قياسا على عنوان الكاتب المصري علاء الأسواني "لماذا لا يثور المصريون" الذي انصح به من يطلع على مقالتي هذه أن يطلع عليه؛ ذلك أن الكتاب خرج قبل حدوث الثورة، وكان الرجل ومازال يفكك بنية النظام الحاكم وطبيعة السلطة بالمنطقة، في تحليل راق وقوي يفكك فيه البنية، ولا يترك مجالا للبلطجة المثقفين أن يلتفو حلو الحراك الشعبي بمقولات وبخرجات مدفوعة مسبقا بدريهمات وبمساومات مخزنية، وهو ما حصل في بلدني السعيد، مغرب الإستثناء ومغرب ثورة الصناديق ومغرب الخيار الثالث، الذي تجند لترويج هذه المفاهيم ثلة من المثقفين والإعلاميين والحزبيين الذين أقل ما نقول عنهم انهم ارتضو أن يبيعوا ضمائهم من حيث يدرون او من حيث لايدرون، لثلة فاسدة بالبلد، وجدت من يدافع عن استبدادها وعن استحواذها على ثروة البلد. الشاهد عندي هنا ليس الوقوف على الفساد الماكرو، بقدر ما أريد الوقوف على الفساد الميكرو المتجلي ببعض البقاع بهذا البلد السعيد، أريد من خلال هذه الاسطر ان أستنهض نخبة محلية لمدينة تقع جنوب شرق المغرب لتأسيس "بيان اجتماعي" نؤسس فيه لوعي ومواكبة ومسايرة للتحركات التي تقع بعدة مدن انتفضت ومرغت الأوباش على وجوههم، لا نريد ان نؤسس لفعل عنفي او ثوري كما قد يبدو، ولكن كيف ينتفض سكان إمضير وسكان ايت بوعياش وسكان تازة وسيدي افني وعدة مداشر ليست ببعيد عن الحال الذي تعرفه مدينة طاطا، من بؤس ثقافي وحرمان اجتماعي وعطالة متفشية واستثمارات ضئيلة، وطرق هشة وبنية تحتية منعدمة وخدمات صحية واجتماعية وسوسيو ثقافية هزيلة، كيف لا تنتفض هذه المدينة وقد بيع ربعها للإماراتيين بدون عوائد ترجع على السكان بالنفع، كيف لا تنتفض هذه المدينة والساكنة تتحدث عن مناجم فضة وذهب بنواحي أقا وببعض النواحي، كيف لا تنتفض النخبة المثقفة والجمعوية والإعلامية وترينا حقيقة المناجم الموجودة بمدينة طاطا، كيف لا تنتفض هذه المدينة وجل آباءها وشيوخها من المساهمين في استقلال البلد، وثلثهم كان بسجون العار بتندوف، كيف لا تنتفض هذه المدينة وأغلب شاباها ليس لهم غلا منفذ كارتية الإنعاش المذلة، وحلول ترقيعية فارغة، لماذا دائما لما تستنهض المدينة والساكنة لا يجدون من الجهات المعنية غير حلول الكاتريات والقوالب دالسكر والخناشي د الدكيك، وكأن الساكنة ليس لها من هم إلا مثل هذه الحلول التي لا تزيد إلا المنطقة بؤسا وشقوة، لماذا هذا التعنت في عدم اخراج مشاريع استثمارية حول أهم معدن هناك وهو "التمر" والنخيل الذي قتله بالبيوض، لماذا مازالت طاطا خزان شبابي فقط لمهن هامشية، لماذا ارتكنت النخبة لنضال هامشي ناعم يذكي الفساد القائم، أليس فينا رجل رشيد؟؟ أليست فينا نخبة وشباب يلعب دور المثقف العضوي الذي ينقذ ما يمكن إنقاذه ويستنهض ما يمكن استنهاضه؟ أوا حالنا أفضل من سكان امضير وسكان تازة وأيث بوعياش؟ اوا حالنا افضل من سيدي افني؟ أوا حالنا أفضل من كل تلك المداشر التي صدحت بشكل سلمي وحضاري عن مطالبها؟ وتمت مقاومتها بتدخلات همجية من طرف السلطة التي لا تتقن إلا فن العصا؟ اولم يكن حادث حمل السكاكين على المعطلين فرصة لإستنهاض الساكنة؟ لماذا ارتضت نخبة هذه المدينة الهروب عن التحليل والمساندة والتوحد والنزول لتلك المدينة وتحريك ملف مطلبي حقيقي ومستمر؟ ألم يحن أن تسترجع المدينة هيبتها من ذل المسؤولين لها ومن احتقارها؟ ألم يحن اليوم الذي تسترجع فيه أيام النضال والفعل الإحتجاجي الحقيقي الذي يؤتي بالخير على المدينة؟ وليس الإكتفاء بنضال لا يزيد البؤس إلا بؤسا؟ اليوم مدينة طاطا تحتاج من نخبتها ومن شاباها ومن سكانها أن يقفوا وقفة حقيقة مع الذات؟ وأن يتم استرجاع الهيبة التي أفقدها المخزن من هذه المدينة ومن الساكنة، اليوم أيها الشباب أيتها الساكنة الرهان على فعل احتجاجي سلمي حضاري راق أصبح ضرورة، والتأسيس لهذا الفعل يبتدئ بمسايرة ومتابعة وجهد بين كل أطياف ومكونات المدينة، من طلبة ومعطلين وأساتذة وباحثين، وجمعويين كل ذلك من اجل أن لانرضى للمدينة أن تكون ثكنة مخزنية لمشاريع لها إلا مشاريع بمقاربة امنية. بالله عليكم أوا المدينة تحتاج إلى ترقيم للمنازل ومزيد من البوليس والعسكرة؟ وهي التي لاتتوفر حتى على طريق واحد معبد كامل، وهي التي تفتقر أغلب أحيائها إلى التزفيت والتعبيد؟ إنها هموم وغموم وجغرافيا صعبة، ومنطق التاريخ يقول بان السكوت لن يأتي إلا بالمذلة، وبان الصمت لن ينفع إلا ناهبي المال العام، وخدامهم، غن منطق التاريخ يقول بأن ارتهان النخبة لكارتيات وكريمات في مقابل الصمت عن الحديث عن واقع المنطقة لن يزيد إلا من الذل والبؤس لساكنة تحتاج إلى تأطير ووعي؟ أقول هذا الكلام، ومناضلو المدينة والمدافعون عنها إلى الآن مازال في نضال مستمر ومتواصل من أجل تحقيق الكرامة والعدالة الإجتماعية بالمنطقة، ولكن مازالت تحتاج لفعل وحدوي نؤسس فيه "لبيان اجتماعي" حول المدينة؟