وضع خطاب الملك محمد السادس، بمناسبة الذكرى الخامسة والأربعين للمسيرة الخضراء، الذي ألقاه مساء السبت، استراتيجيةً جديدةً لتنمية الأقاليم الجنوبية تقوم على اقتصاد بحري حقيقي. وجاء في الخطاب الملكي أن المغرب أكمل خلال السنة الجارية ترسيم مجالاته البحرية بجمعها في إطار منظومة القانون المغربي، في التزام بمبادئ القانون الدولي، وهو ما سيدعم المخطط الرامي إلى تعزيز الدينامية الاقتصادية والاجتماعية. وقال الملك في خطابه إلى الشعب إن "الواجهة الأطلسية، بجنوب المملكة، قُبالة الصحراء المغربية، ستكون واجهةً بحريةً للتكامل الاقتصادي والإشعاع القاري والدولي الذي سيتعزز أساساً بميناء الداخلة". وأكد الخطاب الملكي أن "العمل سيتواصل على تطوير اقتصاد بحري حقيقي بالأقاليم الجنوبية لما تتوفر عليه، في برها وبحرها، من موارد وإمكانات، كفيلة بجعلها جسراً وصلة وصل بين المغرب وعُمقه الإفريقي". وذكر الملك أنه "يتعين الاستثمار في المجالات البحرية، سواء تعلق الأمر بتحلية ماء البحر، أو بالطاقات المتجددة، عبر استغلال مُولدات الطاقة الريحية، وطاقة التيارات البحرية". وتعليقاً على الخطاب الملكي، قال إدريس الفينة، الخبير الاقتصادي ورئيس المركز المستقل للتحليلات الاستراتيجية، إن الخطاب الملكي جاء باستراتيجية جديدة لتنمية الأقاليم الجنوبية مبنية على الاقتصاد الأزرق. وأشار الفينة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن الخطاب أكد على "الاستمرار في دعم مُسلسل تنمية الأقاليم الجنوبية، خصوصاً بعد استكمال ترسيم مجاله البحري بتوافق مع الجار الإسباني". وأضاف الخبير الاقتصادي أن "الملك قدم منظوراً استراتيجياً جديداً يروم جعل هذه المنطقة قاطرة للتنمية والتكامل الاقتصادي والإشعاع القاري والدولي، حيث سيشكل الاقتصاد الأزرق إحدى رافعاته الأساسية من خلال الدور المحوري لميناء الداخلة". وأوضح الفينة أن هذا المنظور الاستراتيجي يرتكز على "تطوير مُختلف الموارد البحرية والبرية للمنطقة، ومن بين المشاريع المهيكلة المقترحة الاستثمار في تحلية مياه البحر والطاقات المتجددة والسياحة البحرية والداخلية". وتحدث الخطاب الملكي عن المكاسب المتعددة، التي تم تحقيقها على مُستوى الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي، وكذا على المستويين القانوني والدبلوماسي، والتي تم تلخيصها في رقم واحد هو أن 163 دولة عضوا في هيئة الأممالمتحدة، أي 85 بالمائة، لا تعترف بالكيان الوهمي وأطروحاته المتجاوزة. وأشار رئيس المركز المستقل للتحليلات الاستراتيجية إلى أن "هذه المكاسب تؤكدها مُختلف الشراكات الاستراتيجية مع عدد من القوى الدولية الكبرى تشمل دون تحفظ أو استثناء الأقاليم الجنوبية للمملكة كجزء لا يتجزأ من تراب المملكة المغربية". كما أوضح الفينة أن خطاب المسيرة الخضراء يؤكد "التزام المغرب بالتعاون مع الأممالمتحدة للتوصل إلى حل نهائي على أساس مُبادرة الحكم الذاتي، ورفضه كل الاستفزازات لتغيير الوضع القانوني شرق الجدار الأمني أو أي استغلال غير مشروع لثروات المنطقة، وأن المملكة ستبقى متشبثة بالمنطق والحكمة والجاهزية المستمرة للتصدي لكل أشكال التجاوزات".