الأصواتْ ، مساواتها مع الرجل في كل القِسماتْ ، وإنقاذها من الضياع المزعوم والشتاتْ ، فأنشئت لها مدونات الأسرْ ، وجعل الطلاق بيدها والله أكبرْ ، وأعطي لها مالم في القرآن يذكرْ. والنتيجة مع مرور الأيام والسنينْ ، مآسي لها في كل الآذان رنين ورنينْ ، وكوارث ما لها من سلطان مبينْ ، فحالات الاغتصاب في كل يوم تزدادْ ، والعنوسة حرب قاسية العتادْ ، أعلنت على النساء شعار الجهادْ ، والأمهات العازباتْ ، في الموت هن راغباتْ ، ومن كن بالأمس قانتات راهباتْ ، تبرجن تبرج البغي والسفورْ ، مادام الشاب الطالب للزواج المشكورْ ، يشكو من قصر اليد وغلاء المهورْ ، بل أكثر من ذلك مريرْ ، فعدد حالات الطلاق كثير وكثيرْ ، والطفل الطري الصغيرْ ، يجوب الشوارع متشردا بالطول والعَرضِ ، مادامت حرمة النفس والعِرضِ ، قد مزقها طلاق لله لا يرضي ، وابكي أنت يا أخِي ، من هذا الوضع المتسخِ ، الذي جعل المرأة مابين نهار وليل مرتخِي ، دمية يتلاعب بها كل مستهترْ ، وحجة يلتمسها كل مستعمرْ ، للنيل من دين عنه الكل يستفسرْ ، واضحك انت بنفس لائمة ومعاتبهْ ، من قرارات للنساء رافعة وللرجال ناصبهْ ، ثم اختر معي العبارات المناسبهْ ، لدعوة المجتمعات الاسلاميهْ ، إلى الرجوع للقرآن والسنة النبويهْ ، ففيهما حل لكل المشكلات المستعصيهْ . فدونت يا مفجوع الزمان الجوعاني ، ما سمعتَه منذ ثواني ، واقترحت في التدوين حلا لبعض ما منه المراة تعاني ، فلما جاء يوم المائدة الحواريهْ ، أجلسني الداعي والداعيهْ ، في المكان المخصص إلي بتلقائيهْ ، فقلّبت بصري في القاعهْ ، ونظرت مليا إلى الجماعهْ ، فلم أجد للحجاب اندفاعَا ، ولفت انتباهي بدهشة كبيرَهْ ، عنوان المائدة المستديرهْ ، فقد كان مكتوبا عليها بخطوط مثيرهْ ، " لا للعنف ضد النساءْ ، لا لجعلهن عرضة للشقاءْ ، لا لسلبهن حقوقهن العصماءْ ... "" ، .... وانطلقت مداخلات المائدهْ ، واستمعت بآذان شاهدهْ ، إلى كل الآراءالوافدهْ ، فمنها الذي السم منه ينزفْ ، ومنها المزايد المجحفْ ، ومنها العادل المنصفْ. وجاء دوري في المداخلهْ ، فتلوت ما استنتجته من معادلهْ ، من غير زيغ أو مجاملهْ ، فلم أكد أكمل ما عندي من كلامْ ، حتى غضب علي السادة الكرامْ ، واتهموني بكل ألوان الإتهام ، فلما رأيت الجهل منهم باديَا ، ورأيت كيف صار عادلهم طاغيَا ، صرخت في أوجههم مناديَا ، : يامن لدعاة الفساد انتصروا ، وبأفكار الغرب جاؤوا وما استتروا ، ولتضييع المرأة انتشروا ، لا للعنف ضد الرجالْ ، لا لجعلهم أضحوكة الأجيالْ ، لا لتشويههم في كل الأعمالْ ، لا لجعلهم أوهن من العنكبوتْ ، لا لوصفهم بأبشع النعوتْ ، لا لتحميلهم المسؤولية في خراب البيوتْ ، ولا للعنف ضد النساءْ ، بإخراجهن صباح مساءْ ، من بيوت الحشمة والوقار والحياءْ ، وتصويرهن كضحايا للبؤس والحرمان والشقاءْ. وآخر الكلام الفصل يا أهل النضالْ ، ، : """ ما النساء إلا شقائق الرجالْ """ ، فعفوا يا آنستي ، إن هدأت بالمقامات لوعتي ، وعذرا يا سيدتي ، إن جعلت الروي مني إليك هديتي ، فإنك من غير رياء أو نفاقْ ، مدرسة للأبناء والإخوان والرفاقْ ، فأعدي لنا ياراية ترفرف في الآفاقْ ، أمة طيبة الأعراقْ ،... بقلم : محمد ملوك كاتب من المغرب