كثيرا ما تؤثث الالترات المغربية جنبات ملاعب كرة القدم بتيفوات متنوعة تعبر عن إعجاب وارتباط هاته الجماهير بفريقها أو تستقبلها بعد إحرازه للقب محلي أو إفريقي، أو حتى لتذكر الفريق بتاريخه المجيد وبألمع نجومه الذين مروا بهذا الفريق. لكن الذي بات من المدهش فعلا وصار يعد ظاهرة الملاعب المغربية هو رفع الأعلام الفلسطينية في المدرجات منذ زمن قريب، وهو الأمر الذي برز بكل قوة في التيفو المبدع الذي رفعته الجماهير التطوانية في مباراة القمة عن الدوري المغربي الممتاز بين نادي المغرب التطواني والوداد البيضاوي الموسم الحالي، حيث كان موضوع التيفو : "القدس والمسجد الأقصى". فلسطين في قلب الجماهير المغربية وقد سبق للجماهير المغربية أن رفعت العلم الفلسطيني في الملعب الكبير بمراكش حين قابل المنتخب المغربي نظيره الطانزاني، حيث رصدت الكاميرا الناقلة لأطوار المباشرة للمباراة علم فلسطيني بحجم كبير وهو نازل مع أمواج الجماهير المغربية المنتشية بتسجيل أحد أهداف المباراة التي انتصر فيها الأسود بثلاثية ساحقة. الذين رفعوا العلم حينها كانوا من شباب يطلقون على أنفسهم : ائتلاف شباب مغاربة الانتفاضة الفلسطينية. وسبق لهؤلاء الشباب أن رفعوا ذات العلم في مباراة الوداد البيضاوي ضد الترجي التونسي العام الماضي بملعب محمد الخامس بالدار البيضاء. في الوقت الذي تم فيه رفع أعلام فلسطينية في آخر مباراة للديبري البيضاوي من السنة الماضية. لكن الأمر ليس حكرا على شباب الائتلاف ولا على مشجعي الوداد ولا الرجاء ولا المغرب التطواني، فالذين يرفعون أعلام فلسطين كبيرها وصغيرا ليسوا فلسطينيين أيضا ولا خليجيين، وليسوا أعضاء في جمعية ولا هيئة لنصرة فلسطين، ولا حتى أطفال اختلطت عليهم أعلام فريقهم المحلي والوطني بفلسطين. إنهم مشجعون مغاربة استهواهم حب كرة القدم لتشجيع فريقهم لكن دون أن تنسيهم حرارة المدرجات ومرارة النتيجة أو حلاوتها في التعبير عن حب عميق يكنونه لقضية ارتبط بها المغاربة ارتباطا غريبا وعجيبا وحملوها معهم إلى داخل الملاعب الرياضية بعد أن كانت رهينة مظاهرات الشوارع والجامعات. من المغرب إلى برشلونة .. حب مغربي لفلسطين في وقت قريب جدا، لفتت المشجعة المغربية سعاد فاني، ممرضة شابة قاطنة ببرشلونة ومنحدرة من وزان، لفتت أنظار الملايين من المتتبعين بحرصها الدائم على تشجيع فريقها الكاطلاني "اف سي برشلونة" وحضور جميع مبارياته بالملعب الشهير "نو كامب" حاملة علم فلسطين ولافتات تدعو لإنقاذ المسجد الأقصى. سعاد لما سئلت عن سبب فعلها هذا صرحت بأن رفع أعلام فلسطين وكتابة اليافطات التي تدعو العالم للانتباه لقضيته كبلد محتل، وإنقاذ المسجد الأقصى من خطر التهويد، قد تحرّك ضمائر البعض، كون مباريات برشلونة تحظى بمتابعة مئات الملايين عبر العالم. موضة أم تعبير صريح رفع الأعلام الفلسطينية في الملاعب الرياضية ليس صناعة مغربية، فالأمر بات عاديا في الملاعب المصرية، والغريب أن هذا التعبير التضامني بات أيضا أمرا عاديا في بعض الملاعب الأوربية. ويكفي أن اذكر هنا أهم وأشهر المباريات التي تم فيها رفع العلم الفلسطيني كالمباراة الافتتاحية لكأس العالم 2010 بجنوب افريقيا ومباراة ريال مدريد ضد اياكس امستردام بملعب السنتياجو برنابيو عن كأس الاتحاد الأوربي، ومباراة الترجي التونسي ضد مونتيري المكسيكي في بطولة كأس العالم للأندية 2011 باليابان. والصريح في الأمر أن من يرفعون الأعلام الفلسطينية ليسوا سوى مشجعين عاديين عربا كانوا أم غربيين تضامنوا بشكل تلقائي مع قضية شعب يحترق ويكتوي يوميا بنار الاحتلال الصهيوني، نقلوا هذا التضامن من صراخ مسيرات الشوارع والجامعات داخل ملاعب اللغة الموحدة فيها هي لغة الحماسة والفرجة الجماعية من جهة، ولغة التعبير عن حب الفريق بالتيفوات وعن التضامن مع قضايا الأمة برفع الأعلام من جهة أخرى. السر في دخول فلسطين لقلب الملاعب المغربية .. ويرى بعض المتتبعين على أنه بالإضافة إلى الدافع التضامني مع القضية، فإن الدافع الأساسي في رفع الجماهير المغربية هو استثمار الحضور الكمي الكبير للجماهير والنقل المباشر للمباريات من أجل إيصال رسالة التضامن مع فلسطين وباقي الدول العربية كسوريا وتونس ومصر أيام ربيع الثورات، كما أن انتعاش الملاعب الرياضية المغربية بتنظيم الجماهير في قوالب تسمى "الايلترات" سهل الأمر على هاته الجماهير لنسج ما سمى "تيفوات" في صور فنية معبرة وترديد شعارات موحدة تهتف باسم فلسطينوالقدس الشريف.