النظافة بمدينة القصر الكبير صارت حديث الساعة، وكلاما يتداوله الصغير قبل الكبير، حيث يتم خلاله الخوض في أمور كثيرة، حتى ما لا علم لهم به، ويتم قذف بوابل من التهم، وظلم أناس بغير الحق، وإلقاء اللوم عليهم، ومن باب الغيرة على مدينتي أولا، ومن باب إنصافها وإنصاف من يظلمون بغير الحق ثانيا ارتأيت أن أكتب هذا المقال، بعد بحثي في هذا الموضوع واستياق الحلول ممن يهتمون بتدبير الشأن المحلي بالمدينة. فحينما نتكلم عن النظافة بمدينة القصر الكبير، فإننا نقارنها بمدينة طنجة على سبيل المثال أو أكبر المدن بهذا البلد السعيد، وهي مقارنة تفتقر لأدنى شروطها وظالمة لمدينة بحجم القصر الكبير، بحيث لكل مدينة خصائصها وثقافتها وسكانها، وكذلك الشأن إن قارناها بمدينة صغيرة، كما أننا حينما نتكلم عن مشكل الأزبال – أعزكم الله - بمدينتنا، فإننا نحمل المسؤولية للقائمين على الشأن المحلي للمدينة، متناسين مسؤوليتنا كمواطنين أولا. قبل أن نفكر في نظافة مدينتنا وجب علينا أولا أن نفكر في نظافة عقولنا وبيوتنا وأحيائنا، فبهذه المراحل الثلاثة ستصير مدينتنا نظيفة أكثر مما نتصور، وأنا أتحدث في صلب موضوع النظافة تعود بي الذاكرة إلى أيام التسعينات، فحينما كنت أستيقظ للذهاب إلى المدرسة صباحا كنت أجد الأمهات الجيران سواء بحينا أو بباقي الأحياء التي أمر بها، كلا تقوم بكنس باب بيتها، وحتى حينما يتعذر على أحد الأمهات الاستيقاظ مثلا وكنس المكان الخاص ببيتها، تنوب عنها إحدى الجارات، فتجمعن ما تم كنسه من غبار وتضعنه في كيس بلاستيكي ويقمن بإدخاله إلى بيوتهن وبهذا يصير الحي نظيفا، نفس الأمر حينما يكون عمال النظافة مضربين عن العمل، فإن الجيران كانوا يتعاونون فيما بينهم لنقل جميع أزبال الحي المنزلية بعيدا عن الحي، وعن مكان لا يوجد به سكان، حينها كانت الوسائل قليلة وعادية والمدينة كانت نظيفة. إن النظافة بمدينتنا ليست إشكالية مسؤولين ومجلس بلدي، أو غيرهم، خصوصا وأن هؤلاء المسؤولون يقومون بما يجب القيام به، وهو تكليف بعض عمال الإنعاش بكنس شوارع المدينة من الغبار مرتين في اليوم صباحا ومساء، إرسال شاحنات دورية كل يوم لجمع القمامة المنزلية، وتنظيف البؤر السوداء بالمدينة، بالإضافة إلى أن المجلس البلدي قام خلال مدة قريبة بالاتفاق مع سكان بتلك البؤر السوداء على الساعة التي يريدون فيها شاحنة لجمع القمامة حتى يكون الجميع قد أخرج جميع ما لديه من أزبال –أعزكم الله- إلا أنه وبعد مدة قصيرة من ذلك الاتفاق تمت مخالفة تلك الساعة، بل تم اكتشاف أنه حتى في بعض الأحياء الأخرى هناك من يتعمد إخراج القمامة بعد رصد مرور شاحنة النظافة، فمن خلال ما سبق وما سيأتي يتضح جليا أن النظافة بالقصر الكبير هو إشكالية وعي، كذلك ينجلي الشأن في عدم المحافظة على ما اقتناه المجلس البلدي من حاويات، فخلال سنتين تم تدمير وإحراق أو سرقة معظم الحاويات الصغيرة والكبيرة الحجم التي كانت تغطي معظم شوارع المدينة وأحيائها على التوالي. فمن خلال بحثي عن الحلول كمواطن مهتم اتضح أن المجلس البلدي يعمل على تفويت هذا القطاع لأنه الحل الذي ارتآه مناسبا، ففي حدود الأشهر المقبلة سيتم تفويت تدبير هذا القطاع - النظافة- إلى القطاع الخاص لأنه تبين أن تدبير هذا المرفق من طرف الجماعة أمر غير ممكن لأنه مرتبط بمجموعة من الإشكاليات التي لا يلمسها عامة الناس ويعاني منها المسؤولين والموظفين بجماعة القصر الكبير خصوصا ان تحدثنا عن الوسائل المسخرة لهم في تدبير هذا القطاع، وبالتالي فإن الحل البعيد الأمد يقتضي تفويت هذا القطاع للشركات الخاصة لما لها من امتيازات وفوائد تعود على المدينة بالنفع كالسرعة في الأداء وذلك لوفرة الوسائل العصرية، ناهيك عن الاحترافية، وبالتالي فإن اقتناء حاويات للأزبال من جديد كما يعتقد البعض كحل آني بهذه الأيام، بات أمرا من غير الممكن، حيث أنه من غير المعقول اقتناء حاويات خلال شهر أبريل و تفويت القطاع خلال شهر يونيو مثلا. فقبل تحميل المسؤولية للغير، والمطالبة بمحاسبتهم، يجب علينا كمواطنين أن نحاسب أنفسنا اولا، ونتساءل هل نقوم بدورنا كمواطنين؟، بعدها وجب أن نتساءل عن مسؤولية الغير ما هي ؟ وهل يقوم بها؟ وما هي الإشكاليات التي تعيق أداءه لما عليه على أتم وجه، قبل أن نلقي أحكاما صاروخية في حق البعض ونظلم أنفسا بغير الحق. أعتقد جازما أنه من الصعب تحمل المسؤولية في مجتمعنا، حيث أننا لن نصل إلى حياة أفضل بعقلية سائدة متكلة وغير متعاونة، و متهربة من مسؤولياتها ومجتمع يرمي كافة المسؤوليات على الغير، يقول غاندي في إحدى مقولاته الشهيرة: « كن أنت التغيير الذي تريد أن تراه في هذا العالم «لكني أعتقد في الآن ذاته أن المخاطب في هذه المقولة ذلك المجتمع المبادر وليس المتكل على الغير والمتنصل من المسؤوليات. ما قام به المجلس البلدي خلال هذه المدة لم يقم بها أي مجلس خلال السنوات المنصرمة، و حينما أقول كلاما من هذا القبيل ليس من باب الأنانية و المزايدة بل هو من استنتاج من عايشوا تلك التجربة، ومادامت إشكالية الوعي قائمة، فإن دار لقمان ستظل على حالها حتى وإن كان رجب طيب أردوغان رئيسا للمجلس البلدي المدينة، فالخصاص الذي تعاني منه المدينة مهول ومهول جدا و يتطلب تظافر الجهود بين المواطنين والمسؤولين والفاعلين بقدر ما يتطلب زمنا و جهدا و مالا للتخفيف منه.